ما هي الحرية ؟ كيف اكون حر ؟ ما علاقة الحرية بالمسؤولية ؟ ما هي وظيفة الأهل بعد كبر الأولاد ؟ هنا إجابة عن هذه الأسئلة

كي نكتشف الحرية الحقيقية ، لنتفكر في حرية الطيور ، فالحرية الحقيقية ليست أن تحلق ، والسجن الحقيقي ليس أن تبقى في القفص، الحرية هي حرية الأختيار وتحمل مسؤولية هذا القرار ، مثل الحمامة تكون حرة عندما تختار أن تحلق بجناحيها أو أن تختار البقاء في القفص وعليها تحمل العواقب بعد ذلك ، اما السجن فهو أن تختار قرار رغم عنك ، دون موافقة منك او قناعة شخصية سواء أكان اختيارك مخالف لأراء الأخرين ام لا ، فربما هو مختلف لكنه ليس بالخطأ وإن كان كذلك تقبل النتيجة فهو إختيارك .

الحرية ليست كما نعتقد هو أن نفعل ما نريد دون مسؤولية فإن الحرية مسؤولية اكبر، ليست مجرد لقب او تخلص من قيود التقاليد والعادات لنكون أحرار ، إن شئت فلتزم بها المهم ان تكون مقتنع بها لا أن تكون مجبر على الإلتزام بها وتنفيذها ، الحرية هي الإختيار النابع من عقلك ، الحرية هي أن تفعل ما شئت وتقرره دون أن تؤذي غيرك الحرية صعبة ، ونحن صغار كانت أسرتنا من يتحملون مسؤوليتنا ويؤخذون قرارات خاصة بشؤوننا نيابة عنا ،لأنهم يعلمون ما هو الأفضل لنا ، ولأننا لم نكن ناضجين إلى حد أن نتحمل مسؤولية انفسنا ، لكن عندما نكبر يتغير الوضع نكون أحرار في أمورنا ،ولا يتحكم بنا أحد ، لكننا من الممكن في مقتبل حياتنا أن نختار الإختيار الخاطئ ، لذلك من الممكن أن نلجئ للإستشارة والشورى من والدينا أو من نثق بحكمتهم ووزنهم للأمور ن على أن يكون لدينا قناعة تامة بهذا الرأي ونوافق عليه ، لا مانع أن يرشد الأباء أولادهم لكن لا يغصبونهم على شيء ، فهم كبروا ويستطيعون تحمل هذا العبء.

وعلى الوالدان كذلك ان لا يقصقصوا أجنحة أولادهم ، بل عليهم أن يعلمونهم كيف يحلقوا بالشكل الصحيح ، أن يتركوا لهم الباب مفتوح متى أرادوا فليخرجوا ، وصحة القرار تكون مبنية على التربية الصحيحة والسليمة في الصغر ن ولقد استمعت إلى حكمة سابقة من ممثل في مسرحية ما :

" أنا من رأيي أن نغلق على بناتنا ، لكن نعطيهم المفتاح " فؤاد المهندس

هذه المقولة أختصرت كل شيء ، بمعنى أننا نهتم بأولادنا ونرشدهم بطريقتنا لكن نتيح لهم الفرصة في الإختلاف وإتخاذ قراراتهم بأنفسهم ، وتكوين أفكار تختلف عن ما أعتادوا عليه ،

فالحرية مفهوم فلسفي معقد ، لكن يجب علينا إستيعابه وإدراك معناه جيدا، وان لا نطلق لفظ انا حر/ة على كل أفعالنا الخاطئة ، أو أن نقولها في كل وقت دون دراية بمقصود ومفهوم هذه الكلمة ، إذا كنت لا تريد أن يتخذ لك شخص قراراتك ، فكن عاقل مسؤول عن كل تفصيلة في حياتك كن حر طليق لكن بمنطق ، وإن احتجت عون فأطلب عون صديق .


ولنوضح بمثال لقد شاهدت فيلم قديم بعنوان انا حرة ، بطلته فتاة تعيش في بيت عمتها وهو بيت ملتزم بالتقاليد ومحافظ لا يعطيها الحرية الكافية يخيفها ب لا يصح لا تفعلي إياك وعندما طلبت من والدها أن تسكن معه في بيته ، وافق وسكنت معه بالفعل ، وقد كان والدها رجل منفتح كثيرا وهي أعجبها ذلك ، فنفكت عن كل العادات التي شاهدتها في بيت عمتها بدأت بالعمل وفي قريتها لم تكن النساء تعمل ، وسافرت ودرست في جامعة امريكية ، هذه أشياء ليست بسيئة ، لكنها ليست بحرية لقد أدركت الحرية بمفهوم سطحي ومادي ، الحرية أعمق من ذلك بكثير ، كانت تفعل ما تفعله لتنسلخ عن العادات لا لأنها مقتنعة بما تفعله ظنن منها بأن هذه هي الحرية ، وكانت دائما ما تقول انا حرة على كل افعالها جاهلة لمعناها الحقيقي ، وبعد ذلك تعرفت على شاب كان جارها سابقا وهو صحفي سياسي ن في بداية الأمر حاول ان يقنعها بأن الحرية ليست كما تعتقد إنها كخدمة الوطن والتضحية في سبيله، نضحي له لأننا نحبه لا لأننا مجبرون على حمايتهم ، ولأن جميع المواطنين عليهم التضحية ، وحماية وطنهم ،اي أننا لا نحميه لدافع التقليد ، لم تستوعب ذلك لكنها بدأت تهتم ، بعد ذلك أحبت خدمة الوطن والدفاع عنه ، وأيقنت بمعنى الحرية الحقيقي ، وأرادت أن تكون فدائية لأنها أقتنعت بهذا الفعل ، وبدأت تعاونه في أعماله ضد الإحتلال والأعداء ، لكن قد تم إلقاء القبض عليهما وسجنوا ، كانت لديها فرصة أن تعترف عليه وتنكر شراكتها معه لتنجو ، لكنها إختارت تحمل مسؤولية قرارها وكانت راضية بالنتيجة سعيدة في السجن لأنها وصلت له بإختيارها ولأنها فعلت ذلك فداء للوطن ، كانت فخورة بنفسها ، وكانت هذه هي النهاية .

وايضا أكبر مثال دفاع الرسول عن دين الحق الإسلام ،لم يجبر أحد على الإسلام ولم يؤذي أحد لقد رفع سيفه ليحمي حرية الإختيار وليس ليغصب أحد على الدين، وكما ذكر في القرآن الكريم (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) وقال تعالى كذلك ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) ( أنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) هنا قمة الحرية في القران الكريم ، انه يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم ،أن لا يجبر الناس على الدين ، فما بالك بنا نحن هل نجبر الناس على العادات والتقاليد ، الإسلام دين الحرية بل بالعكس في الجاهلية كانوا يجبرون الجميع على الكفر ومن أبى منهم بعد ظهور الدين قتلوه ، فمنع الإختلاف وكبت الحرية له أضرار كبيرة ، لكل شخص وجهة نظر ولكل شخص عقل يفكر به ، لذا هو الملزم بالصبر على حصيلة أعماله ، نحن علينا فقط النصح والشورى .

الحرية لا تعني اننا لن نحاسب على أفعالنا ، نحن ندفع الثمن جراء أخطاءنا ، إما بالقانون أو بأي عقوبة اخرى ، وهنالك حساب أكبر هو حساب الله لنا يوم القيامة ، لذا فإن كل مخطئ سيلقى جزاؤه ، إما في الدنيا او أن حسابه عند ربه .


خلاصة الأمر لتكون حر يجب أن تعافر وتضحي ، وان تكون قادر على تحمل ثقل الحرية ، دون تراجع عن قرارك أن تفعل ما تشاء وتدافع عن أفكارك وإختياراتك سواء أن كانت تختلف عن الجميع ام حتى لا تختلف وتؤيد معتقداهم ، الشرط الرئيسي ان تكون إرادتك انت ، اتمنى ان يكون مصطلح الحرية واضح لكم الآن وشكرا لكم .


ندى سمير

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

شكرا عزيزتي لرأيك اسعدتيني ❤ التوفيق لي ولك

إقرأ المزيد من تدوينات ندى سمير

تدوينات ذات صلة