شعوبٌ لا تُجيد سوى التصفيق هنا وصف لحالهًم قبل توقيع اتفاقية مصيرنا

دَخَلَ الرجل مُسرعاً يتخبطّ بالمقاعد والحضور, يتمايل يُمنةً ويُسره كَمَنْ أصابّه مَسّ شيطانيّ.


صآح مُترجياً "سيدي القاضي "أنا برئٌ مِنْ كُلّ التُّهَم ومعي الدليل القاطع على أنهم هُمْ المُذنبون وأشار بيده نحو أسياد القوم "……!


وهُنا عَمّ الصمت لحظه ارتبك القاضي نظرات استياء من الحضور وهاج رادّاً على اتهام الرجل


"اقطعوا هذا الجسد عن ذلك الرأس الفاني "!

وأشار للرجل وأشاح بوجهه للجهة الأخرى .


ثُمّ أردفَ قائلاً: اجعلوه عِبرَةً لِكًلّ مَنْ سَوّلت له نفسه بإلقاء التُهمّ على مَنْ هم أجّل منه .


وفعلاً أمام باب المحكمة شُحذ السيف وبحركةٍ خاطفه اُنهي المشهد .



لو كان ما سبق مشهداً سينمائياً لّصفّق المُشاهدون لِبراعة الممثلين وإبداع السيناريو ولكن!


لو كان السابق حقيقةً ماثلة أمام عينيك هَل ستكون ردّة فعلك ذاتها !



هذا هو منوال تقرير المصائر ومنهجيتها في هذه الحياة كلمة قد تُنهي حياة أحدهم وجهٌ يُشاح يُنْزِل على صاحبهاً سَخَطاً و توقيع أسفل ورقة يسلب وطناً.


عندما تحين لحظات اتخاذ قراراتٍ محورية تتعلق بمصائر شعوب أو أشخاص هنالك بعض الطقوس الواجب اتباعها لتحقيق أقصى تأثير على الناس لإقناعهم بالقرارات.

نبدأها بكوب من القهوة فالإحتساء أو الارتشاف يجعل منهم أشخاصاً مُثقفين ولا ننسى فالأمرّ شاٌّقٌ عليهم "كان الله في عونهم " وواجبٌ علينا تهدئتهم ,

سيارة "مرسيديس بنز إس كلاس ليموزين " لإيصالهم لمكان الإعلان عن القرار المُتخذ إرتداء أفضل الثياب " بدله إرمينيغليدو زينيا وحذاء كونفرس لامع وساعة ريتشارد ميل " عطر كارون بوافور لا يضير .


عندما يصلون لقاعة الإجتماعات ويُحيطهم الصحفيون مِنْ كُلّ جانب يجلسون على مقعد مُعتلي "مُريح فراحتُهم تَهُمنأ "وليبدو أحدهم صاحبَ جاهٍ وسُلطه حتى وإنّ كان عَكْسَ ذلك وذا عقل ساذج .

توضع أمامهم أوراقٌ جَمّه وليومنا هذا لا يُعرَف السبب أنا أثق أنّ مُعظمها فارغٌ إلا من العنوان , وقلماً بسعرٍ زهيد فَعلى الرغم مِنْ أنّ القلم هو صاحب النقطة الفاصلة إلى أنه الأقل ثمناً مِثلهُم تماماً .


تُلقى تحت الطاولة جميع التفاصيل المفصلية المُتعلقة بالأضرار التي ستلحق "بالواقع عليهم حُكم التطبيق" ,وتُهمل تبعات هذا القرار .


وفي آخر الورقة التي سَيوقعّون عليها لإصدار الحُكم يتم إضافة بند "هذا كُلّة لمصلحتكُم ". وعندما تلتقط كاميرات القنوات الإخبارية هذا الحَدَث يُركزون على البند الذي تَمَركز في الحاشية مُتناسين العنوان .


وعندما يتم التوقيع يتصافح الأسياد أما الحَرْب فيخوضها الكادحين الذي جلّ ما فعلوه هو "التصفيق "


تصفيقٌ قَبل البدء ,تصفيق بعد الإعلان وتصفيق أثناء الإقرار .فنحنُ شعوبٌ لا تُجيد سوى التصفيق .


وبعد الإنتهاء مِن توقيع مصيركُم أو مصيرهُم أو حتى مصيرنا لا يُهمّ .فَقد وُقّعَت القرارات وأُعلنت على المَلأ. وما يُعلنْ لا تجوز مُخالفتُه وإنْ حَدَث .يعرفون كيف يجعلونكَ تلتزم الصَمّت .


أو لرُبما يتكرر ذلك المشهد أمام قاعة المحكمة وتُنتهى حياتُك بحركة عشوائية .














ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

فعلاً نجيد التصفيق على آلامنا وجراحنا،سلمتي👍🏽

تدوينات من تصنيف محتوى أدبي

تدوينات ذات صلة