دَائمًا مَا تُرعِبٌنا أرقامُ حالاتِ الطَلاق التي تُضيف مَأساة إلى مَجموعةِ المآسي المُجتمعية..

اِستوقفني مَا كَتَبَهُ الأُستاذ الدُكتور مُصطَفى إِبراهيم الزَلَمي رَحِمَهُ اللهُ، في مُؤلَفهِ(مَدى سُلطانْ الإِرادة في الطَلَاقْ)، حَيثُ ذَكَرَ كيفَ أَنَّ الطَلاقَ فِي مَفهومِ القُرآنِ والسُنَّة النَبَويّةِ المُطَهّرة لابُدَّ لَهُ مِن أن يَمُرَّ بمَراحِلَ ثَمانيةٍ، لا كَما يَتَصوُر العَامَّة والجُّهال مِن أنَّ الطَّلاق بِقرارٍ مُتهورٍ مُتسرّع، ومِن غَيرِ مُراعاةٍ للبَنةِ المُجتَمَعيّة وَلا للأولاد ولا للزوّجة، بَلّ قَد يتَصوّر البَعضُ مِن أَنَّ الزَوجةَ إِنَّما هيَ سِلعةٌ تُباع وتُشترى، تَتَزوّجَها ثمَّ تُطَّلقها، وعَليهِ أَحببتُ أنّ أُعيد لكَ فِكرةَ مَا كَتَبهُ العَلاّمة الزَلَميْ رَحِمَهُ الله، وَما هِيَ المَراحِل الثَمانية مِنْ مَراحِل الطَلاق، وهل أَنَّ الطَلاقْ مُباحٌ في أَصلهِ أَم مَحظور؟



أقولُ لَكَ وبِالله التَوفيق أنَّ الفِقهَ اِنقسمَ إِلى قِسمينِ.. الأَوّل: يَرى أَنَّ الطَلاقْ مُباحٌ، والثَاني: يَرى أَنَّهُ مَحظُورٌ، وَنَميلُ لِما ذَكَرَهُ فِقهُ الحَظرِ بدَليلِ قَولهِ تَعالى ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا * إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾([1]) لِذَلِكَ فِإنَّ الطَّلاقَ دُونَ حَاجةٍ فَهُوَ ظُلمٌ وَفَسادٌ وأذى لاَ يُرضي اللهَ ولا رَسُوَلهُ، وَقَولهُ تَعالى ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَة إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾([2]) فَإذا تزوّجتَ فعَليكَ أن تَسكُنَ لِزَوجتكَ، ولا تكفُرَ بالعَشيرِ ولا بالمَودّة، وُكلُ كُفرانٍ بِذَلِكَ مَمنوعٌ مَحظورٌ وَنِهايتهُ الطَّلاق المَحظُور. أَما دَليلُ السُنَّة النَبويّة، فَمَبغوضٌ مَغضوبٌ لِقَوله صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمْ: أبغَضُ الحلالِ إلى اللهِ الطَّلاقُ ([3])، وإن كانَ في الحَديثِ نَظَرٌ لكنَّهُ أَبغضُ الحَلالِ لما فيهِ تَفريقٌ وشِقاقٌ كما قَال أَهلُ العلمِ في ذَلِكْ.

وَقولهُ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمْ: أيُّما امرأةٍ سَأَلَتْ زَوجَها الطَّلاقَ مِن غيرِ بَأسٍ، فحَرامٌ عليها رائحةُ الجنَّةِ ([4]). لِذَلِكَ لَم يُطَّلِق النَبيّ مُحَمّد صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمْ وَلا صَحابَتهُ الكِرامْ دُونَ سَببٍ أَو لأَجل الطَّلاق، وَحتى إن طَلَّق الصَحابَةُ دونَ أَن نَعّرِف نَحنُ السَبَبْ مِن عِلّة التَطليق فَإِنَّ هَذا لا يَدل عَلى أنَّ السَبب لَم يَقَع! وإِذا وَصَلَتْ المَرحَلَةُ بَينكَ وبينَ زَوجَتِكْ إلى مَا وَصَلَتْ إِليه مِن ضَرَرٍ، بِذَلِكَ لاَبُدَّ من أن يُتَحمّل الضَرَرُ الخَاص لِدَفعِ الضَرَرِ العَام، ولإنَّ الضَرر الأَشد يُزالُ بالضَرَرِ الأَخفْ، ولإِنَّ الضَرورات تُقَدّر بِقَدَرِها، يَقعُ الطَلاق المَحظور الذيّ أَشرنا إِليه دَفعًا وَتخلِيصًا واِصلاحًا يُرتجى لأولادكَ وزوجتكْ.. وَعليهِ لا بُدَّ للطَّلاق أن يَمر بمراحلَ ثمانِية وَهيَ مراحلُ عِلاجيّة إِصلاحية قَبل أَن تَكونُ للتَفريقْ:


المَرحلةُ الأولى الوَعظْ والإِرشاد:

وَهوَ مِن أسمى الواجباتِ وأهمِّ الخَطوات وأوّلها، وواجبُكَ كزوج عَلى زَوجتك كمُحبٍ لَها المُقَدِّر العَطوف عَليها، أن تَعِظَها وتُعالِج خَطَئها بقَدَرِ مَا يَبدرُ مِنها مِن ذَلِكَ الخَطأ المُتَعلّق بالعِلاقة الزَوجيّة وأَلاَّ تَجعلها بِدايةً للتَصدّع والاِنشقاق والبُعد، وَهُو أمرٌ واجبٌ مِنَ اللهِ عزَّ وجل عَليكَ، لقولهِ تعالى ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ﴾([5]).

المَرحلةُ الثانية المَوُدةُ والرَحمةْ: وبما أنَّك تزوجتَ زواجًا مبنيًّا على المَودةِ والرَحمةِ، إذن قَبل أن تُفكر بالمحظور من الطَّلاق لابُدَّ أن تَستَخدِمَ معكوس المَودة مع زوجتكْ، لِجَعلِها عُقوبة هِجران في أن تَهجرها في كُل مَا فيهِ من أُسلوبٍ يَدلُ عَلى الحَميميّة والقُرب كَالعِلاقةِ السَريريّة أَو كُل مَا يَمتْ لِذَلِكَ بصلةٍ، وَهي رِسالةٌ مِن اللهِ عَزَّ وجل لكَ أيها الزَوج المُحِب لزَوجتهِ، أَن تُشعِرَها بالحِرمانْ العَاطِفي الذيّ مِن المُمكِن أن يَلحقَ بِها إذا استمرتْ بأسلوبها، ومَع ذَلِكَ فَإنَّ هذا الفِعل مِن الهَجر لا يَكونُ أَمام الآخرين وإنِما في مَكانِ الخَلوةِ فَقَط التي تَكونُ بَينَكُما، ولا يَكونُ أَمامَ أولادكم ولا تَستَخدمهُ اِذلالًا لِزَوجتكْ سَواء في بَيتك أَو أَمام النَاس مِن عَدَمِ مُراعاةٍ لمَشاعِرها أو سَماع كَلامِها أو تَقديرِها. قَال اللهُ تَعالى في مُحكَم آياتهِ بخصوص أمر الهَجر ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ ([6]).


المَرحلةُ الثالِثة الضَربُ:

ذَكر اللهُ عزَّ وجل ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ*فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ ([7]) وَهُنا لديَّ وَقفاتٌ مَع هَذهِ العِبارة التي طَارَ بِها الطَاعِنُون والكَارِهون، وكأنَّ الإِسلام جَاء للضَرب والعِقاب ونَسِيَ الكَثيرُ مِن الطَاعِنين أَنَّ المَراحِل الثَمانية مَا هِيَ إِلا لِحفاظ بَيتكَ مِن التَفكّك والضَياعْ أصلًا. وَسأَنقل مَا ذَكرهُ اُستَاذُنا مِن بَعضِ مَعنى الضَربِ وَذَمِّه كَبُغضِنا لسائِر الأَفعال القَبيحة شَرعًا وَقانُونًا، لَكنَّ الشارعَ الحَكيم العَالِمُ بالمَصالِح، أصَّل لك أصلًا فقهيًا هو أنَّ الضَرر الأَشد يُزال بالضَررِ الأَخّف، لِذلِكَ يقولُ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمْ: ولا يضرِبُ إلَّا شِرارُكُمْ ([8]). وَقال صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمْ: لا يَجْلِدُ أحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، ثُمَّ يُجامِعُها في آخِرِ اليَومِ ([9]). لَكِن عندما تَفعلُ زوجَتُكَ فعلًا سَقيمًا مُخالفًا للنِظام والآدابِ العَامة والأخلاق المُجتمعيّة، لا بُدَّ لَها مِن عُقوبةٍ مِن غَيرِ جَرحٍ ولا عَاهةٍ، وَمِثالهُ: أما أَن تَرفعَ يَداكَ عَليها بِنية الضَربِ أو بِعَمَلٍ تُشعِرُها كزُوج بالتَقصيرِ والذَنبِ وَعَدَمِ التَقديرِ، وأن تَضرِبها ضَربًا خَفيفًا هُو مَا يَكونُ مُشاعًا مَع الأَطفالْ، وأن تقدّر أنت أيها الزوجُ مقدار زوجتك، فلكل حالةٍ ما يناسبها، وأنا لا اتوسعُ في مسألة الضَرب لأنَّ كل بيتٍ وكل مجتمعٍ لهُ مقياسهُ وأعرافهُ تختلفُ باختلاف المكانِ والزمان.



المَرحلةُ الرابعة المُصالحَة:

يظل الشَارعُ الحَكيم يّحثُّك ويُشَجّعك عَلى المُصالَحَةِ والمُحافَظة على البَيتْ من الطَّلاقِ وهَدم وتَفكُك البُيوتْ، ومَازال اَمامَك أن تتفاهم وأَن تتباحث مع زَوجَتِكَ عَن كُلِّ جَميلٍ يَجمَعُكما ويُرجِعُكما لمَا كَنتم عَليهِ، لِذَلِكَ يَقول اللهُ عَزَّ وجل ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾([10]).



المَرحلةُ الخَامِسة التَحكيم:

وَهنا نَجِدُ بَعدَ كُل الخَطواتْ الفَرديّة مِنكَ كزَوج، وَعَدَم الوُصول لأَيّ نَتائِج، لابُدَّ لكَ مِن إدخال اَطراف أخرى، وحقيقةُ الأمرِ أنَّهُ من المُحزِن الوُصول لهذهِ المَرحلة، وَعليه تَختارُ زَوجَتُكَ حَكمًا مِن أَهلِها عَادلًا فَاهِمًا بالأمور الزَوجيّة من اَقارِبها وَيكونُ صَاحب قَرار، والحِياد مُهم في مِثل هَذه الأُمور ومِثلهُ أيها الزَوج أَن تأتي بِمُحكّم مُخلص نَزيه، وأَن يُبيّن الطرفانِ من المُحكّمين جَوانِب التَقصير وَيرجِعونها لأَصحابها-أيّ صَاحِب التَقصير سواء كنتَ أنت أيها الزَوج أم زَوجَتُكَ- وأنت تتقبلوهُ إصلاحًا لذاتِ البينِ ورأبًا للصَدع.

ودَليلُ هذا قولُ اللهُ عزَّ وجل ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّـهُ بَيْنَهُمَا * إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾([11]).



المَرحلةُ السَادِسة الطَّلاقُ للمَرة الأولى:

إِذا وَصَلَ الأَمرُ لمَرحلةٍ لابُدَّ مِنها بينكَ وبينَ زوجَتك، وَضَع الإِسلامُ في حَالاتِ الضَروراتِ المُلِحِّة وَوصولاً لرعايةِ أسرتكَ مِن التَفكك وَالضياع، أَن يُطرَح مَوضوع الطَّلاق، وبما أنَّ الطَّلاق ثَلاثة! فَعليك هُنا وبمرارة كزَوجِ أَن تُطلّق وتُراعي عِدةَ مَسائِل مُهمّة وَهيَ التَفريقُ بينَ الطَلقاتِ وتَوزِيعها عَلى ثَلاثِ مَرّات، ولا يُمكن أَن تُطَّلقْ مَرتينِ في مَجلسٍ واحد! لكثرةِ الأَدلة عَلى وُقوعها واحدةً، وأن تُراعي أيها الزَوجُ مَسألة التَوقيِتْ، وأَن تتقيّد في طَلاقك بالوَقتِ المُحدد لِقَولهِ تَعالى ﴿إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ﴾([12]) ووقتُ عِدتهنَّ حَددتها السُنَّة النَبويّة بِما عَدا الأَوقات التَالية: وَقت الحَيض، النِفاس، وَقت طُهر تمَّ مُعاشَرَتُها فِيه، لاِحتمال أن تَكونَ حَامِلًا. وَأن لا تُخرجها من بَيتِها، أَي بُيوت الزَوجيّة، حَيث إِذا كَان الطَّلاقُ رَجعيًا حَتى تَنقضي عِدتُها، عَليكَ أن تؤمّن لَها ما تَحتاجُه مِن مَطعم ومَلبس ومأَكل ومَشرب ومَسكن، لِقوله تَعالى ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّـهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا﴾([13])، وَعِلّة عَدَم اِخراجك لزوجَتك، هوَ امكانيّة إِرجاع سَبيل الحُب والمَودَّة والعَاطِفة وإِصلاح ذَاتْ البَين والأَولاد والمُجتَمع كَكُلّ.. ومِنَ المَعروُف أنَّهُ يَحِقُ لَك اَن تراجِعَ زَوجَتك خِلال فَترة العِدَّة بِدون عَقدٍ جَديد، بالفِعل والقَول، وبالقَولِ فَقط (كَراجَعتُكِ) عِندَ الآخرين، والفِعل كَالمُعاشَرَة الزَوجيّة، ومِنَ المَعلوم اِذا انتهتْ العِدَّة لا يَحِقُ لَكَ إِعادَتُها إِلا بعقدٍ جَديد.

وَمِنَ الأُمور التي حَرَصتْ عَليها الشَريعةُ الإِسلاميّة هِي الاِشهادُ عَلى الطَلاق والرَجعَة لِقوله تَعالى ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّـهِ﴾([14]) لانَّ حُضور الشُهود والإِشهاد هوَ ابعاد مَواضِع التُهَم خَاصَّة في مِثل هَذهِ الأُمور وهوَ حُضور شَاهدينِ عَادِلينِ يَعّرفانِ حُدودَ الله ويَشهدانِ على كُل فِعلٍ من أَفعال الطَّلاق والرَجعَة.

وَلا بُدَّ مِن الاِنتباه عَلى عَدم اِكراهك لزَوّجتك في أن تَردَّ إليكَ شَيئًا مِن الصَّداق أو نَفَقَةً قَد صَرفتها اَثناء حَياتكما الزَوجيّة السَابِقة في مُقابل تطّليقك لزَوجتك، إذا رأيتْ أنَّ الحَياة لا يُمكِنُ أن تَستَمرَّ مَعها، أَما إذا دَفَعتْ هي بِرضاها فَلا بَأس في ذَلِكَ، ويُسمى هَذا الطَّلاق في اِصطلاح الفُقهاء(الخُلع) وَهو أَن تَدفعَ الزَوجةُ لزَوجِها مَهمها كَلَّف الثَمن كي تَتَخلص مِنه. قَال تَعالى ﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾([15]) وَهذا النَصّ إن دَلَّ فإِنما يَدلُ على حِرص الإِسلام مَرةً بَعدَ مرةٍ عَلى حِماية المَرأة مِنَ الظُلم الذيّ يَقعُ عَليها مِن الطَّلاقْ ماديًا ومعنويًا.

المَرحلةُ السَابعة التَطليقُ مرَّة ثَانية: وإذا لم تجدي كل المراحِل معكما نفعًا، فهَذهِ المَرحلة أسوأ وَضع اُسري قد وَصَلتم إليه! وعليكم أن تتعظوا مِما قَد يَلحقُ بخسارَتِكما وأن تحاولا أن تَرجِعا بَدلاً من أن يَقع الطَّلاقُ الثاني، وهو اِما رَجعيًا أو بَائِنًا بعقدٍ جَديد، أما إذا بَقي الشِقاقْ والاِختلافُ والتَنافُر ولمْ تجِد نَفعًا كل المُحاولاتِ، وعَجَزَتْ الخَطواتُ السَبعة، فَلكَ اَن تُطلِّق الثَالِثة والأَخيرة..



المَرحلةُ الثَامِنة التَطليقُ ثَالثًا:

وهيَ اَن تَصل الاُسرة لحَالة من اليأس في الوفاقْ والاتفاق، ويصل الطرفان والأولاد إلى بركان من الظلم والتفكك، وهذهِ المَرحلة الثَامِنة فَلا حول ولا قُوَّة إِلا باللهِ، ويبقى هَذا الخِيارُ أَفضل مِن غَيره بَدلًا من أن يُؤذي أَحدُكما الآخر أَو ان يَقضي عَليه.. كَما نَسمعُ اليوم! أو اَن تقضي هي عَلى الأَولاد بجنايةٍ أو جُنحة، إذاً تطلَّق زَوجُتك الثَالِثة، التي تَتَرتبُ عَليهِا الاَحكام الشَرعيّة التَالية: أولًا لا يُمكِنُ لزَوجتكَ المُطلَّقة أن تَبقى في بَيتِ الزَوجيّة لأَنها أَصبحت بائِنَةً ومُحَرّمة. ثانيًا لا يُمكِنُك إِعادة زَوجتكَ لا بالرَجعة ولا بعَقدٍ جَديد للبينونةِ الكُبرى. ثَالثًا يَكونُ لزَوجتكَ أَن تَختار زَوجًا آخر وشريكًا جَديدًا لحَياتِها الزَوجيّة. رابعًا أَما اذا اَرادت هي الرُجوع لك باعتبارك الزوجُ الأَول فَيمكِنُها ذَلك.

لكِنْ بشُروط:

أ‌- أن تَتَزوّج زوجًا آخر زَواجًا شَرعيًا.

ب‌- أن يَدخُلَ بِها الزَوجُ الثَاني دُخولًا شَرعيًا طَبيعَّيًا.

ت‌- أن يَحصلَ الِافتراقُ بالمَوتْ أو الطَّلاق أَو التَفريق القَضائيْ.

ث‌- أن تَنتَهي عِدَّتُها مِن هَذا الطَّلاقْ.

بعد ذلك يحق لك أيها الزَوج الأول أن تَتَزوجها إِذا رَغِبتَ في ذَلِكَ بإعتبار أَنَّ كُلاً مِنكُما مرَّ بتجربةٍ مَريرةٍ فَيمكنُ أن يُتَوقع أَن يَنجحَ الزَواجُ بَعدَ هذهِ التَجربةِ المريرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

معوقات فك الوثاق لإيقاع الطلاق 47227063576625096




([1]) سورة النساء آية (٣٤).

([2]) سورة الروم آية (٢١).

([3]) أخرجه أبو داود (2178)، وابن ماجه (2018).

([4]) أخرجه أبو داود (2226)، والترمذي (1187)، وابن ماجه (2055)، وأحمد (22379) واللفظ له.

([5]) سورة النساء آية (٣٤).

([6]) سورة النساء آية (٣٤).

([7]) سورة النساء آية (٣٤).

([8]) أخرجه ابن سعد في (الطبقات الكبرى) (10516).

([9]) صحيح البخاري (٥٢٠٤).

([10]) سورة النساء آية (١٢٨).

([11]) سورة النساء آية (٣٥).

([12]) سورة الطَّلاق آية (١).

([13]) سورة الطَّلاق آية (١).

([14]) سورة الطَّلاق آية (١).

([15]) سورة البَقَرة آية (٢٢٩).



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مصعب ثائر جسملة | Musaab Thair

تدوينات ذات صلة