قد نتساءل عن سبب انتشار رسائل الكراهية بين البشر. وبكاء العديد من المشاهير بفيديوهات طويله لما طالهم من أذى بسببها. فلنستعرض ما يحدث :


إن الإحساس بالنقص الداخلي أو كره الذات أحد أكبر أسباب التنمر .. فالإنسان الذي لا يملك الرضاء الكافي عن حياته سيحاول جاهداً الانتقاص من مَن حولَه .. من إنجازاتهم، نجاحاتهم الصغيرة، احتفالاتهم، نمط حياتهم .. الخ ، ليس لحب الشر - في بداية الأمر- بل لكي يشعر بنوع من الفوقيّه الزائفه والمؤقته ولو كان بذلك يخاطر بأن يكشف نفسه أو أن يصبح مكروها بين الناس. بل وقد يتلذذ بما يصله من ردود فعل سواء كانت ألم أو صدمة أو تحدي.. وقد تصل به المتعة إلى إدمان إنزال الاذى على سائر البشر.


مع إتاحة وسائل التواصل الاجتماعي بين يدي الجميع وإيجاد خاصية المجهول التي تتيح للمرء قدرة على وضع أيما تعليق أو إرسال ما يشتهي من رسائل الكراهية ونقل أي نوع من الكلام المسيء والجارح دون الكشف عن هويته وإظهار وجهه القبيح بلا عقاب أو حساب ، سوى الضمير الذي لو كان مفعّلاً داخله لصرخ باكياً راجياً إياه التوقف ! لكن تأخذه العزة بالإثم ! وقد ينام قرير العين بعد أن تسبب بتدمير حياة إنسان آخر . لذا وبكل أسف نحن وصلنا إلى أسوأ ما حدث في عصرنا الحالي.

لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد فقد ظهرت برامج مثل الصراحة ، شوش، وسايات كبوابة عملاقة من السوء يفتحها المرء على مصراعيها لتعكر صفو عقله وحياته ، بل ويشارك روابطها فرِحاً مع كل من يعرفه .. ثم ينتظر ما لذ وطاب من حب ومعنويّة دون أن يدري أنه يرحب - بأذرع مفتوحة - لرسائل شتى تحمل انتقادات لاذعة غير بنّاءة البتة. أو أسوأ من ذلك . قد يكون هنالك أيضا سبٌّ وشتم وقذف . وصفات ليست فيه بل هي ملخّص وجيز لحياة ذلك الذي كتبها . فكل إناء بما فيه ينضح.

اذا كيف نحدُّ من هذه الآفة ؟

قالت المغنية الشهيرة (تايلور سويفت) مره : نحن نعيش في عالم حيث يمتلك أي شخص الحق بأن يقول أي شيء عنك .. ولكن أرجوك تذكر أنه لديك الحق بأن تثبت أنهم مخطئون.


لا يمكننا إيقاف الأشخاص من تكوين رأي بنا شخصياً أو بالاسلوب الذي اتخذناه لعيش حياتنا ولكن نستطيع وبلا شك تكوين صوره كامله وإيمان عميق أن ذلك الأذى أو التنمر ما هو إلا انعكاس دواخلهم و لم ولن يحدِّدنا أو يحدّ منّا وبهذه المبادره الداخليه الحسنه ، لن يثنينا رأي تافه عن أي قرار اتخذناه أو سنتّخذه.


عدم السماح لهذا النوع من الكلام أن يصل إليك هو ثاني خطوة تتخذها .. ولذلك علينا تخصيص إمكانية الوصول فقط لمن نأمن شرهم مهما كان ذلك الأمر صعبا - لعدم القدرة على فهم دواخل من حولنا واختبار صدق محبتهم - ولو كان هناك فضول لمواكبة العصر والليونة الاجتماعية في الوضع الراهن ، وجب دائماً رسم حدود بخطوط عريضة لكل شيء.


وثالثاً .. علينا نحن الجيل الحالي تربية أطفالنا الجيل الجديد على تفريغ الطاقات السلبية بطريقة صحيّة ومراعاة مشاعر الآخرين وظروفهم .. ثم ترسيخ مبدأ ثابت لديهم أن حياتنا فقط هي ملك لنا فلا سلطة لدينا على الآخرين ولا سلطة لهم علينا . وبالطبع عندما يكون لديهم الاكتفاء الذاتي عاطفياً ونفسيا سنجدهم منطلقين بلا اكتراث وحريصين على الانتفاع والنجاح بكل مجالات الحياة بدلاً من القلق بأمور لا حول لهم فيها ولا قوه . ومن هذا المنطلق ، هناك ثلاثة إقتباسات تتناسق في نظري ومرتبطة بطريقة جميلة :


يقول نجيب محفوظ :

" لست نادماً على شيء إلّا على أيامي التي لم أعشها كما أُحب خشية من كلام الناس "


أي لن يغير الكلام شيئاً .. افعل ما شئت قبل أن تندم .


يقول بهاء طاهر :

" قُهِر الإنسان بالفقر , وقُهِر بالخوف وأهم من ذلك قُهِر بالجهل ؛ أن يعيش الإنسان وأن يموت دون أن يعرف أن في الدنيا علماً فاته وجمالاً وحياة لم يعشها أبداً "


اذاً أنِر الزاوية المظلمة في عقلك ، التي أُعتمت بغبار التقاليد والمعتقدات الخاطئة القديمة ، لتحظى بحياة أخرى أفضل مئات المرات واسعى إليها بكل العزم لتدرك ما أنت مغمضٌ عينيك عنه.


واخيراً ، يقول لاوتزه :


" تتضاعف الفرص كلما اقتنصتها "


أولاً تذكر أننا نحن من نخلق الفرص لأنفسنا فافعل ذلك وأرضى بالقليل ثم إبنِ عليه الكثير . وبكل ما أوتيت من قوّه قاوم لأجلك .. وستتفاجئ أنه من خلال إغلاق تلك النافذه الصغيرة التي تتدفق منها رياح الكُره والمعاداة من الناس والبحث عن الموافقة المجتمعية للأفعال والخوف الداخلي من تحويل القول إلى فعل ، سيفتح أمامك كمٌّ هائل من الأبواب المليئه بالاحتمالات والامكانيات التي من شأنها وضعك على طريق جديد ومنحنى مختلف تماما سيقلب موازين الأمور في حياتك ليجعلها أنقى وأسعد وأغنى بكل تفاصيلها.




Tamadur Alkhotaba

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

انها قمه بالابداع الفكري

إقرأ المزيد من تدوينات Tamadur Alkhotaba

تدوينات ذات صلة