" نظننا ناجيين ،لكننا في حقيقة الأمر نحاول دائمًا النجاة من شيء _كجميعانا_،"
عزيزتي إيزيس ،
أعلم أنكِ تكتبين دائمًا لإيزيس ، لكنني لا أعلم كيف للمرء أن يكتب لذاته ..
أراكِ هي ، أراكِ إيزيس ، أراكِ تملكين ذلك الأمل المتقد داخل قلبها ،ذلك الإيمان الذي جعلها تُجمع رُفات أوزوريس وتدور البلاد بحثًا عنه حتي ينعم بموت هادئ .
إيمان لا يضحده موت ولا حياة :")
أما بعد ،
فقد قرأت رسالتك الأولي لي بقلبي ،فمر أمامي شريطًا طويلًا من المحاولة ،من اليأس ،من النصر الزائف ،من الهزيمة المحققة ،من اإعتقاد الدائم بتجاوز الأشياء دون أن تتجاوزنا.
أراه جيدًا ،و أعلم ملامح وجهه وصوت أنفاسه ،أعلم كيف يصبح كالظل الدائم ،وكيف تريه في كل مكان ولا يراه أحد سواكِ .
ذلك الخوف الذي مليء قلوبنا ليالٍ ،ذلك الوحش الذي يرقد كل ليلة أمام باب الغرفة دون أن يرحل .
فيتخلل ظلامه قلوبنا فيثقلها ويثقلنا معاها ..
لكن يا إيزيس ذلك الخوف لا وجود له سوا بعقولنا تلك ..
عقولنا التي حبست جميع آلامنا بصندوق أسود ،وجعلتنا نؤمن بأننا اجتازناها مخافة من مواجههتها ،مخافة من ذلك الآلم الأخير ،ذلك الألم الذي يمنحنا شعورًا أخيرًا بالحرية وهو التعافي ..
قد وصفتي في رسالتك لي بأن التعافي كالنهر ،لكنني لا أراه سوا نارًا ، تلك النار التي تكوي الجرح فنصرخ صرخة معلنة عن الألم الأخير الذي بعده راحة أبدية .
تلك النار التي تجعلنا ننصهر بشكل ما مع آلامنا ،مخاوفنا ،أنفسنا ،وكل ما اعتدنا أن نطوي عليه صدورنا ..
تصهرناو تشكلنا من جديد ،تأكل كل أثار الجُرح ،تجعله يندمل ،وتلتهم معاها كل البقايا الزائفة من أصناف المشاعر و البشر و الخيبة ،قاطعة في طريقها كل سبل الحياة عن ذلك الخوف من أن نتألم ؛لأننا حقًا نتألم:)
تقبلي يا عزيزتي نار التعافي ،افتحي لها زراعيكِ علي اتساعهما ،تقبلي أن كل ما مررنا به كالدائرة التي ننصهر و نتشكل حولها من جديد .
افتحي زراعيكِ لذلك القبح فسترين الجمال منبثق منه .
افتحي زراعيكِ لتلك المحنة فستبصرين المنحة في لبها.
وعند إذًا ستوقنين بأنكِ ناجية لا ضحية ..
و نظننا ناجيين :")
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
عظيم ❤️❤️❤️