هل تسكت عن الحق وإن كان مرتكب الخطأ أقرب الناس اليك

شبح الموت يخيم على المكان كلما أخرج عبد الكريم دخان لفافة التبغ الممزوجة بمخدر الحشيش، الموت يطير فوق الديرة متجها إلي من كُتبت له الأقدار في تلك الساعة المحددة، البرد قارس في المكان والجميع داخل منازلهم مخبئين من قسوته، أصوات وتحركات يهيئه له مخدر الحشيش ولكن ذلك الصوت لم يكن من ضمن التخيلات، أنه صوت ألم ووجع يصدر من داخل البيت الذي يجلس بجانبه، منزل عم والده الشيخ صالح.


أعتلى عبد الكريم سور المنزل ليشاهد رجل يبرح عجوز بالضرب على رأسه بواسطة عصا خشبيه في فناء المنزل، تلك الآهات يعرف الان ممن تصدر، أنها من الشيخ صالح، محاولات منه لإصدار ردة فعل في ذلك الموقف ولكن ذلك المخدر اللعين يبطأ من حركاته ويغيب عقله عن المفروض فعله، كان في قمة النشوة من ذلك المخدر ولكنه حاول التركيز فيمن يضرب الشيخ، لم يكن يصدق من يفعل ذلك، أعتقد أنه أصيب بهلوسة من جراء شرب المخدر حيث هيئ له أن من يضرب الشيخ صالح هو ابن أخيه، صدر صوت مكتوم من عبد الكريم: أبي.


لم يصدر عبد الكريم أي حركة ،كذلك الشيخ صالح الذي توقفت ألامه وصرخاته الضعيفة من جراء الضرب ،الان شبح الموت قد أخذ ما جاء لأجله معتلي إلي السماء ،نزل عبد الكريم من على السور وبدأ يشرب ما تبقى من لفافة التبغ بفجعة وفي صباح اليوم التالي استيقظ في وقت صلاة الظهر ليسمع صيحات وصرخات النساء في كل مكان ،أدرك بعد لحظات أن ما رأه في الأمس لم يكن حلم ،أصبح متيقن لماذا تصرخ هؤلاء النساء ،سمع صوت نهيب وتعزية أنفسهم بموت الشيخ صالح ،


خرج من المنزل متواجد مع الجمع من الرجال الذين تجمهروا مع الشرطة عند منزل العم صالح ،كان يبحث من بين الموجودين عن وجه يعرفه جيدا ولم يغيب عنه منذ الأمس ،رأى أبيه في وسط الرجال يبكي بحرقة ويزيل دموعه بالشماخ ،وقف مكانه ولم يستطع فعل شيء ،شريط ذكريات الطفولة يعاد أمامه ،العم صالح يعطيهم الحلوى ويعلمهم القرءان ويعطيهم النقود في الأعياد ،كان جميع أطفال الديرة يحبونه لعطفه عليهم ولكنه قد عَمر كثيرا ويملك الكثير من الأموال ،الأقرباء يريدون موته ولكن الأقدار أبت ذلك حتى قرر أبيه بالأمس انهاء ذلك الأمر .حاولت الشرطة أن تجد الفاعل ولكن لم يكن هناك شهود غير شاهد لا يستطيع أن يتحدث ويقول إن والده من قتل العم صالح، وبعد ضغط قررت الشرطة تقيد القضية ضد مجهول فالقتيل رجل في الثمانين من العمر ولن يهتم به أحد.


يزيد من جرعات مخدر الحشيش يوميا ويشربه في نفس المكان الذي قتل فيه الشيخ حتى يستطيع أن يخفى اهات الشيخ وهو يموت والتي يسمعها في أذنه ولكنها أبت ألا تصمت أبداً.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

جميلة

إقرأ المزيد من تدوينات رائد يونس النبراوي

تدوينات ذات صلة