اليوم.. هذه اللحظة .. هي كل ما أملك .. وهي فرصتي لأكون سعيدة.. ولأصنع تغييرا مميزا.
(الكنز في الرحلة) كثيرا ما سمعت هذه الجملة وشعرت بأنها بلا معنى. كيف يكون الكنز في الرحلة؟ هدفي من الرحلة هو الوصول.. هي مجرد وسيلة. مرحلة عابرة. ليست الغاية، ومتعتي ستكون عند وصولي وتنفسي الصعداء لانتهاء رحلتي، سواء كانت صعبة، سهلة ، ممتعة، مملة .. لا يهم.. المهم الوصول.
هل فكرتم مثلي يوما ما؟ هل كان كل شاغلكم هو الوصول لهدف ما؟ هل شعرتم يوما ما أن الحياة ستتوقف عند تحقق بضع أهداف؟ عمل جيد مستقر، أسرة صغيرة، بيت..؟
هكذا ظللت أفكر لسنوات. و كان الرعب يتملكني عندما أفكر" وماذا بعد؟" حينها كانت لدي وظيفة مستقرة بدخل ثابت مضمون.. لم أكن سعيدة بها إطلاقا، لكن كنت انتظر ما بعد.. ربما تتبدل الأحوال.. كنت أيضا أقدّر بشدة وجودي في دائرة الأمان.. المضمون.. بلا مجازفة.. بلا مخاطر.. وبلا خسائر. لكن مازال هناك مجهول انتظره. حققت بعضا مما ظننته سيحقق سعادتي.. وظللت أدور في دوائر الأمان و المضمون.. وخاب ظني.. لم تأت السعادة على طبق من ذهب تحملها لي أسباب خارجة عني.. دفعتني ظروفي دفعا لأخرج من تلك الدائرة.. و تركت وظيفتي المضمونة .. مضطرة.. وخائفة.. لكن ما جعلني أتقبل ذلك حينها هو أنني وجدت بديلا.. لم يكن بنفس درجة الأمان، ولكن قلت لنفسي " فلنجرب".
وقتها كنت مازلت في انتظار أن تحمل أقداري عوضا عما مررت به وعما خسرته.. لم يحدث ذلك.. كان عليّ أن أسعى بكل الاتجاهات.. جربت بضع وظائف.. طوّرت من قدراتي وخبراتي الوظيفية والحياتية. جائتني فرص كانت بالنسبة لي مجرد حلم.
لكن الأهم من كل شيء أنني تعلمت أن مرور كل يوم وأنا سعيدة، هو هدف .. أن أحقق شيئا صغيرا .. قد يكون مهما و ذو صلة بعملي مثلا.. وربما يكون تافها.. كشراء بعض مستحضرات التجميل كمكافأة لنفسي .. لم أعد انتظر قادما ليسعدني.. لم أعد انتظر غدا ليحمل عن كاهلي عناء اليوم.. اليوم هو فرصتي.. اليوم هو كنزي .. ليس عليّ أن انتظر غدا لأبدأ .. ربما يمكنني أن أبدأ اليوم.. أو على الأقل أن أضع خطة للبداية.. ليس علي أن انتظر غدا لأتعلم شيئا جديدا.. يمكنني على الأٌقل أن ابدأ في البحث عن سبل تعلمه.. وأغط في نومي وأنا أشعر أنني خطوت خطوة في طريق جديد.
أنا سعيدة اليوم لأنني حاولت بالأمس.. لأنني صمدت بالأمس .. و سعيدة غدا لأنني استعديت له اليوم..الكنز في الرحلة .. الكنز في كل يوم يمر ونحن نقدر ما تحمله لنا أقدارنا.. حتى الخسارة، هي درس ليأتي يوم و نتفاداها فنحقق مكسبا أو ننقذ أنفسنا من خسارة أكبر. تقديري لألمي و حزني بالأمس، أعانني أن أكون أكثر صلابة اليوم.. أكثر خبرة.. وأكثر صمودا. خبرتي السيئة بالأمس، تجعلني قادرة حقا على أن أقول لمن يمر بنفس الطريق " أتفهّم ألمك.. وأشعر بما تشعر به". عندما يداهمني الحزن.. الخذلان.. الفقد، يخبرني قلبي وعقلي" لقد مررنا بما هو أكثر وصمدنا.. و اليوم سيمر ذلك أيضا".
رحلتي كنز.. لا يهمني إن كان هناك غد أم لا.. يهمني أن رحلتي كل يوم تمر وقد أضفت لنفسي شيئا ما.. مهما كان قليلا.. فهو لبنة في بنيان خبراتي .. وطريقي لعقل أكثر وعيا ونضوجا.. وقلب أكثر تفهما وأكثر قدرة على الصمود في وجه الصدمات، قادرا بحق على تقديم المساندة والمواساة لمن يحاولون الصمود في مواجهة ما واجهته بالأمس.
قدّر ما كان بالأمس.. ولتكن سعادتك اليوم هدفا.. و إن جاء الغد فكن ممتنا لهذه الفرصة .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
أحييك، كلمات جميلة وأسلوب قريب من القلب.🌹
أسلوبك راقى يا ريهام وأفكارك مرتبة وغاية فى الإبداع بالتوفيق يا جميلة 💞💞
مبدعة 💗💗