لقد حلقت مواقع التواصل سلوكيات مجتمعية جديدة جعلت من الأفراد يتسابقون لإستعراض الذات والتباهي على الأخر ...
_ يقال أن بني الإنسان يخطئون بصورة عامة في تقديراتهم كونهم كائنات ليست بمثالية أو تتصف بالكمال المثالي ، ففي حين نراهم يبدلون قصارى جهودهم للفوز بالتقدير والمدح من طرف الأخرين ، وقيل عن التقدير أنه أعمق مبدأ في الطبيعة البشرية كون بني الإنسان هذا يسعى جاهدا ليكون موضع تقدير وتكريم ، وهي غريزة بشرية طبيعية لا مفر منها ، فإن ما يعيد الروح في الإنسان وتحقق لنفسه وذاته رعشة شعورية هو أن يقوم الأخر بمدحه ، وهذا ما جعل الكائنات البشرية تغدو بكائنات إستعراضية ، لكن ما إن نصدر حكما بمثل هذا القدر من العمومية حتى أجد نفسي عرضة لنفس الشيئ ، وإني أيها الناس يترتب علي في هذا المكان أن آخد بعين إعتبار أنني إنسان كذلك و يستوجب علي ألا أنكر نفسي القديسة هاته عليها الورود ، ولكم أيها الناس أنكم بعلم شامل أن لي موهبة ربانية قد كسحت جسدي وجعلت لنفسها مكانة بداخلي ، وما إن ضاقت على عقلي حتى هربت إلى يداي باحثة عن مأوى لها ، وهي الأخرى بدورها أستعرضها للناس ، ولعلى السبب في ذلك هو تعدد الرغبات الغريزية التي يصعب السيطرة عليها وترويضها ، وقد إستغرقت وقتا طويلا لفهم هذا ، إذ كثيرا ما أتذكر أنني أطلت النظر في الأمر ، لفهم هذه المعظلة النفسية وإيجاد حل لها ، والتي إتضح فيما بعد أنني لست الوحيد المصاب بها ، ما جعلني أتحدث بالعموم وأشير بأصبعي على الجميع ، فمثل هذه الظواهر النفسية لا تنطوي على ما يمكن أن يفاجئنا ، فما حدث للعالم من تغيير علمي وتطور تكنولوجي ساهم في إنتشار مثل هاته الظواهر بسرعة خارقة ، هناك من يستعرض لنا حجم عضلاته وهناك من يستعرض لنا جماله ، وهناك من يستعرض عمله وهناك كذلك من يستعرض أمواله وممتلاكاته ، وهنالك من يستعرض لنا مكان تواجده ويصوره لنا ، كان فاخرا أم مقبولا منظره ، لأننا كائنات غير قادرة على إستعراض ما قد يأتي لها بعار وعيب ونقصا في التقدير والإفتخار ، وهذا ما جعلنا بكائنات إستعراضية ، نستعرض على الأخر والأخر يستعرض علينا ، وقد يقال أنها ظاهرة على شكل دائرة لا بداية ولا نهاية لها ، فتلك اللهفة الشعورية في التقدير والتعالي والإفتخار قد فرضت علينا أخلاقا مجتمعية جديدة ستشكل لنا عائقا وجوديا أخر ، وستنتهي بخلق مشاكل نفسية يصعب التخلص منها ...
بقلم : حمزة الجهيدي
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
❤️❤️❤️❤️