أرتدى ثوب أبيض مزين بنجوم البحر ، شعرى طويل ووجهى تنيره الابتسامة بعد أن أخفت عصابتى عينى وقيدت شعرى

رائحة الأمل

هكذا كانت تظن، هكذا كانت تتخيل

كنت أظن أننى أشبه سيدة العدالة ، فأنا مثلها معصوبة العينين ، هى عصبت عينيها حتى لا ترى إلا العدل ، وأنا عصبت عينيا حتى لا أرى إلا الأمل والسعادة، أنا أشبه تلك السيدة التى تحمل ميزان العدل ، ولكنى أحمل بين يدى الأمل، أنا هى تلك السيدة ولكنى أصغر سناً وأجمل وجهاً ، أرتدى ثوب أبيض مزين بنجوم البحر ، شعرى طويل ووجهى تنيره الابتسامة بعد أن أخفت عصابتى عينى وقيدت شعرى، أنا أقف عند شاطئ البحر تدفع قدمى المياة والرمال، فتدفعنى الأمواج فتتمسك يداى بالأمل لأننى لا أرى الحياة.ولكنى اكتشفت فجأة أننى سيدة كفيفة ، لا تنفعها عيناها فتعتمد على يديها، تتحثث الكون من حولها وهى لا تجد إلا الفراغ حتى تمسك يداها يد زوجها ، فتتمسك به كطفل يمسك بثوب أمه فى وسط زحام السوق ، فهى فاقدة للإرادة ، وتشعر وكأنها فاقدة للوعى ، هائمة على وجهها ، تشعر بالأمل عندما يحاول زوجها توجيهها ناحية اليمين أو اليسار ، فهى لا ترى هذا ولا ذاك ، ولا تري إلى أين ستأخذها تلك الطرق ، ولكنه الأمل فى أنها تتحرك ولا تقف ساكنة فى مكانها ، ولكنها تشعر بالرعب عندما يترك زوجها يدها فحأه ويختفى ، إنها أنا ، إنها سيدة كفيفة ترتدى جلباب أسود رث يهاجمها من يهاجمها من كل جهه فيتمزق الثوب ويمتلئ الجسد بالقطوع والجروح وينزف الدم ويزداد النزف ،وأوشك على الموت فتأتى يد زوجى لأتمسك بها مرة أخرى لتحمينى ممن يهاجمنى وأسأله فلا يجيبنى من يهاجمنى ؟بشر هم أم ذئاب وقبل أن يذهب عنى هلعى تختفى مرة أخرى يد زوجى فأتحسس حولى على أجدها ،وكأننى أصر على أن أتمسك بالسراب لأنى لا أجد الأمل و يهجم من يهاجم ويلح النزف حتى أفسد الدم حلمى وأيقظنى منه .فى الحقيقة هى ليست كذلك هى امرأه نزيلة بأحد المستشفيات الحكومية للأمراض النفسية والعقلية، هجرتها الحياة والأمل فهجرها عقلها ،أن تكون رجلا ويصيبك المرض العقلى والنفسى هذا عبء كبير ،أما أن تكون امرأه وتفقد عقلك فهذا عبء مضاعف ، هى سيدة مصابة باضطراب نتج عنه نزف شديد يستنفذ طاقتها ،ويأتى الطبيب النفسى ويوصى بحضور طبيب أمراض النساء ويأتى طبيب أمراض النساء ويوصى بحضور الطبيب النفسى ،وبعد جهد وأدوية وعقاقير يقف النزف ولا تمر أيام حتى يبدأ مرة أخرى من جديد أما عن زوجها فقد هجرها منذ سنين ،ومن تتمسك به هى أحد ممرضات المستشفى التى تساعدها فى العنايه بنفسها لتقاوم رائحه الدم ،رائحة اليأس ،رائحة الموت ، فالمرض النفسى أول مايحول بينك وبين شئ، يحول بينك وبين قدرتك على العناية بنفسك وجسدك .ولكن ذات يوم حضر من حضر ولم تصده عنها رائحة اليأس، اقترب منها وأمسك يدها وقبلها وقال لها أنا معك ولن أتركك.أنه ابنها وقد أصبح فى الخامسة عشر و أتى لزيارتها رغماً عن عمته وابيه و أصر على زيارتها وعندما رأى حالتها قرر ألا يتركها أبداً .وفى صباح اليوم التالى انقطع النزف ولم يعد مرة أخرى.. أنه الأمل...... إنها الحياة


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مدينتنا غير الفاضلة ارحلي

تدوينات ذات صلة