"ما أجمل من أن تنام ليلتك وأنت مهموم وقد تقطعت بك الأسباب، ثم تصحوا لتجد القدر يهيأ لك كل الأسباب"


وفي يومٍ كنا نتوقع قدومه، نري جذوع الأشجار مكانا للبكاء بعيدا عن عيون الناس. وفي يومٍ آخر لم نكن نتوقع قدومه، تصبح نفس جذوع الأشجار رمزا للشموخ والجمال الذي يحمل فوق أعناقه الأمنيات الخضراء التي كم نتمنى أن تثمر لنوزعها بقلوبنا علي كل الناس بسبب الفرحة التي أهداها لنا القدر في هذا اليوم.


وهكذا نري نفس الأشياء بعيون ومشاعر وأحاسيس مختلفة، حسب ما يرسله لنا القدر من أحداث كل يوم لم نكن أبدا نتوقع حدوثها. ولذلك فجهلنا بالغيب لهو احساس رائع، يجعلنا دائما في شوق وعلي أمل انتظار شيئا ما جديدا لا نتوقعه، ولكن يحدونا الأمل أن يكون قدرا جميلا ومفرحا.


نعم، الجهل بالغيب يجعل للحياة معني ولهفة وشوق وحب. وتصبح الحياة جميلة عندما يفاجئنا القدر بقدر من السعادة، ولو علي قدر رشفة فنجان قهوة علي صوت جميل في الصباح أو المساء كنا تتمني سماعه. نعم، الجهل بأحداث المستقبل يجعلنا تتطلع دائما إلي توقع كل المفاجآت الجميلة، والدعاء الي الله يجعل قضاء القدر جميلا، ولو بعد حين، ولو لسويعات أو أيام أو سنوات قليلة. ويكفي للنفس جمالا أن يرزقها الله بقدرِ من السعادة، ولو تأخرت عنا وان كان قدرها قليلا، حينئذ يصبح القدْر القليل هو كل الحياة.


فما أجمل من أن تنام ليلتك وأنت مهموم وقد تقطعت بك الأسباب، ثم تصحوا لتجد القدر يهيأ لك كل الأسباب التي تزرع في قلبك وروحك بذور السعادة. بذور لا تمتلكها، ولم تشتريها، ولم تنتظرها، ولم تتوقعها، ولكنك كنت تتخيلها في دعواتك إلي الله. وبذور السعادة تلك ليس ضروريا أن تكون وظيفة أو ترقي أو اكتساب مال أو الفوز بجائزة أو سفر أو حملٍ أو شفاء من مرض، ولكنها قد تكون مجرد راحة بال أو حب أو اهتمام انسان. فالسعادة فوق كل الأشياء والماديات.


بزور السعادة نفحة من الله في قلوب عباده الطيبين.


مع خالص تحياتي

د. محمد لبيب سالم




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات د. محمد لبيب سالم أستاذ جامعي واديب

تدوينات ذات صلة