- "إنه لأمر صعب، صعب جدًا، أن يحارب الانسان شعوره."
بمناسبة عيد الأم لن أَتواجد على أي موقع تواصل اجتماعي فَأمي وبالرغم أنها على قيد الحياة بعيدة عني منذ أن كُنت طفلة اختارت الإنفصال والإبتعاد على ما يبدو أنها لم تقوى على تحملي أيضًا.
احتفلو مع امهاتكم احتضنوهم وقبلو ايديهم ورأسهم وابلغوهم سلامًا خاص مني أنا .
تأججت بقلبي نار الفقد والحزن فخطَ قلمي قصتي مع هذا اليوم، على ما يبدو أن قلبي لم يقوى على كَبح نفسه، ولم يتحمل قَلمي رؤية قلبي بهذا الحال فصرخ بحروفه ليخفف عني الثقل الذي بداخلي.
" وكأَنها ليست أُمي "
قبل أن أبدأ بالتخلص من أثقال قلبي بإلقائها ببحرٍ بل ببئرٍ أو لربما أقوم بدفنِها بعد أن أقوم بتَشكيلها كَجثة أَود أن أقول لها وداعًا للمره الأخيرة، تبقى على ما سُميَّ بعيد الأُم يوم واحد فقط وها أنا بدأت ارى صَديقاتي والعالم أجمع بشراء هدايا ثمينة لأُمهاتهم، لم تَمُت أمي بل انفصلت عنّي وانا بعمر السادسة تَقريبًا فَكان أبي هو أمي أيضًا، لا زلت حتى الآن لا أعرف معنى الإحتفال بهذا اليوم وما شكل الهدية التي يجب أهدائها لو كانت أُمي بجانبي هل أُهديها طوقًا أم اهديها عُمرًا ؟
لربما تتعجبون لكنني من عمر السادسة حتى بلغت ال ١٨ لم أراها أبدًا وها انا الآن بعمر ٢٣، كُسرت أجنحتي وتفتت لا بل احترقت وتَحولت إلى رماد، لم أكن أملكُ أُمً تُربت على كتفي لِتُخبرني أن القادم أفضل، أن تُداعب خِصال شعري وهي تَروي لي قصة فأَنام بين أحضانها، لم أكن أَملكُ أُمً تَسهر لتضع لي تلكَ الكمادات وتقوم بِمناولتي الأَدوية لِأُشفى من مرضي، أنا تلك الفتاة التي حاربت هذهِ الحياة القاسية لِوحدها.
أنا تلك الفتاة الكبرى التي تَملك أُختان وأخ توأم لي حظيت بِهم من أمي قبل انفصالنا عنها، لا أُخفيكم أَنني لولاهم لم أكن لأتمكن من البقاء على قيد الحياة، كانوا لحياتي حياة ومضوا بالطريق معي بلا أُم اشتدت على حياتُنا عواصف لا تزال آثارها حتى الأن وكأنها حديثة.
الحياة بلا أم موجعة جدًا فما بالُكم إن كانت على قيد الحياة ويفصل بينكم عدة أمتار ومناطق، كيف لأُمً أن تتخلى عن أبنائها بمحضِ إرادتها لا أعلم لكنني جُل ما أعلمهُ أنني تَذوقت مرارة تلك الكأس بمفردي، ليالٍ قَضيتُها وأنا صغيرة بِمفردي أتجرع الألم الذي لم يَكن من العدل أن أراه بِصغري، كنتُ أظُن أنها ستعود وأنها لا تَقوى على الحياة بِدون أبنائها الأربعة أن تعود لتُخبرنا أننا أغلى ما تملك، خاب ظني وكانت حياتُها تَمشى بِمجراها الطبيعي، رَحلت أُمي نعم لقد رحلت ولن تعود، بكائي أنا وإِخواني لا زلتُ أراهُ أمام عيني بكائنا وتوسلنا إِليها حتى تعود، لم يكن التأقلم على حياة مليئة بالأُمهات وحياتي الخالية من الأُم سهل بالنسبة لي، كَبرت بين يدي أبي الذي أفنى حياته ليُعوضنا عن تلك اليد التي أفلتتنا كم أنت عظيمٌ يا أبي، دعونا نتفق أن حاجتنا للأم تصبح أكبر حين نُصبحُ كِبارًا.
كَبرت مرح ولم تجد الكتف الذي تستند عليه حينما أخدت منها الحياة ما أحبته بشده، كَبرنا دون أن نُدرك وأصبحت كلمة " ماما على لسانِنا ثقيلة جدًا، واقسم أنني بِنُطقها أشعر وكأن لساني قد أصابهُ الشلل، فيقف أمام هذه الكلمة متعجبًا متسائلًا عن هذة ماهيتِها، التقيتُ بأُمي بعد ما يقارب ١٤ سنة، لتُخبرني بأن تَخليها عني كان خطأ ادركتهُ متأخرًا.
من سيُعيد لي تلك الأيام يا من أنجبتني ؟ أعيدي لي طفولتي التي سُرقت، أعيدي لي الدموع التي خَسرتُها وأنا أُنادي بإسمك، أتُريدين أن تَعودي لِتَكوني أُمي ؟
لكنني لا أُريد أَنا حقًا اعتدتُ على غيابك، لدي أَبي لا أُريد سواه، لقد هَجرتِنا يا أمي، وأنتِ تعلمين أن الحياة كالوحش المفترس، ولم تَكن مخالبنا قد نبتت أيضا لنستطع الدفاع عن أنفسنا على ما يبدو ان هشة أيادينا ونحن أطفال جعل يدكِ تنزلق أيضا .
بِقَلبي : مرح حسان صوان
٢٠/٣/٢٠٢١ .
٣:٠٣ صباحًا
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
🥺🥺🥺🥺