اردت الهرب من حياتي ومن ظروفي واردت الاختفاء لم اتوصل لشيء سوى ان الموت ليس الحل

لا اعرف في أي يوم أنا ولا أعلم حتى الوقت كل شيءٍ يبدو متشابهاً لا أستطيع تمييز مذاق الطعام وسيكون انجازاً ان استطعت التذكر متى آخر مرة تناولت بها الطعام حتى .نسيت التفرقة بالمشاعر ولم اعد قادر على الاحساس بأي شيءٍ حولي لكن استطيع الشعور بالانتماء الآن لأن الليل قد حلّ وأخيراً ، عندما ارى ظُلمة السماء ليلاً اشعر بأن الكون و روحي قد تماثلا بنفس اللون فروحي سوداء قاتمة للغاية . استمتع بمراقبة الطرق الفارغة والمنازل التي أُطفأت بها الانوار ليخلد الأُناس القانتين بها بالنوم العميق احاول استشعار الطمأنينة التي يشعرون بها لكنني فشلت لقد فشلت في كل شيء حتى انني فشلت بالنوم فقد تخلى عني كحال الجميع تاركياً اياي مع أرقٍ مميت يبقيني مع ذكريات أُحاول أن انساها. ارفع يدي لأُمسد شعري ليقابلني الفراغ فقط لانني فقدت شعري منذ بضعة أشهر منذ ان صدر تشخيصي بمرض السرطان و بدأت بتلقي علاجه القاسي.منذ ذلك حين فقدت نفسي وعملي وكل شيء وليس فقط شعري لقد تحطمت ولم يبقى لي اثر انا لست سوى روح على عتبة الجسد تنتظر خروجها لم يعد لي الرغبة في البقاء أريد الهرب قبل تشخيصي بالمرض ببضعة أشهر تسلمت مشروعاً كبيراً كان عبارة عن بناء برج كبير بوسط المدينة لم اتخيل انه من الممكن ان استلم مشروعاً ضخماً كهذا خاصة واني ابلغ ما يقارب منتصف عقدي الثاني لم اعتقد انه من الممكن ان افعل ذلك ليس قبل الثلاثين من عمري .ولكن لم اتوقع أيضاً أن أُصاب بمرضٍ خطير في هذا العمر الذي كان يفترض به ان يكون اجمل ايامي لكنها تحولت لكابوس اذكر اني كنت في غاية السعادة عند استلامي للمشروع وعملت عليه بكل جهدي حتى بدأت اشعر بالتعب كثيراً عزيت السبب لعملي الجاد والجهد المضاعف الذي ابذله .ولكن علمت حقيقة كوني كاذباً عندما طلبت إجازة لبضعة ايام لعل التعب يزول ،لكن لم يكن هناك أي تحسن يذكر ومع تقدم الايام بدأت اشعر بأن التعب يتزايد وقدرتي على التحمل بدأت تقل لكن كبريائي لم يسمح لي أن اعبر عن ما اشعر به .لقد كنت انانياً رأيت من حولي يتلوون ألماً وقلقاً وخوفاً علي ولكن لم أبالي لم يكن هناك العديد من الأشخاص حولي على اي حال انه فقط صديقي عُمر الذي كان يساوي البشر جميعاً بالنسبة الي ولكنني الآن عاجزٌ عن الاحساس به مثلما فقدت الاحساس بباقي الاشياء .وببعض الاحيان اشعر ان صداقتي بعمر أصبحت كابوساً بالنسبة لي ففي بعض الاحيان أُجبر على مجاراته والتمثيل بأني أعيش بنفس واقعه وهذا مرهق جداً فأنا لم اعد قادر على تقبل العالم من حولي او التعايش به ولكني أُحاول من اجل عمر الذي لم يتركني من بداية مصيبتي اشعر ببعض الاحيان انه متعب اكثر مني اعلم انه من الصعب ان ترى شخصاً تحبه يتألم يا عمر لكنني اسف وبشدة لا استطيع ان اجبر نفسي على السعادة اكثر من ذلك محاولة تمثيلها أصعب علي من المرض نفسه لكن سأُحاول بجهد اكبر من أجلك مثلما يقولون من اجلك مرة والف مرة .

لم أُحاول كسر كبريائي وبقيت مُصراً على اني بخير لكن وبينما كنت أقود ليلاً داهمني ألمٌ شديد لم استطع تحمله و فقدت قدرتي على التركيز و بالتالي فقدت السيطرة على سيارتي وتسبب ذلك بحادثٍ كبير ترك اثاراً بليغة على جسدي الظاهر وكشف سراً كبيراً قد خبأه جسدي بداخله لم اتمنى ان يبوح به . استيقظت داخل المستشفى والذي تبين انه اصبح ملجأي الذي سأقضي به ما تبقى من حياتي لم ارى احداً من حولي سوى عمر الذي رأيت الدموع تغلف عينيه والصدمة كانت قد اعتلت وجهه والتي اعتلت وجهي بدورها أيضاً عندما اخبرني الطبيب عن حقيقة مرضي التمسني شعور لا أستطيع التعبير عنه اردت الضحك بشدة بسبب الالم الذي ارتمى على قلبي تخبّط الالم بروحي ولم يخرج تجمدت بمكاني تخدرت قدمايّ لفّ العالم بي وأبت كلماتي ان تخرج وأبى عقلي أن يُصدق . كنت اعلم ان هناك شيئاً ما سيئاً بي لكن لم أعتقد انه سيء لتلك الدرجة وضعت العديد من السيناريوهات بعقلي لكن هذا لم يكن احداهالقد فقدت القدرة على الشعور بأي شيء منذ ذلك الحين فقدت الاحساس الا بالالم الذي يرافقني للآن ليس الألم الجسدي ولا ألم العلاج بل ألم روحي و بعد ان فُرض علي ان اتقبل الواقع رفضت العلاج لم يبقى لدي شيء لأُحارب من اجله خاصة عندما تم تسريحي من عملي بسبب مرضي كما قال مديري بالعمل :"من الافضل ان تركز على علاجك بدلاً من المشروع فالشخص الذي بنفس حالتك تجب عليه الراحة وبذات الوقت المشروع يجب عليه ان يستمر لذلك نحن نعتذر من خدماتك وعلينا تسليم العمل لمهندسٍ آخر بالرغم من انها خسارة لكلينا ولكنها الحياة وانت ما تزال في مقتبل العمر والعديد من الفرص تنتظرك " لكن لم يعلم انه لم يعد بقدرتي الانتظار لأي شيءٍ لقد استسلمت لقد خرجت كل الآلام التي عايشتها عندما علمت انني مريض لقد طفح الكيل ولم اعد استطيع تحمل الالم اكثر من ذلك هذا اكثر مما استطيع ان اتحمل لقد انهار كل شيء امامي وحان وقت انهياري بقيتُ رافضاً لفكرة العلاج ولم اتقبلها الا عندما رأيت دموع عُمر وترجياته لي لأبدأ العلاج استسلمت للامر وبدأنا باول جلسات العلاج ليس محاربةً مني للبقاء على قيد الحياة التي لا أُطيقها ولكن حتى لا ارى عمر متألماً اكثر عليّ أن أُضحي من أجله على الاقل لمرة واحدة .

قاطع تفكيري طرق الباب لاستيقظ من الدوامة التي كنت غارقٌ بها كان وكالعادة عمر فهو يزورني يومياً في المستشفى هو يمثل السعادة لكن انا اعلم انه حزين ليس من المرض الذي أصابني بل من الحال التي اصبحت عليها منذ ان تعرفت على عمر وأصبحنا أصدقاء كنت انا المبتسم دوماً وكنت اكثر من يضحك رغم الماضي المؤلم الذي امتلكته لكن لا استطيع ان اكون ذلك الشخص بعد الان فروحي قد أُزهقت -هل انت جاهز لجلسة العلاج اليوم ؟ - نعم انا جاهزٌ دائماً - لا تفقد الامل لم يتبق الكثير وسننهي الامر معاً وسيكون الامر وكأن شيئاً لم يكن وستكمل حياتك ولن يكون ما تمر به الا ذكرى ستضحك عليها وستكون فخوراً بتجاوزها حسناً ؟نعم يا عمر انت محق لم يتبق الكثير وسينتهي الامر وسيكون الامر كما لو لم يكن ولكن انا لن اكون أيضاً. بدأت جلسة علاجي ولكن ألمها لا يذكر مقابل ما قد رأيته بحياتي وكالعادة بدأت الأفكار والذكريات تتسلل لمخيلتي حتى تنتهي هذه الجلسة المقيتة من العلاج الذي لا فائدة منه فلا شيء يمكنه علاج روحي تذكرت اليوم الذي دخلت به مدرستي الجديدة التي انتقلت لها بمنتصف العام الدراسي بسبب تغيرات عمل والدي والذي بسببه اضطررنا الانتقال من مكان سكننا الى مكان آخر .وكان هذا افضل شيء حدث بحياتي البائسة فقد تعرفت على عمر حينها و مثل اي طالب جديد كنت تائهاً و اتى عمر ووضح لي كل الامور المطلوبة مني وساعدني بكل شيء كنت بحاجته و كانت تلك اول مرة امسك عمر بها يدي وارشدني بها وانتشلني من التخبط واصبحت تلك عادة عمر الجديدة فيما بعد فمنذ ذلك الحين اصبحنا أصدقاء وبينما عمر كان وما زال دائماً بجانبي ومتمسكاً بي كنت لا اشعر به وكل ما اقوم به هو تسبيب المشاكل له وتعطيله هو متعلق جداً بعمله لكنه مؤخراً يأخذ إجازات عديدة من اجل الاعتناء بي يلازمني طوال اليوم ويرحل ليلاً واحيانا يبيت معي بالمستشفى ولكن هذا ادى الى الخصم من راتبه هو اخفى عني هذه الحقيقة لكنني بت اعلمها الآن هو أيضاً يساعدني بمتطلبات ومصاريف العلاج لأنني لم استطع تحملها وحدي وما زلت يا عمر تسبب لي الألم اكثر من الدواء الذي يسري في عروقي الان واكثر من المرض الذي الملتصق بجسدي وما زلت لا استطيع تعويضك

لقد توفيّ والداي بحادث كما قيل لي لقد توفيّا بدولة أُخرى كان من المفترض أن أكون معهما و أن أكون ميتاً لكن لا بأس سألحق بهما عن قريب .

ما زلت اذكر عندما كنا نتناول الطعام مجتمعين حول المائدة عندما أخبرنا والدي عن سفره للصين بغرض العملوأذكر حماس أُمي عندما اقترحت على والدي أن يحولها من رحلة عمل إلى رحلة عمل وسياحة عائلية خاصةً إني كنت في عطلة لكنني رفضت الذهاب .. كنت اكره السفر وكنت قد خططت لجدول مليء بالأمور التي أُريد فعلها مع عمر خلال العطلة رفضت أُمي الذهاب بعد ما افصحت عن عدم رغبتي بالسفر معهم لكنني وبطريقة ما استطعت اقناعها واقناع ابي بتركي وحيداً هنا ووافقا بشرط أن أبقى بمنزل عمتي لا اعلم هل اندم لأنني لم اذهب معهما او اندم لانني اقنعت أُمي بالذهاب رُبما وجودها كان سيكون شافياً لي لفت نظري بينما كنت اتجهز للذهاب مع عمر الى مكان ما خططنا الذهاب اليه في العطلة هاتفي المتموضع بإهمال على سريري والذي لم يستقبل اي اتصال من والديّ هذا غريب بالعادة وفي هذا الوقت اكون قد استقبلت على الاقل ثلاث مكالمات من والدتي هكذا كان الامر خلال الايام الستة الماضية حاولت الاتصال بهم اول مرة وثاني مرة والعديد من المرات لكن لم يكن هناك رد وما زلت اتصل بهم واريد سماع صوتهم ولكن لا يوجد رد استطعت الآن وبعد وفاة والدتي استيعاب كمية الخوف التي سيطرت عليها قبل سفرها كانت تشعر بتأنيب الضمير لأنها ستتركني وحدي وكرهت الأمر بشدة ظننت أنها تعتقدني طفلاً لا يمكنها تركه وحيداً ولكنني علمتُ الآن أنها كانت تعلم بأمر عدم عودتها ابداً .

عند وفاة والداي دخلت باول نوبة اكتئاب كنت متعلقاً بهما بشدة فأنا طفلهما الوحيد كانت مشاعري آنذاك تقريباً تشبه مشاعري حالياً إلا ان الفرق انه كان هناك شيء يضيء بداخلي لإكمال حياتي كنت اشعر به لكن الآن أنا أشعر اني منطفئ تماماً من الداخل بداخلي يوجد ظلمة شديدة حتى عقلي لا يستطيع استيعابها.

وكالعادة وجدت عمر يقف بجانبي يحاول سحبي من الظلمة التي وقعت بها امسك عمر ببصيص الضوء داخلي وقام بتوسعته حتى اصبحت اخيراً قادرا على اكمال حياتي بشكل يمكن ان يقال عنه طبيعيلكن الجرح الذي تركه والداي ترك ندبة على روحي وقد فُتحت الندبة الآن واشعر بنزيفها هل هذا ما يُسمى بالتراكمات ؟ هل لم أعبر في ذلك الوقت عن مشاعري بشكلٍ صريح وصحيح لإغلاق جرحي وقد بدأ بالنزيف الآن عندما تعرضت لضربة وجرح آخر ؟! رُبما كان علي ان أتصالح مع الظروف والتعامل معها بطريقة صحيحة في ذلك الوقت لا ان أُحاول إغلاقها ونسيانها لأن ندوبها ستتفتح في وقتٍ خاطئ لا فائدة من الندم على اي حال قرأت ذات مرة انه عندما ترى صفحة سوداء في كتاب أبيض لا تحاول تمزيقها بل حاول تجميلها والتعايش معها لأن اثر الصفحة الممزقة سيبقى للأبد وستتذكره كلما فتحت الكتاب .هذا بالضبط ما حدث معي لم احاول التصالح مع فكرة فقداني لوالداي بل قمت بمحاولة نسيانهما أذكر اني كنت أُتعب نفسي كل يوم بجهد مضاعف لأنام سريعاً عندما أعود إلى منزل عمتي التي اصبحت أُقيم معها منذ وفاة والداي .

لكن الجرح لم يغلق بعد بل فُتح الآن عندما علمت بأمر المرض الذي اصابني أشعر الآن اني حزين على فقدانهم اكثر من اللحظة التي علمت بها عن وفاتهم

بقيت عند عمتي حتى تخرجي حينها أردت الاستقلال بمنزل منفرد لا أُريد ان اكون عالة على أحد بعد اليوم رغم أن عمتي لم تقل هذا الا انني رغبت ان اكون اكثر استقلالية لكن الآن قد تركت المنزل لأنني لا اسكن به على أي حال بدلاً من وضع النقود على إيجار المنزل اضعها على العلاج وعندما اشعر بالملل من المستشفى اذهب الى منزل عمر اردت البدء بحياة جديدة بدون ان أكون مثيراً للشفقة سأكون انا الذي يقدم المساعدة لعمر منذ الان فصاعداً لكن ها انا ذا فشلت في ذلك ايضا واصبحت عاجزاً تماماً وعمر يقوم برعايتي و يدفع عني تكاليف العلاج ويقوم بمساعدتي بكل شيء .ربما كُتب علي ان اكون مثيراً للشفقة للابد

انتهى اليوم اسرع مما توقعت لاعود لغرفتي أتأمل السماء التي و كما قلتُ سابقاً تماثل روحي في لونها لكن كان يشغل عقلي شيئٌ ما لقد رأيت شيئاً ما كان علي ان أراه اليوم عُمر على وشك ان يفقد وظيفته بسببي توقعت هذا هو بالكاد يذهب لعمله لقد بقي معي طوال الايام السابقة .


لقد اكتفيت انا مجرد عبئ زائد على الجميع انا لا استحق الحياة علي الذهاب بأسرع وقت


أشرقت الشمس ولكنني لم استيقظ فأنا لم أنم بالأصل أجريت العديد من الفحوصات السريعة منذ ساعات الصباح الأولى وأنتظر عمر ان يأتي سأذهب للمبيت في منزله لمدة قصيرة فكما أخبرته انا لم اعد قادراً على تحمل المزيد من الجدران البيضاء التي تصيبني بحالة من الجنون عند رؤيتها

لكن كان هناك هدف آخر في عقلي فقد حان الوقت لإنهاء كل شيء أخرجت عمر من المنزل بحجة ان الطبيب وصف لي أدوية وعليه أخذها آسف لاني كذبت لكن لا يوجد طريقة أخرى لاخراجك من المنزل لا اعلم ماذا سيكون شعوره عندما يعلم اني كذبت لكن هذا ليس مهماً الاهم هو انني سأبتعد عن هذا العالم لن افكر بأي شيء آخر

الآن إنها فرصتي المناسبة عمر ليس بالمنزل لقد اتلفت جميع ملابسي واغراضي الموجودة عند عمر والحوض مليء بالماء وقطعة من الزجاج المكسور بيدي لا اعلم لما وجهي مليء بالدموع ظننتُ اني فقدت الاحساس لكن لا مجال للتراجع واحد ... اثنان .... تشجع هيا ..ثلاثة نعم فعلتها أرخيتُ جسدي بالماء أخيراً سأرتاح للأبد ولكن فجأة تصنمت مكاني وفُتحت عيني على أوسعها هذا ليس ما اريده ليس في منزل عُمر لن ينسى مظهري ابداً أردت الهروب لكنني لم أُرِد الموت ليست هذه الراحة التي أُريدها . لا لا ليس هذا ما اردته.. أنقذني للمرة الاخيرة يا عمر أرجوك إنني أموت قبل أن أذهب للأبد أدركت ان الحياة قد رمت العديد من السهام نحوي لكن السهم الوحيد الذي قتلني هو السهم الذي أطلقته على نفسي أُريد فرصة أُخرى أُريد أن أُقاتل مرة أُخرى لكن .....فات الآوان



Monasaleem

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

عندما تعطي القلم لمن يستحقه 🔥✨

إقرأ المزيد من تدوينات Monasaleem

تدوينات ذات صلة