"هم معلمونا في معرفة النفس البشرية، لأنهم يعلمون أشياء بين الأرض والسماء، لا تستطيع حكمتنا المدرسية أن تحلم بها"
سيغموند فرويد عالم النفس النمساوي الشهير، ذو الأصول اليهودية، المؤسس لعلم النفس الحديث، والأب الروحي له، كان قد أثار جلبة كبيرة في أطروحاته في علم التحليل النفسي، بين متفقٍ معها ومريد له، ومخالف الرأي ومدحضٍ لها، لكنه بالتأكيد فكر بشيء جديد.. فكر خارج الصندوق ذات مرة، مؤسسا لمن جاءوا بعده من علماء ومفكرين علما وطرحا، إن لم يستحق الثناء عليه، فهو يستحق النقاش والتفكر على أقل تقدير، لكن ممن كان يستقي علمه أو من هم ملهموه؟
يقول سيغموند فرويد نفسه في أحد أهم كتبه وآثاره كتاب (تفسير الأحلام): "الشعراء والروائيون هم معلمونا في معرفة النفس البشرية، لأنهم يعلمون أشياء ما بين الأرض والسماء، لا تستطيع حكمتنا المدرسية أن تحلم بها.. ".
فمِن أوديب ملكاً المسرحية الشهيرة للكاتب الإنجليزي شكسبير إلى إلكترا إحدى الشخوص الأدبية، ظل فرويد يجترُّ من شخوص الروايات والمسرح والشعر والأدب ككل أسماءً للعقد والنظريات التي صنفها لفهم النفس البشرية، فحينما استخرج عقدة أوديب -أكثر نظرياته جدلا- ظل يتساءل -حسب وصفه- لماذا لهذه المسرحية أوديب ملكا تأثير وتأثر كبيران على الناس ومشاهديها، ليذهب إلى أن هذه عقدة أصيلة في نفس الرجال، يوازيها عقدة إلكترا لدى النساء، وهكذا تبنى كذلك أكثر من نظرية.
لكن ما هذا الفضل الكبير الذي يعترف به فرويد للشعراء والروائيين ليصف حكمته وحكمة الناس العاديين بالمدرسية أمام الأشياء التي بين الأرض والسماء ولا يعلمها إلا الشعراء والروائيون كما لا يستطيع سواهم حتى أن يحلم بها!
هؤلاءِ هم من استقى فرويد الإلهام منهم، نعم الشعراء والروائيون، لتثير نظرياته عواصف ضربت العالم، سنينا وسنينا، ومن آثارها نشأ علم النفس الحديث، ولا أحدَ يمكن أن ينكر لفرويد هذا الفضل.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات