مواقع التواصل بين الحقيقة والوهم.. ! ، لا مكان تغمره المثالية والكمال أكثر من مواقع التواصل الإجتماعي .
..فسواء أيها الناس كنا يقظين أو نائمين أو مخدرين أو حتى منتشيين ، فهنالك حقيقة واحدة ثابتة منبثقة من عمق الواقع ، وقد بلغت هذه الحقيقة الواحدة مرتبة الوضوح مما لا يمكن أن يكون وجودها موضع خطأ ، أو صدفة أو حتى عدم يقين ، ومع ذلك فقد رسخ في ذهني منذ زمن طويل معتقد فحواه أنني لست سوى كاتبا أكتب الخرافات دون أن تكون لها دلالة ومعنى ومغزى ، ولم أصنع لنفسي سوى مهزلة وسوء ظن وكرها ومذلة ، كلمات تخرج من عمق أفكاري ينسكب حبرها على جلد ورقة ، دون أن يصدقها أحد أو حتى يمنح لنفسه مجالا ليفهمني ويفهمها ، فغدوت غريبا منبوذا . والحقيقة أيها الناس أنكم غدوتم عبدا للمظاهر ، ولم تصنعوا لذواتكم سوى المذلة والإهانة ، وجعلتم من مواقع التواصل هذه كاشفا لأسراركم وحلبة للإستعراض ، فغدوتم كائنات كاذبة منافقة إستعراضية ، فعريتم عن شرف أبائكم ومنازلكم ، وكشفتم لنا عن غطاء أسراركم ، ولم تكتفوا حتى من مذلة ذواتكم وإهانتها وجعلها أضحوكة لدى الغرباء ، فكل من عان نقصا مجتمعيا ورفضا وجوديا وجد من مواقع التواصل متنفسا ليكشف عن عيوبه ، فأصبحنا نزيف واقعنا ، محاولين كسب الإنتباه والتفاخر بما ليس بجوهرنا ، والتظاهر بما ليس منا ، فغدونا في صراع دائم لنتباهى على بعضنا البعض ، وهذا ما أصبح عليه هذا الجيل ، الجيل الإستعراضي ، جيل يتباهى بما ليس له وعليه ، وهذه هي الحقيقة المنبتقة من عمق الواقع ، الحقيقة الواحدة الثابتة وجودها ، فلعلي أرمي الحروف وألصقها مع بعضها إلا أنني لا أراوغ بالمغزى ، وإنما أخيط جراح المجتمع وأعالجها ، جراح تركها هذا المرض ، مرض العصر ...
بقلم : حمزة الجهيدي
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات