الطبيعي إن الاجيال المختلفة تمتلك قيم، واساليب، وطرق تعامل ومصطلحات مختلفة

فما بالك بالجيل التكنولوجي الذي ولد في عصر الانترنت بعد عام 1990م هذا الجيل الذي نمى وهو يستخدم الانترنت والهواتف الذكية بكل سلاسة، الجيل الذي يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض الاتصال والتعارف واحيانا لمعرفة المعلومات وبناء توجهاته. هذا الجيل الطموح الذي اصبح عنده ثقة بنفسه بسبب انفتاحه على العالم وبسبب قدرته على الحصول على المعرفة والمعلومات بسهولة وبسرعة، هذا الجيل الذي نتيجة لجرأته في التعامل ينظر إليه الجيل القديم على إنه جيل متغطرس ومغرور، بدلا من أن يستفيد منه ومن قدراته التكنولوجية المهولة!

إن جيل التكنولوجيا لديه توقعات عالية ودائما يسعى إلى كل التحديات الجديدة، يكفي أن هذا الجيل لا يخشى ان يطرح سؤال لأي شخص أيا ما كان منصبه أو سنه -سواء أكبر أو أصغر- إذا وجد أي شيء غير واضح بالنسبة له (ليس لديه عقدة "أنا أعرف كل شيئ" ). كما إنه طموح وفي أحيانا كثيرة يكون محدد أهدافه، لأنه أصبحت أدوات تطوير نفسه وتحسينها متاحة بين يديه. كما إنه لديه القدرة على التعلم المستمر، لذلك تجده يميل إلى العمل في الأمور التي يحبها ويشعر إنها ممتعة بالنسبة له، حتي لو لم يكن درس عنها، أو كانت في مجال أو تخصص ما تعلمه في مراحل التعليم التقليدية، كأن تجد شخص مثلا خريج معهد تجاري ومتميز في مجال تصميم المواقع الالكترونية وصيانه الحاسب الآلي. هذا الجيل يبحث عن الوظيفة التي تناسب شغفه لكن لابد أن تكون بيئة العمل التي يعمل فيها ايجابية ومرنة ومحفزة على الابداع وتعطيه فرصة للتعلم والنمو. هذا الجيل يحب الحرية في تنفيذ ما يسند إليه من أعمال بطريقته، لذلك فهو يكره البيروقراطية والتعقيدات السابقة، وأكثر ما يميزه أنه يبدع عندما يحصل على التقدير المناسب.


المواطن الرقمي ومهارات المستقبل 99630491738701020


لكن من ناحية أخرى يفتقد جيل التكنولوجيا مهارة التعامل مع الاشخاص التقليديين والمعقدين والبطيئين في أتخاذ القرارات، لانهم جيل "أريده الان"، لذلك تجدهم قليلي الصبر، يميلوا للبحث عن الإشباع الفوري بدلا من الاستثمار على المدى الطويل من الوقت والجهد، كما انهم يغيروا العمل بسرعه عندما لا يحصلون على التقدير الذين يريدونه ، لذلك تجدهم يتنقلون من عمل إلى عمل بجرأة لم نعهدها في الجيل القديم. لذلك مهم جدا أن يأخذ المسؤولين وواضعوا السياسات بعين الاعتبار طبيعة هذا الجيل الذي خلق ما يسمى بالمواطن الرقمي، عند التفكير في المهارات المستقبلية المطلوبة لنهضة وتقدم واستقرار المجتمع، لكي يستطيعوا تحديد المهارات التي سوف تكون ذات صلة في المستقبل بناء على متطلبات ومهارات جيل التكنولوجيا. إن فهم المواطن الرقمي والاتجاهات الجديدة التي خلقها، تُمكن واضعي السياسات من رسم استراتيجيات، ووضع سياسات تعالج الظروف المتغيرة التي أحدثتها التكنولوجيا لكي يبنوا منظومة الابتكار المجتمعي القادرة على التكيف السريع مع التغير التكنولوجي واستغلال التطور العقلي الذي حدث في المجتمع بنجاح.


المواطن الرقمي ومهارات المستقبل 57070394043228264


إن المهارات التي يحتاجها المواطن الرقمي الان وفي المستقبل، لم تعد تلك التي كانت تدرس لمعظم الناس في المدرسة أو الجامعة ولا حتى بنفس الأدوات وأسلوب الشرح والامتحانات. إن التعليم لابد يأخذ كحالة مستمرة لا توقف فيها، بمعنى توفير فرص التطوير واعادة التأهيل المستمرة لكل فرد وموظف ومسؤول في الدولة (لا أحد كبير على التعلم في العصر الرقمي). كذلك لابد من تزويد الأفراد بالمهارات التي يتطلبها السوق في كل فتره، اي يكون تطوير التعليم بشكل سنوي بناء على التغيرات التي تحدث في المجتمع سواء اقتصادية او تكنولوجية، كما يجب ان يدعم التعليم عقلية ريادة الأعمال حتي يتمكن كل فرد من التعرف على الفرص ويتم إعداد الأفراد لتحمل المخاطر.

وبدل من ان يهتم واضعوا السياسات -التقليديين- بتقييد إبداعات وحرية المواطن الرقمي، عليهم دعمه عن طريق معالجة بعض القضايا المستجدة مثل القيم والمفاهيم الدخيلة على مجتمعاتنا التي تخلط الحق مع الباطل، ووضع قواعد للأمن على شبكة الإنترنت، والخصوصية، ومحاربة الجرائم الإلكترونية، والإدمان، والانحرافات، ووضع سياسات لتقييم العمل عن بعد، ودعم فكرة التعلم الإلكتروني. وكما قال جورج باتون " القائد لا يخطط ثم يحاول عبثا تغيير الظروف، بل عليه أن يجعل خططه تتوافق وتنسجم مع كل الظروف" هذا هو القائد الذي يبنى أمه وأعتقد أن هذا بدأ بالفعل ينفذ في بعض دولنا العربية الآن وخاصة في مصر.


المواطن الرقمي ومهارات المستقبل 47099671099800750




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات غدقا - د. غادة عامر

تدوينات ذات صلة