أسيْر الفُقد لا يَحتَاج لِلقُضبَان يا صَديقي، ‏إنها لَمِن أصعب الفترات .. لكنَّ الله مَعَنا.

" إِبتِلاء خُذلان، وَجم صَديق "


وَرَقَةٌ وَشَمعةٌ أَجَلَسَ بِمُفرَدي بَينَ الجُدران لِأشَكو لَهم صَديقًا بِجانِبي قَد كَان، فَهُما اَللذان تَبقَيا لِي يُصغِيان وَلِأسَراري يَكتُمَان، أَخَبرَنِي أَنهُ سَيَبقى عَلَى وَعدِهِ وَيُشارِكني الأَفرَاحَ وَقَبلَها الأحَزان، فَتَرَكَني وَرَحل وَكَأَنَهُ لَم يَكُن يَومًا كَظِلي يُرَافِقُني بِكُلِ مَكان، غريبٌ أَنتَ يا صَديقي يَا مَن اسَميتُكَ شَقيقَ الروح فَهَلِ الَّأشِقَاء يَفتَرِقَان وَفي خَانةِ الغُرَباء يُصبِحان؟ كُنتُ لَك اَلكَتِف الثابِت رَغم تَزَعزُعِ العالم مِن حَولِك وَلَو نَظَرتَ بِداخِلي لَرَأَيتَ اَنّي مَلِيءٌ بِالأحَزان، رُغمَ كُلِ العَوَاصف التي اجتَزتُها لِأجَلك كُنتَ أَنتَ الُذي لِوَعدِه قَد خَان، أَلم تَسمع نَبَضاتَ قَلبي بِبُعدِكَ كَيفَ فَقَدت جَمَال الأَلحان؟

دَعنا نَلتَقي صُدفَةً وَادعُوَكَ عَلَىَ فِنجَان، هَل تَشرَبها بِدونِ سُكر حَتى الآن؟

أَتعلم أَنتَ وَالقَهوة مُتَشابِهان أَحبَبتكم رُغمَ أَنَ دَاخِلَكم سَوادٌ وَلَكُما وَجهان، لَن تَعودَ كَما كُنتَ أَعلمُ ذَلك وَإِن قَررتَ العَودة فَاعلَم أَنهُ قَد فَاتَ الأوَآن، فَأَنا للعَهد الذي قَطعتُهُ لَك مُتَحَسِرٌ وَنَدمان.

رَحَلتَ مُبَكِرَاً بَعد أَن أَقسَمنا أَننا للمَشِيبِ سَنَبقى، وَتَخَيَلنا أَنَفُسَنا عَلى هيئة عَجُوزين لِذِكرَياتُهما الجَميلة يَتَذَكران، لِأحفادِهم القِصَص يَروِيان، لَقَد رَحَلتَ قَبلَ أَنْ يَمضِيَ عَلَى وَعدِكَ عَامان، كُنتَ تَرحل تَارةً وَتَارةً تَعود وَأَنتَ نَدمان، فَتَجِدُني عَلى عَهدي فَلَستُ أَنا لِلوعودِ بِخَوان لَكن كَفى فَأَنا لُستُ بِلُعبةٍ أَو رِهان.

كَتَبتُ لَكَ الكَثير مِنْ الرَسائِل وَبِكُل مَرة أَنوي إِرسالها أُعيِدُها إِلى دُرج النِسيان؛ فَلَن تَصِلُكَ أَبَدًا فَأَنتَ لا تَستَحِق أَنْ أًكونْ لَكَ مُشتاقٌ وَوَلهان، سأُخبِرُكَ بِسرٍ رُغمَ أَنني أَعلمُ أَن أَسراري مَعك لَيست بِأَمان، أُحِبُكَ يا صَديقي وَحُبي انتهى عِندَ الرشفة الأُولى مِن ذَلِكَ الفِنجان .

نَعم حَزِينٌ أنا لِبُعدِكَ وَلَكِنْ اسمَع مَا سَأَقُولُهُ الآن ، شَيعتُ أَيَامَنَا وَذِكرَياتُنا وَكُلّ ما يَجمَعُنا بِتابوت يُشبِهُ اَلصُّندُوق الذي بِداخِلِهِ الرسائل التي كَتَبتُها لِأجَلك لَكَنهَا لَن تَصلك فَقد غَيرتَ اَلْعُنوَان، دَفَنتُها بِجِوار اَلرَّصِيف الذي عِندَهُ افتَرَقنا بَعد أَن كُنا تَوأَمان، وَزَرعتُ فَوقَها وُرُودًا لَيسَ لَها رائحة أو أَلوان، فَأَمطَرَت اَلسَّمَاء لِتُخبِرَني أَنَ الله مَعي وَلَيسَ لي أَحدٌ سِواهُ فَشَكراً لَكَ يا رحمان، مَاتَ صَديقي بِنَظَري وَما زَالَ حَيٌّ بِعُيونِ بَاقي البَشر وَالْخِلان، أُقسِم

لَكَ أَنني أَصَبَّحَت لا أُصدق أَن هُناكَ مَا يُسمى بالصَّدِيق وَكُلما التَقيتُ بِأَشباهِكَ أُرَدد مُعاتِبًا:

يَخلُقُ الخِذلان مِن الكَذِبِ أَربِعَون،

(لِنَفسي بَعد رَحِيلُك اَلصَّبْر وَالسُّلوَان)


بِقلم الكاتِبة: مــرح حسان صوان.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات الكاتبة: مرح حسان صوان.

تدوينات ذات صلة