المجهولية والتغيير من أكثر ما يصف المستقبل، والتشتت الذي يشوبه العجز من أكثر ما يصف الحاضر.
صار العالم أشبه بالمدينة القابلة للغرق في أي لحظة لأنها مبنية على ظهر الحوت. لم يعد الإنسان الحديث قادراً على وضع خطة سلوكية للسنوات التالية ولا حتى تصور رؤية نفسية عن ذاته – من سيكون من حيث الهوية والمنهج المتبع-، فهو في حالة ترقب دائم لكل جديد وفي حالة خوف من كل تهديد، فولّد ذلك حالة من عدم اليقين تجمع بين الإحساس بالجهل والعجز والخوف.. فهم أساس هذه الحالة ومنشؤها وتضاعفها مهم ومساعد ويطرح العديد من الأسئلة ويوجه أصابع اتهام كثيرة، لكنه في الوقت ذاته يكوّن فجوة معرفية وسلوكية بسبب عدم وجود تصور معرفي وممارسات سلوكية تضاهي في مقدرتها العلاجية تصاعُد هذه الحالة من عدم اليقين والعجز والخوف .
بين الإنسان القديم والحديث
القلق على المستقبل
العقل البشري تتطور بطريقة تجعل من المعاناة النفسية أمراً ملاصقاً لوظيفته في التفكير والعمل. فإن عدنا في الزمن، فالإنسان القديم في العصر الحجري مثلاً كان يعيش حياةً مليئةً بالتهديد والمخاطر، فإما تواجهه حيوانات مفترسة أو قبائل مهاجمة، وهذه الحياة تطلب تفكيراً مستمراً وترقباً وقلقاً على المصادر المتوفرة الموجودة التي ستحمي وجوده. فمن يستبق المخاطر فاحتمالية نجاته أكبر، ومن يقلق على طعامه فيسعى إلى جمعه وتكويمه راكضاً ففرصة بقائه أعلى. وكل هذا يجعل من وظيفة الخوف والقلق أمراً أساسياً بل ومهماً جداً للبقاء.. انتقالاً إلى العصر الحديث فإن نمط التفكير القلق انتقل إلى عقل الإنسان الحديث الذي تبدلت بيئته المحيطة واختلفت مصادر مخاوفه عن الإنسان القديم. فما عادت المصادر التي تبث الخوف والقلق تحمل تهديداً لحياته وما عادت مؤثرة على فرصة بقائه. فكما الإنسان القديم الذي كان يسعى إلى مراكمة طعامه والتحسين من مسكنه وصنع أفضل الأسلحة ليزيد من فرص البقاء، فكذلك الإنسان الحديث يجمع ويراكم لكن ما هو أكثر رمزية مما كان يجمعه أسلافه، ويفعل ذلك من دون أن يكون ذلك وسيلةً للحفاظ على بقاءه. فصار يسعى لاهثاً إلى المال المتزايد والشهرة البراقة، وحتى إنه استبدل مفهوم البقاء بمفهوم السعادة فصار يروج لها بمفهومها الفضفاض على أنها ركيزة البقاء، وتحولت معاييره للسعادة والرفاهية مثلاً إلى معايير متزايدة لا تدع له فرصة للراحة ولا نقطة نهاية، وكما يصف زيجمونت باومان الحداثة السائلة بأنها عملية السعي للتحسن بلا نهاية ودون حدّ..
ذكريات الماضي
في العودة أيضاً للإنسان القديم نجد أنّ الاحتفاظ بالذكريات المخيفة مثلاً كان يفيده، وذلك ليتذكر كيف تعامل مع تهديد وخطر سابق ونجى منه مثل هجوم دب مثلاً. لكن بالمقابل وبانتقال خاصية الاحتفاظ هذه لعقل الإنسان الحديث، استخدامها وتوظيفها صار أقل فائدة بل وأكثر أذى. فالمواقف التي تحيط الإنسان الحديث لم تعد تطلب بشكل ملحّ التذكر الذي قد ينجيه من الخطر. فالخطر الحالي ليس دباً مفترساً أو نمراً جائعاً بل هو في كثير من الأحيان خطر ذاتي ينبع من أفكاره وتخيلاته وافتراضاته.. وبالتالي ففقد علق في دوامة الذكريات التي أزعجته وأقلقته لكنها تستمر في ذلك من غير فائدة ترجى..
الانتماء
بينما كان الإنسان القديم يحرص على أن لا يكون منبوذاً بين قبيلته لأن وحدته تعني فناءه. فكان يحرص على محبوبية الآخرين له وكان عقله مشغولاً بمقارنة نفسه وعمله بالآخرين ليكون مطابقاً لمعاييرهم ولمعدل سرعة عملهم. والإنسان الحديث وبانتقال هذا النمط إليه جعله مشغولاً بالآخرين ومعاييرهم ونمط مسيرة حياتهم ونوعية ما يحققونه وكميته وحتى سرعتهم في ذلك. لكن بالمقابل فإن الجماعة التي يعيش بها الإنسان الحديث هي أكبر بكثير من قبيلة الإنسان القديم التي لولاها فبقاؤه سيتهدد. مما يعني أن بقاء الإنسان الحديث لا يخضع لهذا القلق. فمجتمعه تعدى الأقارب والعشيرة بل صار أكثر عمومية واتسعاً. وبالأخص مع توفر شبكة تنفك عن المكان و تربطه بالعالم أجمع.
وسائل التواصل الاجتماعي والقلق
وبذكر شبكة الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، فقد خلقت فضاء جديداً ومسرحاً يحول الواقع لسلعة ذات بعد واحد تجذب تفاعلات منمّطة ومقتضبة وسطحية وأحياناً مزيفة. وهذا الفضاء الجديد لعب دوراً في زيادة الرهبة من التهميش والخوف من الانتقاد والرفض وزيادة الرغبة في الظهور والشهرة. وربما هي أحد الحاجات العميقة للإنسان -بأن يكون معرّفاً- غير مهمّش. وليم جيمس يقول لا يمكن ابتكار عقاب أشد شيطانية من أن ينطلق المرء ساعياً في المجتمع من دون أن يلاحظه أحد. فمن شأن شعورنا بأننا غير ملاحظين بأن يحبط أكثر الرغبات الإنسانية أهمية. ومعنى الحب يكمن بأن يشعر الإنسان بأنه محط انشغال وعناية. والتهميش والإقصاء والوحدة من أوسع الأبواب للقلق والخوف. والواقع أن الزمن الحالي هو زمن الإقصاءات والاغتراب والاستثناءات. فكأن العالم يقول للإنسان لابد من وجود ضحايا فاحرص كل الحرص أن لا تكون منهم. وبالتالي عندما يرى الإنسان عبر المسرح الافتراضي إنجازات أو سيناريوهات الآخرين ومقدار التقدير والإعجاب الذي يحظون به تبعاً لذلك فإنه يحرص على أن لا يبقى من المتخلفين في هذا السباق المحموم الذي لا يدري أين وجهته. المهم له أن لا يبقى في الوراء بنظر الآخرين. ومن الممكن سعياً وراء ذلك أن يقوم بعمل أي شيء لينضم للركب والسباق. قد يكون من خلال المفاخرة بالممتلكات وعرض الأشكال والمظهر والتحدث عن الإنجازات وقد يصل الأمر بالبعض أن يكشف عن سوءه ووإشكالياته النفسية أو أفكاره الشاذة سعياً لذلك.
الحداثة والقلق
قد يكون الزمن والواقع الحاضر أشبه ما يكون بالهجين الذي يحوي بأحد مكوناته على عناصر من الحداثة مثل العقلانية والبيرقراطية والفردية والعلم وسرعة الزمن، وسنأتي على بعض من هذا العناصر بالتفصيل لاحقاً. يقول زيجمونت باومان أن استراتيجية الحداثة كانت تقوم على مواجهة الخوف الصادر عن الجماعات البشرية بالفرديّة، ومواجهة المخاوف الدينيّة في الحياة الآخرة والحياة الدنيا بالعلمَانيّة الدنيوية والزمنية، ومواجهة الخوف من هشاشة الجسد البشري وأمراضه وكوارث الطبيعة بالعلم. ولكن على الرغم من ممارسة العقلانية والعلم والبيرقراطية والفردية بصورة فعّالة، فإننا لم نقضِ على الخوف بل عمّقناه وعممناه وصار ساكناً بالتفاصيل. فالخوف السائل هو حالة اللايقين التي تعيشها البشرية تجاه وسائلها وطرقها في التصدي لمثل هذا الخوف. فالمفارقة تكمن في أن التقدم لم يجعل الناس أكثر رضى واطمئنان، وهذا يدفعنا للتأمل بمعنى التقدم بالأصل ووجهته.
فالعلم الذي أقرّ بمدأ النسبية في نظرية الفيزياء والتي بدورها انتقلت إلى الفلسفة وإلى نظرة الفرد إلى الحياة، نقلت معها أيضاً مشاعر الخوف والترقب من المجهول. فالنسبية تعني أن كل إنسان يعرف جزءاً من الحقيقة وتبقى أجزاء أخرى مخفية عنه. والخفاء يعني المجهول والمجهول يورث الخوف والترقب. والواقع أن العلم كشف كثيراً مما كان مجهولاً، لكنه بالمقابل وسع إدراك الإنسان بالأشياء التي يجهلها فكلما ازداد الإنسان علماً بالشيء قد يزداد جهلاً به وبتفاصيله، وهكذا سكن الخوف بالتفاصيل. فمثلاً باكتشاف العلم الكثير من الأمراض وبإعرابه عن الكثير من التوصيات الصحية، أدرك الإنسان أن هناك مئات الأسباب للفناء بعد أن كان السبب المدرك هو انتهاء الأجل. فصار خوف الإنسان من كل التفاصيل الممرضة وقلقه على مدى حرصه على كل التوصيات الصحيّة.
أما بالنسبة للفردية فهي كمبدأ أفرزت أمرين مهمين وهما: هشاشة في الروابط البشرية فصارت إشكالية الثقة، وتأثيراتها على الهوية فصارت إشكالية البحث عن الذات وتحقيقها. أما المكان والزمان فقد انفصل الإنسان عنهما، فلم يعد يشجعه ذلك على تكوين علاقات طويلة الأمد وبتفاعله مع فضاء أو مسرح وسائل التواصل الاجتماعي فقد صار حراً عن حدود المكان، وتسابق الإنسان مع الزمن لم يعد يسمح له بالتعرف على نفسه. ويمكننا أن نضرب مثالاً على التسارع الزمني، حيث إن عباس ابن فرناس جرب الطيران في نهايات القرن التاسع للميلاد وبعد 1000 سنة أي في أوائل القرن العشرين الميلادي نجحت أول طائرة فعلاً، لكن بالمقابل بعد أقل من 100 سنة من نجاح الطيران وصل الإنسان للقمر. فيمكن القول أن الإنسان الحالي يعيش في زمن لا مثيل له في سرعته وبالتالي تغيره. وبهذا تسلل للإنسان الحديث خوف من التحولات والتغيرات التي تخرج في كثير من الأحيان عن السيطرة فصار حتى يخاف من نفسه!. كثرت المتغيرات وقلّت الثوابت وبالتالي قلت السيطرة. وهذا ما نجده واضحاً في مجال التربية، فالمدخلات والمؤثرات كثيرة جداً ومآلها غير معروف وبالتالي النتائج التربوة أقلّ اتساقاً وأكثر توليداً للقلق.
المنهج المهذّب:
للتعامل مع هذا العالم المحفوف باللايقين والمستعمر من قبل الأجهزة الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والمتسّم بالسرعة والتعقيد، يلزم منهج من خارج هذا العالم حتى لا يكون متسماً بصفاته، وبنفس الوقت من داخله حتى لا يعزل الإنسان أو يقوقعه أو يرهبنه أو يسلب منه قدرة التعامل مع عالمه بكفاءة. وكما يقول عبد الوهاب المسيري فإن الإنسان لا يتحمل الألم إلا من خلال إيمانه بشيء يتجاوز ذاته الضيقة. لكن لا أتحدث عن الدين بكون أفيوناً، بل هو منهج يضيء الطريق ورؤية تصورية وخريطة معرفية تترسخ في ذهن الإنسان ويرى الواقع من خلالها وتتولد سلوكياته بناء عليها. فنجد مثلاً مفهوم التقدم هو مفهوم مركزي في الحداثة الغربية، لكن ما تم إيراده سابقاً يقودنا للتأمل بمعنى التقدم، فقد يكون تقدّما للهاوبة مثلاً! وهنا لفتة قرآنية لطيفة جداً في الفرق بين مفهومي الربا والزكاة، فالربا لغوياً تعني الزيادة لكنها مذمومة قرآنياً، في مقابل الزكاة والتي لا تعني الزيادة المجردة فحسب بل الزيادة والنمو مع الإصلاح والتطهير..لذا الوعي بالمنهج الذي يؤطر للتصورات المعرفية والتي بدورها تنعكس على الممارسات السلوكية من أهم الأمور التي يجدر بالإنسان أن يعيها ليكون على بصيرة في فكره وعلى هدى في سلوكه وسكينة في نفسه.
نجد في الوصف القرآني لمآل المؤمن في الآخرة أنه "لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، وبالتالي مقابل ذلك، في الحياة الدنيا لا بدّ أن هناك خوفاً وهناك حزناً، وإلّا لما كان وصف الآخرة بانتفائهما. وتؤكد ذلك آية أخرى "ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات.." فالخوف هو شعور من المشاعر الإنسانية الطبيعية.
والتعامل القرآني والنبوي مع الخوف والمصائب يتمحور حول 3 ركائز معرفية: تحديد الوجهة والغاية، وضع الأمور في موازينها الصحيحة وإعطاء كل شيء قدره، والتسليم بخيرية ما يحدث وبالعلم والحكمة الإلهية.. وينتج عن هذه الركائز رضا يتمثل في العديد من السلوكيات.
فأما من حيث ركيزة تحديد الوجهة:
"الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون"
" وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى"
وأما من حيث وضع الأمور بموازينها الصحيحة:
"مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا" حديث
"عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" حديث
وأما من حيث التسليم بخيرية الحدث والعلم الإلهي:
"وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون"
والنتيجة تأتي في السعي والعمل والصبر:
"فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن اناء الليل فسبح واطراف النهار لعلك ترضى"
وهنا يمكن استذكار قول ابن القيم عن الثقة فيقول "هي أمن العبد من فوت المقدور وانتقاص المسطور، فيظفر بروح الرضا أو بعين اليقين، أو يلجأ إلى الصبر".. هناك ظاهرة نفس-اجتماعية مترابطة بشكل كبير بمفهوم الثقة ونلاحظ تصاعدها بشكل متزايد، وهي الخوف من تفويت شيء ما أو ما يسمى (the fear of missing out) والتي تنامت مع مواقع التواصل الاجتماعي بعرضها للكثير من الأحداث التي لا يمكن الانضمام لها جميعاً أو تحقيقها بالوقت ذاته. فيتكون لدى المتابع لها قلق داخلي يمنعه من الراحة النفسية والرضا بما يفعل وبما يحيط به. فالكثير من الأفعال الأخرى والأحداث المختلفة تدور هناك بعيداً عنه وهو فعلياً يفوت تلك الفرصة! .. الآية القرآنية في سورة الحديد تصف أساس ذلك والسبيل لعلاجه مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
ويقول على عزت بيجوفيتش "نسلم الأمر لله، فهو بمثابة قوة جديدة وطمأنينة جديدة، فالإيمان بالله والإيمان بعنايته يمنحنا الشعور بالأمن الذي لا يمكن تعويضه بأي شيء آخر، وهو صلة جديدة -أي التسليم- بين الإنسان والله، لعلها تمنحنا نورا نسير به في الحياة". وفي الآية القرآنية نجد التعبير الأبلغ " مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"..
المصادر:
الخوف السائل (كتاب)، زيجمونت باومان.
قلق السعي إلى المكانة (كتاب). آلان دو بوتون.
The Happiness Trap: Stop Struggling, Start Living. (Book), Russ Harris
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات