الكل يُجمع على أن القراءة عادة مفيدة جدا ولها آثارها الإيجابية على فكر الإنسان وأسلوبه في الحياة، لكن هل يمكن أن تحرمنا القراءة من السعادة؟

تختار دوما الكتاب الذي يعجبك عنوانه أو كاتبه أو ما سُرد عن محتواه في غلافه الخلفي وذلك أمر طبيعي، فلا يمكن أن تضيع وقتك في اختيار كتاب مهيب بمظهره وعنوانه وفارغ المحتوى في نفس الوقت.

لكن أن تعود مرارا لاختيار كتب لن تجعلك سعيدا، فهذا أمر غريب!

كنت أعتمد في اختياراتي للكتب على استشارتي للأصدقاء القارئين قبلي، لكن مع الوقت اعتمدت على نفسي وبدأت أتوجه للكتب المتعلقة بعلم السيكولوجيا والأرواح والتحكم في الأذهان وكتب تعرض حقائقا لا تسمعها كثيرا في المداس والجامعات أو بين الأصدقاء أو حتى في وسائل الإعلام.


ولا أنكر أن قراءة مثل هذه الكتب تولّد شخصا آخر في داخلك، شخصا شرِهًا لكل هذه المعلومات ولا يتوقف عن نهمها واحدة تلو الأخرى.


لكن في المقابل، تعرضت لصفعة أو أكثر جراء ما عرفته في ثنايا هذه الكتب، فعلمت كيف التأثير على الأذهان وآلية تغييبها كأن أصحابها يهيمون في هذا العالم للأكل والشرب دون تفكير أو إدراك بما يحدث حولهم، وأدركت حقيقة أحداث صارت في العالم ونُشر خلاف حقيقتها، أصبحت كمن كسرت طوق الخضوع لجهل نما مع مرور السنين. فهمت أن الواقع ليس كما أرى في ظاهره وأن ما قيل لي خطأ هو الصح والعكس صحيح.

ستكون على اطلاع ومعرفة وستبدو كمن يتلذذ المشاعر التي تنتابك عندما تعلم ومن أمامك لا يعلم أنك تعلم، فتبدو كمن فهمت الأحجية وحللت اللغز وأدركت أنه لن تباغتك أي معلومة أو أية محاولة لتغييب ذهنك، لأنك حصّنت عقلك بحصن منيع. رغم ذلك لن تكون سعيدا، فأحيانا تجدنا نقول لأنفسنا: "ليتنا لم نعلم"، ليتني أبقيت كل ذلك طي الغيب فأرحت عقلي من التفكير والتمحيص وإثارة التساؤلات.

الآن أبدو كمن دخل اللعبة ولن يستطيع الخروج منها إلا بإنهاء مراحلها، لكن المعرفة لا تنتهي والكتب كذلك وهذا ما يجعل الأمر ممتعا.




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات سارة قاروط

تدوينات ذات صلة