طبيعة الحياة لن تعود كالسابق بعد هذه الزيارة المفاجئة، فما الحل؟
زائر دخل علينا في شتاء ٢٠٢٠ دون موعد أو سابق إنذار، فجأه تغير روتين الحياة وتعالت أصوات صفارات الإنذار وأغلقت الطرقات وحوصرنا في حدود منازلنا وتوقف كل شي عن الحركة، صمت يعم المكان وهدوء قاتل! لا نختلف بأن طبيعة الحياة لم ولن تعود لسابق عهدها بعد هذه الزياره المفاجئة، لكن يكفينا أن ننظر إلى الواقع من هذا المنظار... يكفينا.
فايروس كورونا زائر غير محبب َغير مرغوب فيه، لكن كلي ايمان بأنه لن يبقى إلى الأبد! أتانا على غفلة وعلى عجلة من أمره والتهم ما تبقى فينا من قوة وعزيمة وأمل، (كأنه اللي فينا مو مكفينا)!
وحش دمر كل شيء
فايروس كورونا أوصفه كوحش غائر دمر كل شيء وكل جزء من حياتنا: دمر عجلة الاقتصاد، فرص عمل الكثير، دمر التعليم بتجارب تعليمية عقيمة مشكوك في جدواها، دمر الصحة وخلق في محيطها إطار عنوانه الخوف والريبة. حتى أن فايروس كورونا خطف منا أجمل وأغلى وأثمن وأبسط الأشياء التي تفرح قلوبنا كجمعة العائلة ولمتنا الحلوة مع أحبابنا، أوقفت أملنا بلقاء أبنائنا المغتربين بعد طول غياب. خطفت ابتسامتنا وصوت ضحكتنا، أكره الكمامة لأنها تخفي بسمتنا وتخفي ملامح وجهنا! اشتقت لحضن والدتي بعد يوم طويل وساعات عمل متعبة... أخاف قربي منها وخوفي عليها يمنعني! لكنني أنظر إليها بنظرة الحنين المغترب لوطنه، لبيته العتيق لألملم تعبي وحنيني وشوقي بين كفوف أيديها الكريمة.
فايروس كورونا سبب لنا ضغوطات نفسية بعد أن ابتعدنا عن العديد من الإجتماعية التي غرست فينا منذ خلقنا وخلقت هذه البشرية. إن عواقبه مدمرة على أرواحنا وأجسادنا وصحتنا، لكن ما بينفع (نبكي ونندب حظنا) مهما ما كان لهذا الزائر الغير مرحب به من تأثير سلبي لذاتنا حتى لو رغرغت دمعه بعينك! لملمها وخذ نفس بحجم الكون َتمتم بينك وبين نفسك واحكي اللهم قوة - اللهم ثبات - اللهم حرية.
حياة جديدة... وإيجابيات
عند عودتنا للنقطه الأولى ... فإننا حتماً بدانا حياة جديدة بقوانين غريبة ضد طبيعة هذا الكون... لن نعود كما كنا نعهد أنفسنا في الماضي حتى لو انتهت هذه الجائحة وأشرقت شمس سنوات الماضي... ورغم كل شيء إذا أعدنا النظر مجدداً وبدقة سنجد إيجابيات جميلة في هذه التجربة دون شك رغم ما فيها من تغييرات وصعوبات. فكم من مصاب شفي وعاد الي دفئ بيته، كم من حالات سجلت بتزايد زرعت بداخلنا الخوف ومن ثم بدأت بالتقلص والتناقص لنقلع ما غرس من خوف ونبني ثمره أمل وأمان نرويها بطاقاتنا وحبنا ، "الحمد لله" من أحبهم بصحة وعافية وأتمنى أن يكون أهلكم وذويكم وأحبائكم بألف خير. كم منا وقبل الجائحة لم يقض الوقت الكافي مع عائلته وأبنائه بسبب انشغاله في عمله وكانت هذه الحياة تخطف وقته من بينهم، واليوم بعد تواجده في منزله قصراً وفي ظل هذه الازمة تعرف على أبنائه واكتشف فيهم صفات لا يعلمها تحدثوا وتشاركوا الآراء تذكروا الماضي ورسموا بسطور من ذهب بقلم الأمل مستقبلهم الذين يرجون الوصول اليه لبر الأمان بضحكات جماعية عائلية لا ضحكات فرديه بعيده في مجالات عملهم.
سؤالي انا لكم هو :لماذا لا نفكر وبكل جدية بالقادم بعد انتهاء هذه الجائحة وما الذي يمكننا تغييره للافضل بكل عزيمة وإصرار؟
إذا عدنا الى الوراء في تاريخ البشرية فإننا نجد العديد من النكبات والحروب والنكسات والمصائب والصعوبات التي حصلت على مر التاريخ. كم من أفراد خلقوا من عز الدمعة والتعب بسمة وأمل وكانوا على مقدرة في خلق بذور الأمل من منتصف هذه الصعاب وكانت فرص ذهبية يتحدث عنها تاريخنا الحديث! ولو تمعنا بدقة في شخصيات هاؤلاء الأفراد لوجدنا أنهم وبكل بساطة تمكنوا من السيطرة على عقولهم في عز الشتات والضياع ولم يسمحوا لأي عائق كان ان يسيطر عليهم ولم يخضع تفكيرهم للضعف ولا للاستسلام ولم يهزموا بل اعتلوا القمم وتجملوا وابدعوا.
أدرك ان الامر ليس بهذه السهولة... نحن خلق الله نحن بشر ولا بد أن نضعف... نبكي... نشتاق... ونقع على وجوهنا وهنا عثره وهناك حفره وهناك من يستنفذ طاقتنا ولا بد أن نقع... لكن ما أجمل من النهوض والاستناد على تعبنا بعد الوقوع! فلننهض وبكل قوه نحو السماء ولنطوف هذه الأرض لنبدع ولنترجم كل ما فينا من قوة بفكرة بأمل لنحقق أهدافنا السامية. لن نرسوا على هذا الشاطئ ولا ذاك ولا نريد بر الأمان نريد موجة عاتية لنقبل في تحدٍ آخر لفرص أجمل وأقوى لنزداد قوة، ولن نخيب ظنون أنفسنا فينا فنحن الأقوى ونحن الأمل ونحن الجيش! لننتشر في هذه الأرض ونغزوا اخطاءنا وعثراتنا لنصلح كل شيء. لن نهزم لن نستسلم وغداً لنا وبعده لنا ولباقي العمر هذا عمرنا ولنا نحن لنا لنا.
اصنعوا من العدم من السراب من المستحيل ناطحة سحاب وجبال وميناء لترسوا فيه بأمان.
ابدلوا دموعكم وألمكم بفرح وببسمة! اشحنوا طاقاتكم استقووا على هذا المارد الذي لا نراه.
اطردوا مخاوفكم بعيداً عنكم واصمدوا وقاوموا وارسموا خططكم بقلم حبر لا قلم رصاص.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
رؤية ممتازة للظرف الحالي 👏🏿
تدوينة متميزة،وأحب أن أشير إلى تفاوت تجاربنا في هذه الفترة حيث أن البعض مننا خلق الفرص من رحم المعاناة، شخصيًا وجدت الوقت لتعلم الكثير مما وضعته على الرف في السنين السابقة.