الطفل الأول و شعورك الغير مفهوم ! فرح أم حزن ، قلق و توتر، اجهاد و تعب ، رغبة بالحياة او الهرب منها


الأمومة أعظم شعور بالحياة، وكأنه حلم كبير جدا لكل فتاه تتمنى تحقيقه عندما يشاء الله ووفقا لظروف معينه وحالة شعورية داخلية حسية، تنقل الفتاة من مرحلة أن تكون طفلة تُرعى الى أن تلد طفلا ترعاه.


بعد زواجي، بعدة أشهر تأكدت من حملي بطفل صغير ينمو بداخل رحمي كغيمة خفيفة، تكبر وتكبر مع مرور الأيام والأشهر، في بداية شهور الحمل الأولى، كنت أشعر ببعض الضيق، استفراغ، وحام، النوم الزائد والخمول، الشهور الوسطى كنت سعيدة جدا بها، إحساسي بطفلي بدأ يزيد وبدأت الغيمة الخفيفة تصبح أثقل وأثقل، كنت سعيدة بتجربة ملابس الحمل، وتجهيز ملابس الطفل، أما الشهور الثلاثة الأخيرة فكانت الأصعب، احتباس الماء، زيادة الوزن، وكثرة مواعيد تخطيط انقباضات الرحم استعدادا للولادة وهطول المطر!


بعد الولادة، جلست في المستشفى 3 ايام حتى استعيد صحتي الجسمية بعد الولادة، ولم أستوعب جدا فكرة انني أصبحت أما، إلا عندما أتت الممرضة واعطتني عمر لأرضعه طبيعيا! بدأت أحاول وأحاول، دون جدوى ورفض تام من عمر بأن يرضع من ثديي، أحبطت، ولم افهم رفضه لي، ولم أستوعب مدى صعوبة الرضاعة الطبيعية بعد أول أيام من الولادة وخاصة بعد ولادة أول طفل. ذهبت الممرضة وأخبرتها بأن تعود لاحقا، وعادت بعد مدة، وتكرر الرفض، تكرر لمدة شهر. رفض عمر رفضا تاما أن يرضع من أمه. لجأت لشفط الحليب لشهر وبعد ذلك لم أستطع أن أكمل لتوقف الحليب ربانيا بسبب عدم طلب عمر للحليب طبيعيا.


بعد عدة ايام، توفى والدي بعد معاناته لسنوات مع الجلطة الدماغية، وعاطفتي لم تكن تتحمل صدمة أخرى، كانت أيام صعبة لا أتمنى أن يمر بها اي انسان لكن الحمد لله على كل حال. بدأت اشعر بالانفصال عن نفسي وعن المحيط الذي اعيشه، انتهت فترة العزاء، رحل الناس، وحل الهدوء على منزل أهلي، وكان عمرهو الضحكة التي ترتسم على وجوه أخوتي وأمي. عدت مع عمر لمنزلي، وزوجي كان سعيدا جدا بذلك إلا أني لم أكن أشعر بأي اتصال أو اشتياق لبيتي الصغير وغرفتي ومطبخي وزاوية القهوة واي شيء على الإطلاق. أريد أن أعود لمنزل أهلي، ولا أريد أن أكون مع هذا الطفل لوحدي. حاولت جاهدة أن أتقبل وجود عمر في حياتي، ولكن كنت أظلم نفسي كثيرا، زوجي أخبرني بأني أعاني من اكتئاب ما بعد الولادة ولكني كنت أشعر كما لو أني مريضة جسميا، لم أكن مدركة لما أمر به نفسيا. كنت أفكر كيف أتخلص من عمر لأكبر قدر من الوقت، لا أريد الاعتناء به أو حتى إرضاعه، لا أريد تبديل ملابسه، أريد أن أخرج من المنزل من دونه، لا أريده برفقتي، أذكر إني في بعض الأحيان كنت أفكر أن القيه في القمامة! كنت أزور قسم الطوارئ كل أسبوع تقريبا، أشعر بارتفاع نبضات قلبي وأختنق وأصرخ بالبكاء وكأني سأموت، وبعد عدة فحوصات أكد لي أحد الأطباء أني أمر بحاله هلع وهي حالة نفسية نتيجة صدمة وخوف، ويجب أن أساعد نفسي أن أتحسن..


عدت لمنزلي وبدأت أنظر في وجه عمر الصغير المبتسم، وأتأمله جيدا، أحبك جدا يا صغيري ولكني لا أدري كيف أتعامل معك، أتهمني بعض أفراد العائلة بأني أم ناقصة الحنان لأني لم أستطع أن أرضعه طبيعيا، عندما كان يبكي كنت اسمع جملة: اعطيه حنان، محتاج حنان، وكأن الاطفال لا يبكون مطلقا! جلس معي زوجي عدة مرات لأستطيع أن أعبر عما أمر به او أفكر فيه ولم أكن أستطيع التحدث، فعلا، لم أكن أستطيع التعبير مطلقا.


بعد عدة أيام، لاحظت أجندتي الخاصة في حقيبتي، لم أفتحها منذ شهر ونصف، لم يتبقى سوى أسبوع من إجازة الأمومة، وقد قضيت الشهر ونصف وأنا مكتئبة وحزينة، لا أستطيع أن أعتني بنفسي، أو أعتني بطفلي! وهنا شعرت وكأني استيقظت من سبات عميق، اتصلت بزوجي وأخبرته بأني سأخرج مع عمر في نزهه قصيرة، طبعا كان قلقا ولكن قال لي أهلا بعودتك. ذهبت مع عمر في رحلة قصيرة وكنت أتحدث له طوال الوقت وكان يبتسم، وعندما يبكي، أرضعه حليبا صناعيا وهكذا تقبلته وتقبلت كوني أما وعمر هو صديقي الجديد. منذ ذاك الوقت، أيقنت بأني يجب أن أعتني بنفسي لكي أستطيع أن أعتني بطفلي، وأيقنت بأني الوحيدة التي تستطيع أن تنهض وتقوى في أوقات الضعف. تقبلت نفسي، وتقبلت جهلي بالأطفال والاعتناء بهم وإرضاعهم واسلوب الحياة الجديد الذي لم أكن اتوقعه بعد الولادة.


عزيزتي الأم، اعتني بنفسك، واقرأ كثيراً، تثقفي قبل الحمل وإثناءه وبعد الولادة، لا تسمحي لأي شخص أن يملي عليك خبراته مع أطفاله خاصه في الرضاعة الطبيعية، حاولي بكل الطرق، اسهري، ابذل قصارى جهدك لتكوني راضيه من اجلك انت ومن اجل طفلك، واعلمي جيدا أنك ام بالفطرة.


Ameldalloul

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Ameldalloul

تدوينات ذات صلة