جرّبوا أن تقرأوا لإدوارد بعُمق, ولاحظوا مقدار الفرقِ بداخلكم اتجاه ما يكتُب!

قال عنهُ إدوارد بنفسـه: "كـتاب مُنعـِش"

هذا كتاب شديد السخاء، يصعبُ الحديث عنه من فرطِ اتّساعه.


من يقرأ إدوارد سعيد يعرف أنَّ الرجل يتعفّف عن اللغة القطعية، عن العبارات النهائية، عن المنطق الثنائي.


إلا أنه حاسمٌ بشأن أمور محدّدة، على رأسها رفضه لفكرة النّقاء، وتأييده لامتزاج الأشياء، ابتداءً بالأدب وانتهاءً بالسيّاسة.


فـ "الممتع في الأدب هو درجة امتزاجه بالأشياء الأخرى، لا نقاوته".


والمجتمع المتجانس هو مجتمع فاشي، إقصائي، عنصري. [هل أقول إسرائيل؟] ونقيض لطبيعة الإنسان وكثرته.


وأجمل ما في الأدب أنه مصمّم لخلخلة فاشية التشابه، للاحتفاء بالتعدد وللتعقيد، للتلويح بعجز أمام الحقيقة لأنها تستعصي علينا دائمًا.


كتاب جميل، وبتعبير إدوارد سعيد نفسه، كتاب "مُنعش".



يُشكل كتاب «السلطة والسياسة والثقافة – حوارات مع ادوارد سعيد»، الذي أعدّه غاوري فسواناثان، وترجمته نائلة قلقيلي حجازي، (دار الآداب 2008) مدخلاً مختلفاً الى الجهود الفكرية والمساهمات النقدية للمفكر الفلسطيني الراحل (1935 – 2003)، هذه الجهود التي انضوت في سياق ثقافي مكتنز، وفي منظومة تحليلية نقدية تملك صدقيتها ومشروعيتها ومكانتها المميزة في الفكر والثقافة المعاصرة

في هذا الكتاب يمكن المرء أن يلمس عن كثب مدى استعانة ادوارد سعيد بشبكة واسعة ومتنوعة من المرجعيات التي تصدر عن رؤية فكرية شمولية، وتوظف المنهجية الحديثة للخوض والبحث والتدقيق في الموضوعات الإشكالية الحديثة.

وعلى شكل سؤال وجواب نكتشف سيولة فكر سعيد واتساع مداه وبلاغته، ووقفته الخاصة أمام السؤال، وأيضاً انسانيته المتوقدة، ودائماً التزامه الثابت بقضية فلسطين. ينقسم الكتاب الى جزءين، الأول هو: الأداء والنقد.

والثاني: العلم ومذهب الفعالية. وثمة أجوبة لدى سعيد تنهض وحدها وتلقي الضوء على مشكلات النص وعلاقته بالحياة.

سعيد في هذا الصّدد: «النصُّ يُصنع عديد الكاتب والناقد والقارئ وهو مشروع جماعيٌّ إلى حد ما».

ويتوقف أمام عجز النقاد عن ربط «تحليلاتنا أو مقاييسنا الواقعية كما أسميها بالمجتمع والمؤسسات أو الحيوات المنبثقة عنها». ويصر سعيد على مسألة أن يكون الناقد أو المثقف استكشافياً طالما ان سؤال التغيير الاجتماعي يذهب بعيداً من سياقات القرن العشرين. ويعترف انه غارق حتى أذنيه بين الثقافة التي ولد فيها، والثقافة التي يعيشها. وهذا ما يدفعه بالتالي الى دراسة التاريخ العميق لظروف انتاج الثقافة وخصوصاً بين الحكام والمحكومين.

الإبــاء..

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات الإبــاء..

تدوينات ذات صلة