أما عني، فثمة بركان.. طاقة هائلة من الغضب تكاد أن تفتك بي وتمزقني، أصبحتُ لا أعرفني فكيف تعرفني أنت؟!


" تنفعل كعادتك، تحدثني عن ندوب قلبك الغائرة، وتظن أن ذلك الحديث لا يمزق نياط قلبي، تلومني وتعاتبني على ابتعادي عنك، ولا تسأل نفسك عن سبب ذلك البُعد وسبب تلك المسافة الشاسعة والهوة التي اتسعت فجأة بيننا، وكأن قلبي لم ينجرح، وكأن ذلك البعد كان باختياري ولم أكن عليه مرغمة، تركتُك تُسهب في شرح آلامك، لأنني لا أقدر على شرح انكساري، وتلومني على ابتعادي وأنا لا أملك غيرَه سلاحاً، فلا أنا قادرة على المواجهة ولا أنا بارعة في فنون التقريع والعتاب، تولمني على انسحابي ولا تلوم نفسك على قسوتها معي، وأنا بعد هروبي وقعتُ فريسة سائغة لجلد الذات والشعور بالذنب بلا هوادة، أي جنون هذا وأي عبث، إنني تغيرتُ، في نظري، أمام نفسي على الأقل، لعلك تجدني الآن كما عهدتني دائماً، ضعيفة إلى الأبد، لا سبيل إلى تغييري، ولعل ذلك يبدو ظاهراً فقط، أما في داخلي، فثمة بركان.. طاقة هائلة من الغضب تكاد أن تفتك بي وتمزقني، أصبحتُ لا أعرفني فكيف تعرفني أنت؟! لا أنا أنا، ولا قلبي هو قلبي الذي عهدت، فارحل عني ولا تنتظر، ولا تخدعك ملامحي المنطفئة وهدوء وجهي وثقل كاهلي، لا تنخدع بضعفي الظاهر، لأن القوة الكامنة خلفه لا طاقة لك باحتمالها، فارحل سريعاً، ولا تلتفت".

كنتُ أكتب بانفعال وتصطدم أناملي بقسوة بأزرار الهاتف وأنا أكتب تلك الأسطر الفائتة، لحظة واحدة فاصلة بين قبل وبعد، ترتجف سبابتي فوق زر Send ولا أقدر على النقر فوقه.

في تلك اللحظة لم أكن أتمنى شيء أكثر من قول تلك الكلمات دفعة واحدة، وجهاً لوجه، في انفعال أُخِرج فيه جام غضبي وكل ما كان يجول بمشاعري، إنني عاجزة حتى عن إرسالها مكتوبة عبر ذلك اللوح البارد الذي أمامي، فكيف لي أن أتفوّه بحرف واحد مما بها، مسحتها جميعاً وأعدتُ الهاتف إلى موضعه بين كومة كتب وأوراق ملقاة فوق مكتبي، أخذتُ أحدق فيه، وأنا لا أدري هل كنت شاخصة في فراغ الحائط أمامي، أم في ذلك الفراغ الذي ملأ روحي، أصبحتُ فارغة، انطفأتُ وانطفأت روحي كما لم تنطفيء من قبل، لم يمنعني ذلك من الرد ببساطة عندما هاتفني، ونسيان كل غضبي كعادتي!


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات زهراء محمد رضا

تدوينات ذات صلة