رسالة موشاه بفيروسات كورونا القديم والمستجد واللي جاي لرشة ملح

غاليتي عايده..

أكتب لك مع كورونا.. حرفا بحرف، سطرا بسطر.. مشاعري محايده تجاه هذا الفيروس الذي انتظرته وقررتُ أن (آخذه) ممن أحب لأكون مع من أحب عوضَ انتظاره على قلق وترقّب. لن أدخل في تفاصيل العدوى ولكنني سأصل بك إلى تلك الحالة القطنية.. المشي فوق القطن، فوق الغيم.. المشي بما يعادل مسافةً لا تُرى بالتوازي مع الأرض، حالة تأتيك بعد تجاوز الحُمى والوهن والكحّة وكل الأعراض التي يختبر بها المرء جسده ومناعته بين توقّع أن تأتي ولا تأتي..

ربما ونحن في هذه المرحلة البين بين من عمرنا يا عايده - أي لا نحن شباب فرافير ولا عواجيز مكحكحين - نشعر بأننا على الحياد؛ فلا ملامح واضحة لنا بشأن الفيروس: يمكنه أن يمر مرور الكرام - باعتبارنا لسنا كبارا في السن - ويمكنه كذلك أن يفتك بنا - باعتبارنا لسنا أطفالا ولا في فورة الشباب كذلك - وهكذا... لا أجد تعبيرا مناسبا أصف به تعاملي مع كورونا عندما حط رحاله في جسدي.. كان شعوري محايدا! بل أقرب للتأمل في خِلقِة الفيروس بصمت منه للتعامل معه بنفور أو ترحيب!

ما شغل تفكيري مرّ بعد ثلاثة أيام من إصابتي به، بالضبط عندما قرأت خبر وفاة المفكر الفلسطيني عبد الستار قاسم. استعادت ذاكرتي أسماء كل أولئك الذين حصدهم كورونا منذ انتشاره في أجساد البشر كالنار في الهشيم، سرحتُ وانتهيت إلى نتيجة مرعبة: يا إلهي! كورونا يفتك بذاكرتنا! إنه يحصد كل أولئك الكبار الذين يحملون إرثنا البشري في حكاياتهم وذكرياتهم.... يا إلهي! إننا نفقد جزءًا حيويا من تاريخنا غير المكتوب!

بالتأكيد ما كنت لأصل لهذا الاستنتاج لولا قراءاتي الأخيرة - وأنتِ تتابعين معي لا شكّ - وفي كلّ يوم صرت أتنبّه لأمورٍ فاتتني أكثر من ذي قبل، وأتلمّس أثر مسامّ جديدة تفتّحت في قشرة دماغي!

إن مواجهتنا مع كورونا ليست مواجهة مرض مع جسد.. بل مواجهة ماكينة مسح بيولوجية مع مسطحات ذاكرة وتاريخ.

وهكذا.. بتّ أسأل نفسي كل ثانية: ما الذي فقدناه؟ ما الذي يمكن أن نفقده؟ ما الذي باستطاعتنا فِعله الآن لا غدا لننقذ ما يمكن إنقاذه؟!

لن أكتب أكثر من ذلك الآن.. ذهني يشتعل بالأسئلة - أسمع رنّة ضحكتك بعد قولك: ومتى لم يكن كذلك! - لكن حسنا.. أحمد الله أن كورونا لم تلعب بحواس التذوق عندي، وما زال بإمكاني استطعام القهوة!

اكتبي يا عايده....

وصيتي لك لرسالة أخرى..

والسلام!

___________________________

ملاحظات:

معنديش أي ملاحظة! حاليا الناس هيا اللي بتلاحظني!


رشة ملح

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات رشة ملح

تدوينات ذات صلة