لطفاً ... لفهم المقالة أرجو قراءة سلسلة المقالات السابقة من ملامح مضيئة ثم إكمال قراءة هذا المقال لإيصال المعنى كاملاً
أهم العوامل التى يكتسب منها الفرد طباع من الاخرين.
5- ظروف تمر بها :
كل البشر فى جميع أنحاء العالم يمرون بظروف عديدة مع إختلاف أعمارهم وجنسيتهم ولكن يمكن أن تتشابه الظروف وتترك نفس الأثر فى قلوب أصحابها . ويمكن أيضا أن تترك أثراً مختلفاً برغم تشابه تلك الظروف . فمن منا لم يفقد أعزاء لم يكن فى ذهنه يوماً أن يعيش بدونهم أو يستكمل حياته برغم عدم وجودهم . ومن منا أيضا لم يمر بمراحل فشل فى حياته أو لحظات يأس. فتلك هى الحياة وهكذا الدنيا ما بين أعلى وأدنى وبين ضعف وقوة . ما بين صعود وهبوط . وكل حالة من هذه الحالات تترك بداخلك أثر يعمل على تشكيل شخصيتك أو حتى تغير قليلا من طباعك.
فمثلا عند فقدان أحد الوالدين تنتابك مشاعر لا تعرف لها معنى ولا حتى تفسير لا تطيق تحملها . وفى الحقيقة شعور فقدان الأب يختلف تماماً عن شعور فقدان الأم . فعند فقدان الأب تشعر بأنك كالطفل الذى لا يعرف شيء ويقف بمفردة فى مكان لا يعرفة كالتائه الذى لا يعرف أحد ولا يستطيع التعامل مع أحد ويتملكة الخوف من كل شىء ومن كل الناس. فمن كان يحمية ويسندة قد رحل وتركة يواجه الدنيا وحيداً ومهما كان حوله من أشخاص قريبين يظل يشعر بالوحدة والخوف من كل شيء فبعد الأب لا يوجد أب أخر مهما تعددت الأشخاص حولك . فالأب هو الأمان والحماية والسند فى هذه الحياة المؤلمة. الشخص الوحيد الذى يمكن له أن يعوضك ويهون عليك عدم وجود الأب هو وجود الأم .. ليست بالصورة الكاملة ولكنها تعوض جزء بسيط يجعلك تقوى على مواجهه الحياة من جديد دون أب. ولكن عند فقدان الأم فمشاعر فقدانها تختلف تماماً. فوقتها تفقد حلاوة الدنيا وتفقد طعم كل شيء حولك فلا تجد المتعه عند أى أحد أو فى أى شيء. تشعر وقتها أن نوراً قد إنطفأ ولم يضيء مرة ثانية. فقدُ الحنان والحب الحقيقى وجمال الدنيا كله . فتصبح كل أحداثك ناقصة شيء. السعادة والنجاح والفرح والمتعة جميعاً ينقصهم شيء لا يستطيع أحد تعويضة. وليست كل الأمور كاملة حتماً ينقصها أجمل ما فيها فتصبح كالصورة الباهته التى تنظر إليها فلا تستطيع رؤيتها بوضوح لأنها مشوهه ومالمحها باهته فلا يمكنك رؤيتها. الحقيقة مهما كتبت عن هذا الشعور لن أستطيع وصفة بالشكل الكامل لأنها مشاعر لا تعبر عنها الكلمات أو السطور ولو كُتبت فى مجلدات العالم .
بالتأكيد فقدان الأعزاء يؤثر فى شخصيتك. فأعتقد أن لا شيء يستطيع كسر الإنسان بعد هذا الشعور الأليم الموجع. كل الأمور تصبح تافهه و بسيطة ولا تستحق الوقوف عندها أو حتى التفكير فيها . وقتها تشعر أنك أصبحت شخصية مختلفة لا تهتم بأمور كنت تهتم بها من قبل . يمكن أن تصبح أكثر حساسية للمواقف وأكثر تأثراً بالكلام والأحاديث ولكنك تحاول إخفاء ذلك حتى لا يهزمك أحد . لا تريد أن تشعر بأن شيء ينقصك حتى ولو كانت هذه هى الحقيقة ولكنك لا تريد أن تعترف بها إلى أحد أو حتى أن تعترف بها لنفسك . تحاول تمثيل دور أنك لا تحتاج أحد ولا تحتاج شيء وأنت فى الحقيقة تحتاج كل شيء وكما قلت كل الأحداث ناقصة ولن تكتمل ثانية. أيضاً تصبح زاهداً فى الحياة لا تتمسك بها بالشكل الكبير الذى كنت عليه سابقاً تشتهى الذهاب منها حتى تلتقى بهؤلاء الأعزاء وتطمئن بهم فلا يغريك مال ولا سلطة ولا نجاح ولا أى شيء فالناقص فيهم يؤلمك أكثر من أنه يسعدك . وهذا بالتأكيد يغير فيك الكثير والكثير والكثير حتى يمكن أن تصبح شخص لا تعرفه أنت من قبل ذلك. غريب عنك وغريب على من حولك وعلى من يعرفونك .
وليست فقط العوامل السابقة المذكورة هم المؤثرين فى إكتسابك بعض الطباع والمميزات من الأخرين أو المحيطين بك ولكن يوجد العديد من العوامل الأخرى المهمة فيمكن أن تذهب فى رحلة مع مجموعة من الأشخاص وتكتسب منهم طبع أو صفة جديدة. يمكن أيضاً أن تكتسب من جيرانك بعض الأمور . أى تعامل مع الأخرين يمكن أن يكسبك بعض الطباع فى شخصيتك ويمكن أيضاً أن يغير فى شخصيتك الكثير. ولكن من أهم وأكثر الأشياء التى تؤثر فى شخصيتك هى المواقف التى تمر بها فى حياتك كما وضحنا . وأيضا وجود أشخاص جديدة يمكن أن يغير من طبعك أو صفاتك . لحظات الفشل والنجاح والحزن والسعادة والحب والخيانة والمرض .... إلخ وغيرها من الأمور الكثيرة التى تجد أنها دون أن تشعر تترك فى شخصيتك أثراً جديداً يغير فى مجرى حياتك أو فى مميزاتك أو عيوبك أو طباعك الشخصية .
حاول الأن أن تستعيد بعض اللحظات التى مرت فى حياتك وقارن بين شخصيتك قبل هذه المواقف وبعدها .... ستكتشف التغير الذى حدث يمكن أن تكون أصبحت أكثر نضجاً أكثر خوفاً . أو أكثر قوة . على حسب كل موقف ستجد النتيجة التى أثرت فى شخصيتك وتكوينك. وكلٌ حسب الحدث الذى مر فى حياتك وترك ذلك الأثر. فكثيراً ما يمر علينا مواقف ونقول لأنفسنا لو أن هذه المواقف حدثت من قبل لكان رد الفعل منا مختلف تماماً عن الأن . وكما قلنا هذا يحدث لنا نتيجة أمور تمر فى حياتنا فتؤثر علينا وعلى ردود أفعالنا فى الكثير من المواقف.
إنتظروا المقالة القادمة للإستكمال ....
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات