"العلم الحديث سيمفونية رائعة تعزف لنا المعرفة بأدق المعلومات"


"إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)


خلق الله الإنسان من نطفة تحتوي على أمشاج الرجل والمرأة ليورث صفات هي خليط من صفات أبيه وأمه وأجداده ثم أعطاه العقل ليكون بيديه القرار بعد أن يسمع ويري ما حوله. وما أعظمه من ابتلاء عندما يصبح القرار والاختيار بيدي صاحبه. ومع أن الحيوان أيضا يُخلق من أمشاج نِطف الذكر والأنثى مثله مثل الإنسان وهو يسمع ويري أيضًا مثل الإنسان، إلا أن الله اختص الإنسان فقط دون الحيوان في الآية لأنه هو المبتلى بنعمة العقل واتخاذ القرار وليس الحيوان الذي خُلق مبرمجا في سلوكه

آية تلخص علم الوراثة وخاصة في الإنسان الذي أثبت العلم الحديث منذ ما يقرب من ٢٠٠ سنة أن الأمشاج وهي الخلايا الجنسية من حيوانات منوية في الذكر والبويضات في الأنثى هي المسئولة ليس فقط عن تكوين الجنين، ولكن أيضا عن انتقال الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء بما تحمله من جينات على طول الكروموسومات.

وبالطبع لم يكن يعلم المفسرون الأوائل للقرآن مثل الطبري وبن كثير المعني الحقيقي لكلمة الأمشاج والتي وصفوها بأنها اختلاط ماء الرجل وماء المرأة وهو التفسير الذي كان مقبولا وقتها حتى جاء العلم الحديث ليبين طبيعة الأمشاج وكيفية عملها وتركيبها الدقيق وما تحتويه من

كروموسومات، والتي بدورها تتكون من آلاف الجينات حتى وصلنا إلى معرفة الوحدة التركيبية للجين الواحد.

توجد الكروموسومات البشرية على شكل أزواج وتحتوي كل خلية على 23 زوج من الكروموسوم، وبمجموع 46 كروموسوم، والأمشاج البشرية هي خلايا أحادية الصيغة الصبغية ويكون 22 زوج من الكروموسومات متشابهة بين الذكور والإناث (جسمية) والزوج الثالث والعشرون تختلف الكروموسومات بين الذكور والإناث (جنسية) حيث الإناث لديها XXبينما الذكور واحد X وواحد Y.


حقائق عن الأمشاج (الجاميتات):

1. يبلغ طول الحيوانات المنوية تقريباً 55 ميكرون؛ رأس 5 ميكرون وذيل 50 ميكرون.

2. يمكن للحيوانات المنوية أن تعيش ما يقارب من 72 ساعة داخل الجهاز التناسلي للأنثى.

3. يمكن أن تتحرك الحيوانات المنوية بمعدل حوالي 2 مم/دقيقة بدون مساعدة، حيث يتم دعم الحركة بشكل كبير من خلال تقلصات الرحم وقناتي فالوب.

4. البويضات أكبر بكثير من الحيوانات المنوية ولا تكاد تُرى بالعين المجردة، ويبلغ قطرها حوالي 1.5 ميكرون.

5. تنتقل البويضات من موقع الإباضة باتجاه الرحم عبر حركة الأهداب التي تسبب تدفق تيار السوائل.


تم ملاحظة الكروموسوم لأول مرة في خلايا النباتات من قبل عالم Nنبات سويسري اسمه كارل ولهيلم Karl Wilhelm في عام 1842. وفي وقت مبكر من ستينيات القرن التاسع عشر 1860s. ثم قام والثر فليمنج، وثيودور بوفيري، ووالتر ساتون بإجراء سلسلة من الاكتشافات المهمة المتعلقة بالكروموسومات، بما في ذلك شكلها، وكيفية تحركها أثناء الانقسام ، وما هو الدور المحتمل الذي تلعبه في انتقال الجينات. ثم جاء توماس هانت مورغان في أوائل القرن العشرين ليتمكن أخيرًا من ربط وراثة السمات الوراثية بسلوك الكروموسومات، وبالتالي تقديم دليل ملموس لما أصبح يعرف باسم بدور الكروموسوم في الوراثة.

استغرقت جهود التأكد من عدد الكروموسومات في الخلايا البشرية عقودًا في أوائل القرن العشرين وحتى منتصفه. في عام 1923، نشر ثيوفيلوس بينتر وجود 48 كروموسومًا بناء علي بحوثه علي أنسجة الخصية البشرية. وفي ديسمبر ١٩٥٥ تم تحديد لعدد الكروموسومات في الخلايا البشرية على أنه 46، بواسطة Tjio و Levan ، في جامعة Lund ، السويد؛ تم نشر النتيجة في أبريل 1956 ، منهية فترة تزيد عن 30 عامًا عندما كان يُعتقد أن الرقم 48.

يمتلك الإنسان 46 كروموسومًا في كل خلية جسمية مرتبة على شكل 23 زوجا وكل زوج يتصل ببعضها عند نقطة قرب المركز تسمى القسيم المركزي (centromere) في كل زوج من الكروموسومات يطلق عادة تسمية كروماتيد على القضيب الواحد الذي يتصل مع القضيب الآخر في الزوج، وللسهولة اعتدنا على استعمال مصطلح الكروموسوم لوصف الكروماتيدين المتحدين.

كل كروماتيد يترتب بشكل حلزوني ويحمل في طياته عشرات الألاف من الجينات (جمع جين) حيث يحمل كل كروموسوم في طياته ما يقارب 60,000 إلى 100,000 جين وكل جين لها Mموقع خاص بها على التركيب الحلزوني للكروماتيد مشابه بالضبط لموقع نفس Aالجين على الكروماتيد المقابل. كل جين بدورها تتألف من سلسلة من النيوكليوتيدات وتطلق عليها اسم الأليل هذا الأليل يتحد مع أليل آخر في الكروماتيد المقابل، فعلى ذلك تتكون كل مورثة في حقيقة الأمر من أليلين، أليل تم وراثته من الأب وأليل تم وراثته من الأم، ويحدث ذلك عند اندماج الحيوان المنوي ببويضة الأم.

سبحان العلي العظيم الذي لو كان قد ذكر كل هذه التفاصيل البيولوجية علي المستوي الخلوي والجزيئي للأمشاج لأصيب الناس وقتها بالدهشة لأن العلم لم يكن متقدما علي هذا المستوي. ولكن القرآن أعطي دلالات أثبتها العلم الحديث.

نفعنا الله بالعلم والمعرفة ...

د. محمد لبيب سالم

أستاذ علم المناعة كلية العلوم جامعة طنطا

مقرر مجلس بحوث الثقافة والمعرفة

أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

https://www.youtube.com/watch?v=vnHLE_Jb1tg

إقرأ المزيد من تدوينات د. محمد لبيب سالم أستاذ جامعي واديب

تدوينات ذات صلة