عن زيارتي لمدينة البابريكا ... بودابست ... احدى مدن البساطة الاوروبية



لا اجمل من بودابست عندما تنطفىء شمسها و يتسلل الغروب على انارتها العالية التقنية المدروسة بعناية شديدة لتظهر المدينة في مشهد احتفالي ملكي .

حيث تتجلى اطلالتها البانورامية بقلعة بودا التي تعتلي شقها الغربي و التي يقابلها مقر البرلمان شامخا على شقها الشرقي و بينهما يتراقص جسر السلسلة على مياه نهر الدانوب في هذا الحفل الملكي الخاص!


بنيت قلعة بودا في القرن الثالث عشر ليعاد بناءها في القرن الثامن عشر ، و كانت قصرا و مقرا للحكم و تم الحاق كنيسة بها ، و الان هي متحف للتاريخ و تحتوي ايضا على المكتبة الوطنية ، و بالقرب منها حصن الصيادين الذي يتكون من ٧ ابراج (على عدد القبائل المجرية القديمة) و بني في بداية القرن العشرين و بعتبر متحفا لتكريم الصيادين الذي دافعوا عن القلعة في معركة استقلال هنجاريا وقد شيد مبنى البرلمان ايضا في نفس الفترة اي ببداية القرن العشرين .


بعيدا عن مشهدها الرومانسي الليلي الساحر ، و في ضجيج صبيحة يوم مشمس قصدت "الحسبة الهنجارية" !

فبعد اتحاد "بودا" و "ابودا" على الضفة الغربية من نهر الدانوب مع "بست" على الضفة الشرقية منه اضافة الى "جزيرة مارجريت" الواقعة داخل النهر لتكوين مدينة واحدة عرفت باسم بودابست قرر البرلمانيون وضع خطط لتحسين اقتصاد المدينة ، وكان من بينها مراقبة و تفتيش البضائع القادمة للمدينة و حصر بيعها في اماكن محددة ، و من هنا ظهرت فكرة بناء اول "مول" اي سوق مغلق يبيع البضائع المفتشة بالجملة سنة 1897 عرف بالسوق الكبير . ياتي السوق المبني من الحديد و المكسو بالحجارة و الطوب على طابقين مشتركين بالسقف و يباع به الخضار و الفواكه و اللحوم و المنسوجات و التذكارت و انواع المواد الغذائية المختلفة، و للبابريكا نصيب الاسد في هذا السوق كما لها نصيب الاسد في ذاكرتي كلما مر على مسمعي اسم بودابست ، فقد ارتبطت هذه المدينة في ذاكرتي بالبابريكا! هي نوع من التوابل تحضر من الفلفل الحلو و الفلفل الحار. و هي اول ما تجده في السوق معروضة بعدة اشكال، اكثر ما شدني منها ما يتم وضعه باكياس من القماش ، و تباع كل ثلاثة اكياس مع بعضها و كل كيس بنكهة مختلفة (حلو، حار، حار جدا) ( و بربحوكم معهم معلقة خشب كتيييييير كيوت) تعتبر البابريكا الهنجارية من اجود الانواع و اعلاها ثمنا في كل العالم متفوقة على ما يتم تصنيعه في الهند، و ذلك لمذاقها الفريد نظرا لنمو الفلفيلة و الفلفل فيها في مناخ بارد نسبيا يعطيها ذالك الطعم المميز تدخل البابريكا في كل طبق هنجاري (حتى الحلويات!) و اشهر اطباقها شوربة "الجولاش" المكونة من الخضار و اللحم البقري، ولهذه الشوربة طعم مختلف ان تم تناولها في احدى المطاعم على ظهر احدى السفن الراسية على النهر و على مقربة من شارع "اندراشي"المعروف ايضا بشارع الشانزيلزيه، و ذلك لانه تم تصميمه (من الاساس) ليكون نسخة عن شارع الشانزيلزيه في باريس في اواخر القرن التاسع عشر ، و يمتد على طوله قاعة الاوبرا التاريخية و معاهد للموسيقى و متاحف و دور الازياء العالمية و العديد من المطاعم و المقاهي.


لان بودابست ارض المنتجعات الطبيعية نظرا لوقوعها على شق صدعي يسبب تفجّر مياه ساخنة معدنية في كثير من المواقع منها فلا بد من ختام الزيارة لهذه المدينة باحدى اهم منتجعاتها العريقة ذات الطابع الاوروبي وهو "ستشيني" . يأتي المنتجع على ١٨ حوض سباحة (داخلي وخارجي) من المياه الجوفية الساخنة ، حيث تتدرج حرارة احواض السباحة حسب اليانبيع التي تتغذى منها من درجة حرارة ٢٠ الى ٧٠!!! (بكونو كاتبين درجة حرارة الحوض) و قد كان هذا المنتجع حكراً على الطبقة الارستقراطية قبل فتحه للعامة (دخولية 18 يورو) و يظهر ذلك في تصميمه الباروكي الانيق. (في غيرو كتير و على نمط الحمامات التركية كمان خاصة لانه الأتراك احتلت هنجاريا لفترة من الزمن).


بالنهاية ، الحديث عن بودابست يطول و يطول، و لكني اترك بقيته لكل راغب في زيارتها واستكشاف جمالها و سحرها.


#هنجاريا #بودابست #قلعة_بودا #البرلمان_الهنجاري #جسر_السلسة #السوق_الكبير #بابريكا #منتجعات_طبيعية #سفر #بالعربي

سوسنة

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات سوسنة

تدوينات ذات صلة