"أمراض التكنولوجيا والأعراض الجانبية لها اصبحت تهدد جسد الانسانية.


منذ ٢٠٠ عام تقريباً، كان العالم يحبو نحو أول طريق إلي التكنولوجيا. ومن أجل التكنولوجيا التي وجد الإنسان ضالته فيها في أول بدايتها من كهرباء وسيارات وقطارات وطائرات وتليفونات وتلفزيونات، انجرف الناس رويدا رويدا نحو رفاهية التكنولوجيا على حساب السلوكيات العامة وخاصة في الدول النامية.


وفي القرن الواحد والعشرون اكتمل للناس التطور التكنولوجي الرهيب حتي صار في يد كل منا مجتمع التكنولوجيا وادواته بأكملها في التليفون المحمول. فماذا يزيد العالم أكثر من ذلك؟ هل يريد مزيدا من التكنولوجيا على حساب ما تبقي من السلوكيات العامة من الحضارة الإنسانية، أم يبدأ في العودة مرة أخري إلي روح السلوكيات الحميدة مع بقاء التقدم التكنولوجي ينمو ولكن بهدوء.


أري أن جيل الكبار يتطلع إلى الحضارة الانسانية أكثر من الحضارة التكنولوجية، والعكس صحيح تماما مع جيل الشباب. ولذلك أري كل جيل يعيش في عالمه الخاص بعيدا عن الجيل الآخر مما أدي إلى انفصال اجتماعي بل قد تكون عزلة رغم كل مظاهر التواصل الالكتروني. لو أنصف الناس لأنفسهم لعادوا إلي الحضارة الانسانية في المقام الأول لتصبح هي المعيار الحقيقي للتقدم الانساني والسعادة الانسانية الحقيقية. ولكن من يستطيع الوقوف أمام الرغبة العارمة تجاه التكنولوجيا.


ولذلك اقترح عقد مؤتمر اقليمي أو دولي عن "الحضارة الانسانية في عصر فورة التكنولوجيا". ومن أكثر الدول احتياجا لهذا المؤتمر هي الدول العربية والاسلامية لحاجتها لترتيب أولويات الحضارة لدي شعوبها وذلك لأن الدول المتقدمة استطاعت الي حد كبير تطبيق نظم قوانين داخلية لعدم جنوح التكنولوجيا على الحضارة الانسانية. أما بعض شعوب الدول النامية، ولأنها مستخدمة للتكنولوجيا فقط وليست منتجة فقد اساءت استخدام التكنولوجيا بشكل أدي إلى طفرات واضحة في سلوك الشعوب عما تعودت عليه.


ولذلك أري حتمية عقد هذا المؤتمر قبل تطبيق "الميتافيرس" الذي سوف يقضي على ما تبقي من الحضارة الانسانية. قد يكون هذا المؤتمر فرصة تاريخية لصياغة قوانين وقواعد جديدة منظمة للتواصل الاجتماعي الافتراضي الذي طغي على العالم.

فكما اهتم العالم أجمع بتغيير المناخ وتأثيره على البيئة وعقد مؤتمر خاص له، فمن باب أولي عقد هذا المؤتمر عن تأثير التكنولوجيا علي بيئة الحضارة الانسانية.

خالص تحياتي

د. محمد لبيب سالم




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات د. محمد لبيب سالم أستاذ جامعي واديب

تدوينات ذات صلة