محاولة لإعادة غربلة العلاقات الاجتماعية في إطار تقييمي، من أجل التركيز على الذات وضمان وجود شبكة صداقات جيدة أهدافها واضحة وأسلوبها مناسب.


سألني أخي ذات مرة: كيفَ أعرف إذا كانت علاقاتي صحيَّة أو لا..؟ وبالرغم من أنه يصغرني سنًا، إلا أنَّ طوله الفارِع تتضاءلُ عنده سنوات الميلاد! فأغدو أخته الصغرى شئتُ أم أبيت، وبينما سؤاله يأخذني إلى سلسلة من الأسئلة أجبته: هذا موضوع يحتاج إلى جلسة حواريّة وندوة عائلية على مستوى عالٍ من "الكافيين".


بديهيًا أخبرته: حتى تُسمى هذه أو تلك علاقة فلا بدَّ من خطَّين متوازيين من وإلى طرفيها، إذ لا تسمي شيئًا ما بينك وبين أحدهم علاقة بدونهما، وشرطُ هٰذين الاتجاهين أن يكونا فعّالين؛ في الأخذ والعطاء على حد سواء، بغض الطرفِ عن شكل ما يؤخَذ وما يُعطى. فإذا كانت كذلك عندها نطرح الأسئلة. وإلا فلا حاجة لتكبّد عناء ذلك البتة.


وأنا هنا أسألك عن العلاقات التي اخترتها أنت ولم تُلزم بها بحُكم العمل أو الجيرة أو القرابة.

✓ هل تشعر أن وجودك مع هذا الشخص تحديدًا أفضل من الوحدة؟

✓ هل تشعر برغبة متكررة في معرفة ماذا يفعل الآن؟

✓ هل تشعر أنك سعيد لمجرد وجوده في حياتك، وأنه ليس رقمًا في الهاتف أو اسمًا في قائمة الأصدقاء؟

✓ هل ستشعر بالقلق إذا كان حزينًا أو ليس في مزاج جيد؟

✓ هل تكون أكثر عطاءً بقربه وأكثر إيجابيه بوجوده؟

✓ هل غيابه لوقت طويل يؤثر في مستوى رضاك عن يومك؟

✓ هل تفكر في الاتصال به إذا ألمَّ بك طارئ؟

✓ هل يعرف عنك أكثر مما يعرف البقية؟

✓ هل تفهمه ويفهمك دون الحاجة لطويل الشرح؟

✓ هل هو أول من يشاركك لحظاتك السعيدة؟

✓ هل تحرص على أن تُجمّل نفسك في عينيه، أم تتركها على سجيتها؟

✓ هل تشاركه أحداث من طفولتك، ومواقف كانت حبيسة الذكريات؟

✓ هل تخبره أحلامك التي تتمناها، والبلدان التي ترجو زيارتها؟

✓ هل تحرص على رؤيته ما كان ذلك ممكنًا، ولو لجولة في السيارة فقط؟

✓ هل تعرف أهله جيدًا؟

✓ هل تتمنى لو تشيبان معًا؟

✓ هل تشعر أن ضحكتك في حضوره لها ايقاعٌ مختلف؟

✓ هل تفعلان نشاطًا مشتركًا تحبانه؟

✓ هل تخيلت يومًا حياتك بدونه فانقبض صدرك؟

✓ هل تتمنى لو أنك عرفته في وقت أبكر؟

✓ هل تُحدِّثه عن مخاوفك في الحياة؟

✓ هل تعرف كيف تجعله يبتسم وهو يبكي؟

✓ هل هو كثير الشكوى؟

✓ هل يرضى بسهوله إذا أغضبته يومًا، هل تعرف كيف ترضيه؟

✓ هل يُشبهك في أشياء كثيرة؟

✓ هل يُحسن الظن بك؟

✓ هل يعتبر كل ما يخصك هامًا وإن كان تافهًا؟

✓ هل أنت معه النسخة الأفضل من ذاتك؟


علَّمته أنّ له في الصباحِ طاقة، هل يُحب أن يصرفها في علاقة تمتصُّه دون أن يدري، أو في تبريراتٍ للشخص الذي لا يفهمه، أو في اعتذاراتٍ لإنسانٍ كثير الغضب، أو في مواساةٍ لصديقٍ كثير الشكوى، أو في لقاءاتٍ مليئة بالنَّكد، أو في الاهتمام بأشياء لا تهمه، أو في فعل أنشطة لا يُحبها، أو في إرضاء من لا يرضى! بالطبع، لن تجد صديقًا مطابقًا لما تحب تمامًا. لكن على الأقل عليك الاجتهاد في غربلة العلاقات التي تنتزع منك وقتك وسعادتك عنوة تحت ظل الصداقة، فهذه دعوة مُلحَّة لإعادة الحسابات. إذ ستكون طاقتك في مكانها الصحيح حين تعرف فيمَ تصرفها، ومع من؟.


وبالرغم من أني أميلُ إلى العزلة في أغلب الأحيان إلا أنني أدركُ أنه مهما كانت ظروفها وتجلياتها أكثر راحة، فإنَّ للألفة والمودة بين الناس أثرٌ عظيم لا يخفى على أحد. فالأهلُ قلادة تطوّق العنق وطوق نجاة بها نعبر الأيام، والجيران وصية الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، والأصحابُ حدائق وارفة الظلال، والزملاء أزهارها على اختلاف أنواعهم وبريقهم. ولكن ثمّة أنسان يعرفُ إلى أيّ إجابة تنتهي أسئلتي وعلى أيِّ صورة تبتهجُ المرايا في حضوره، له في القلب مُتّسعٌ وهيبة.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

مُلهِم جدًا

إقرأ المزيد من تدوينات سَنـــــــاء الزيود

تدوينات ذات صلة