هل يوجد مايسمى اكسير الحياة في السوبر فود؟ لنعد قليلا إلى التاريخ عندما كان الموز طعاما ممتازا لنكتشف ذلك

"اشرب الشاي الأخضر لحرق الدهون"، "الشوكولاتة الداكنة لمحاربة الشيخوخة"، "جزرٌ يقويّ النظر"، "أطعمةٌ تحارب السرطان" وغيرها من العبارات المشابهة التي نقرأها ونسمعها تقريباً كل يوم .

فكم من طعامٍ قيلَ أنه طعامٌ خارقٌ انتشراسمه بين الناس انتشاراً سريعاً وتهافتوا على شرائه مثلما يتهافتون لشراءِ آخر موضةٍ من الثياب أوالالكترونيات، فكم من الجميل وجود مادة غذائيّةٍ خارقةٍ من الطبيعة ومن صنع الله تَقي من الأمراض، وتعالج بعضها، وتخلصنا من بعض الدهون الزائدة، وتشد الجلد وتحارب الشيخوخة وتقوي الذاكرة والقلب، وتطيل من أعمارنا، لكن يُعيدنا العلمُ للواقعِ ليخبرنا بـعدم وجودِ هكذا طعامٍ بعد، و البعض يعتقد أنه لربما لم يُكتشف إلى الآن.


ولكن مصطلح "الطعام الممتاز" حقيقة، فإلى ما يشيرُ وما أصلهُ؟

فمصطلح "الأطعمة الممتازة" (السوبر فود باللغة الانكليزية) مصطلح يطلق على الأطعمة التي تحتوي كميات عالية من الألياف أو مضادات الأكسدة أو الأحماض الدهنية أوغيرها من المواد التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتحسين الصحة ومقاومة الأمراض مثلما ينتشر حالياً عن بعض المواد الغذائية كالشاي الأخضر،الأفوكادو، الشوفان، زيت جوز الهند، عشبة القمح، البروكلي وغيرها الكثير من المواد الغذائية التي تشتهر ويُسوّق له تحت مسمى "السوبر فود" أو "الأطعمة الممتازة".

ولم تكن انطلاقة هذا المفهوم مبنية على مصطلحٍ علميٍّ أو دراسةٍ غذائيّةٍ معيّنة، بل يعود انطلاقه إلى بدايات القرن العشرين عندما أرادت شركة ما التسويق لفاكهة المَوز على أنّه سوبر فود "Superfood" لأنه رخيص و سهل الأكل والهضم ويحتوي الكثير من العناصر الغذائيَّة المفيدة، ومنذ ذلك الوقت بدأ هذا المصطلح التسويقي ينتشرُ بين الناس والشركات.

ففي دراسة تعود لعام 2016 قامت بها وكالة منتل Mintel (الرائدة في مجال التسويق الذكيّ) نقلاً عن جامعة كاليفورنيا، وُجِدَ ازديادٌ بعدد منتجات الأطعمة التي تحتوي عباراتٍ مثل

“superfood” “superfruit” “supergrain” (الفواكه الممتازة، الأطعمة الممتازة، الحبوب الممتازة) بنسبة 202% في المئة، وكان لسنة 2015 النصيب الأكبر من زيادة هذه المنتجات بنسبة 36 % من النسبة الكلية، أمّا في سنة 2017 ازداد استهلاك بذور الشيَّا مع منتجات أخرى مثل الطحالب، والتي تستخدم غالباً في طبق السّوشي، والزنجبيل والكركم والشوفان والحمص وغيرها بشكلٍ ملحوظٍ ولافت.

فكل ماتحتاجه هو عبارة عن دراسةٍ واحدة عن فائدة مادة غذائية موجودة في هذه المنتجات أو الأغذية، و حتى لوكانت هذه الدراسة ضعيفة، ومن ثم تسويقٌ جيدٌ لتبيع منتجك هذا بكميات كبيرةٍ، علاوة على أنّ مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهيره المهتمون بمواضيع الغذاء والصحة ساعدوا بانتشار هذه الظاهرةِ وتصوير طعام على أنه ممتازٌ و خارق بفوائده.


وبنظرةٍ أقربَ للواقع لنحدد مدى دقّة المصطلح...

لا يجب أن نتجاهل أن الدراسات التي تبحث في فوائد عنصرٍغذائيٍّ ما، تُقامُ في مخابر ضمن ظروفٍ معينةٍ وكمياتٍ معينة، والنتيجة المُستخلصة من الدراسة تتحدث عن فائدة العنصر أو المركب الغذائي الموجود في الأطعمة وليس عن فائدة الطعام نفسه ككل، فهذا النوع من الدراسات يتحدث عن جُزءٍ من كُل.

لذلك يجب أن يُؤخذَ بعين الاعتبار تركيب العناصر الغذائيَّة والمكونات الكاملة لأيِّ طعامٍ يُسوَّقُ له على أنه سوبر فود، فوجود مركب مفيد في طعامٍ ما لايعني الضوء الأخضر بتناوله قدر مانريد فبعض هذه الأطعمة يحوي أيضاً على موادٍ إن تناولناها بكثرة ستؤثّر سلبا على الصحة، كما قال البروفسور الدكتور آخيم بوب من معهد ماكس روبنر المختص بالفيزيولوجيا والكيمياء الحيوية للتغذية.



 "السوبر فوود" طعام لكل عَرَض86771200268816300


و كمثالٍ قريب انتشرت دراسة عن تأثير الفلافونويدات بشكل إيجابي على صحة القلب والدورة الدموية وهي مركبات عضوية موجودة بكثرة في النباتات مثل التفاح والعنب التوت والبندورة، كما اكتشفت دراسة أخرى تواجد الفلافونويد بكثرة في الكاكاو والشاي، لتنتشر موضة جديدة في تناول كل مايحوي على الكاكاو وجعل الشاي الأخضر المشروب رقم واحد، ولكن لا يخفى على كثيرٍ منا أنّ الشايّ يحوي أيضاً مادة التانين التي تمنع امتصاص الحديد من مصادره النباتية في الغالب، أما الكاكاو فهو المكون الأساسي للشوكولا التي

تحتوي في نفس الوقت على السكر.

وزيت جوز الهند الشهير المحبّب في الطبخ بسبب درجة تبخره العالية أثناء الطبخ، أصبح رائجاً جداً في الآونة الأخيرة على الرغم من عدم وجود دراسة علميَّةٍ واضحةٍ تخبرنا عن مدى فائدته الصحيَّة، فالدراسات المقامة عليه تتحدّث عن احتوائه على أحماض دهنيّة تفيد في انخفاض الكوليسترول السيء، إلّا أنّ الأحماض الدُّهنيَّة المُشبعة التي ثبت تأثير كثرة تناولها سلبا على الصحة، تُشكّل نسبة 90% من تركيبه، وهي نسبة أكبر من تلك التي موجودة في الزبدة الحيوانيّة، مما لايجعله دُهناً صحيَّاً أكثر من غيره من الدهون بحسب مركز حماية المستهلك في ألمانيا.

التركيز على الهَرَمِ الغذائيِّ

إنَّ هذه الأطعمة الممتازة في معظمها مرتفعة السِّعر مقارنة بالأطعمة المحلية، وفي بعض الأحيان غيرُ متوفِّرةٍ في جميع البلدان، أمّا إذا استورِدت، فإنّها تُشحَن من دولٍ أُخرى بشاحناتِ نقلٍ ولمسافاتٍ طويلةٍ ممَّا يُقَلِّلُ من قيمتها الغذائيّة.

فالغذاء الصحيُّ ومدى تأثيره علينا هو عبارةٌ عن هرمٍ يُبنى لبنة لبنة، يُكَمِّلُ بعضه بعضاً مع أسلوب حياةٍ صحيٍّ، فلسنا بحاجة لأطعمةٍ خارقةٍ لنحارب مايَطرَأ على أجسادنا من تغيُّراتٍ بعضُها طبيعيٌّ، وبعضها يحتاج لِتَدَخُّل أخصائيٍّ.

ولكن إن كنتَ من محبي هذه المنتجات، فلاتَتردّد في تناولها مع التركيز على مكوناتها وبلد المنشأ، ولا يجب أن ننسى أنها عبارةٌ عن جزءٍ بسيطٍ من غذاءٍ متكامل.


 "السوبر فوود" طعام لكل عَرَض23759855093591664



المصادر:

Uc Davis University of California, Harvard School of public Health, Wikipedia, Mintel, Pub med, Verbraucher Zentral







ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

شكرا يا صديقتي هديل

إقرأ المزيد من تدوينات هبة البغدادي البارزي

تدوينات ذات صلة