خاطرة بروح شتوية عن وحدة وألم تمر في شتاء بارد تحت سقف مهترئ
تعصف الرياح سنفونية الوحدة والكآبة، تجعل الأوراق تتطاير والأشجار ترتعد، في ليلة كان القمر سيد الموقف والزمهرير يعوي والبرد قارس ينخر الأطراف، ثم صوت ذئب وحيد يدوي هناك بعيدًا، سماء حالكة الظلمة فنور القمر وتبعثر النجوم التي تظهر تارة وتختفي أخرى لم يسهما في جعل الأجواء أكثر وضوحًا، فالسحب تسير غير آبهة لهذا وذاك ثم لتكتمل صورة اللوحة النموذجية ليلية شتائية باردة مرى دخانًا يظهر على استحياء من مدخنة إحدى البيوت، أين تتمدد إحداهن على كومة قش هي سريرها لتطوي صفحات الكتاب واحدة تلو الأخرى ثم تلقيه لتأخذ آخر بعد فراغها من الأول وطقطة الحطب في المدفأة تسود في الجو لتنشر بعض الدفء والقليل من الضوء الذي تقرأ على نوره تلك المرمية هناك مدثرة ببطانية مهترئة، تراها تضحك وتغضب وتعبس ثم تبكي منغمسة في الكتاب تحاول تناسي البرد المتسرب عبر الباب الخشبي الذي لم يدرأه وسقف يسرب ماء مطر الليلة الماضية، ثم تمضي الليلة وتبدأ تباشير الصباح بالظهور، فلتبس المذكورة معطفا مرقعًا وتمضي في حال سبيلها تدق باب البيوت واحدًا تلو الآخر تتسول عملًا مهما كان نوعه فذاك يأمرها بإصلاح السقف وتلك تطبخ لها وأخرى تغسل ملابسها وثالثة تنظف لها المدخنة وهكذا دواليك، تحصل في نهاية يومها الحافل دومًا على بضعة قروش تسد ببعضها رمقها وتشتري حطبًا بما تبقى وتقايض كتابا بكتاب لتسهر على أحداثه ثم تسرق بعض سويعات تغمض فيها أجفانها وترتاح بعد يوم طويل ليكون زاد سهرها لليلة وحيدة جديدة
هكذا عاشت وهكذا ماتت أيضا، ذات شتاء.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات