إن ما يحدد نظرة المغاربة للشخص كشخص مرتبط بالمظاهر الخارجية أكثر مما هو مرتبط بأمور أخرى تتبث حقيقة هذا الشخص وتبينها .

غمرني تأمل بديهي مفاجئ مليئ بالشك أثناء قدوم النادل ليسألني عن طلبي بداخل إحدى المقاهي ، فتوقفت عندها عن الحركة والإستجابة للحظة ... وانقطع معه سرب أفكاري وحتى شعوري بالوجود أنذاك ..مفارقة سقطت بشكل مفاجئ من سقف أفكاري ..فلم أجد أي من العناوين يتضمن المغزى والمعنى في آن واحد ليفسر ما رمتني به تأملاتي من أفكار ونظريات سوى هذا الأخير .. لنفترض جلوسك في مقهى مغاربي شعبي والتربع على إحدى الطاولات الأخيرة منعزلا عن باقي الأشخاص واضعا قلما ودفتر بجانب [ القهوة السوداء ] خاصتك على الطاولة ،إذ سرعان ما يكسبك هذا الفعل طابع القارئ والفيلسوف والكاتب والباحث العبقري ، فكل ناظر إحترم عزلة طاولتك تلك عن الباقي ، لكن جلوسك في نفس الطاولة واضعا دفترا وقلم بجانب [ كأس شاي (براد د أتاي )] خاصتك هو الأخر قد يكسبك طابع [ الوكيل العقاري " السمسار" ] إذ هو جالس بعزلة يحسب عدد شقق وغرف الكراء ويكتب أرقام الطلبات الوافدة ... وإحتمال كسبك لإحترام الأخرين ضعيفة إلى شبه منعدمة ... فشأن مفارقة "كأس شاي" و "قهوة سوداء " هذه شأنها كأصحاب البدلات الرسمية الفاخرة فتلقبهم ب [ موسيو فلان ومادام فلانة ] التي سبق وخلفها الإستعمار الفرنسي للمغاربة كنوع من الإحترام لأصحاب البدلات تلك مع ذكر المعاملة الإستثنائية والخاصة لهم ، عكس خروجك بسروال النوم أو معطف ، إذ يكسبك ذلك فورا طابع الغبي والجاهل ( المسرول) وتعامل معاملة مهملة ...فإن ما يحدد نظرة المغاربة للشخص كشخص مرتبط بالمظاهر الخارجية أكثر مما هو مرتبط بأمور أخرى تتبث حقيقة هذا الإنسان وتبينها ، إذ سيحكم عليك من خلال ما تبدو عليه شكلا ، إلا أنك مصنف في جميع الأحوال حتى تتبث حقيقتك .

✍🏼:حمزة الجهيدي



Hamza EL jahidy

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Hamza EL jahidy

تدوينات ذات صلة