حديث غير مخطط بين شابة تحب الحياة،وبائع كاتب متجول، اراد تقديم نصيحة ذهبية غيرت مجرى حياتها بالكامل،
في حديث لي مع بائع كتب متجول، هذا البائع الذي لم تكن لي رغبة في الحديث معه ، لم أكن مولعة بالكتب ولم أكن أحاول ان اصبح كاتبة بل كنت شابة عشرينية طائشة بخطى مسرعة أسير ذهابا وإيابا ، أنا التي أكره الانتظار مظطرة للإنتظار ساعة أمام الكلية فوجدت بائع الكتب رفيقا مؤقتا لي نتبادل أطراف الحديث ريثما حان دوري،أخبرني أنه علي أن أبدأ في الكتابة وتخليد حياتي ما بين القرية والمدينة ، وقفت بدون نية للحديث لكنه أطربني بحديث ممتع دون طلب ،أول أسئلته كانت عن بلدتي وعن مخططاتي واي أنواع الكتب أفضل أخبرته أن عدد الكتب التي قرأتها معدودة وربما نصفها لم أكمل قرائته ، لست متأكدة بعد، أخبرته أنني شخص دائم الحماس ولا أطيق الانتظار لأعرف ماسيحصل في نهاية الكتاب وأنني اتجسس عادة وأسترق النظر من آخر صفحة ،أعطاني كتابا قديما لم يكن يملك غلافا قال لي أنه قديم جدا ومن الممكن أن أبيعه بأموال طائلة لأي شخص مولع بالكتب، أطلت التمعن فيه لم أرى فيه شيئا مميزا لكن ما أثار انتباهي هو عدم وجود ملخص في ظهر الكتاب او نبذة عن محتواه مما جعل فضولي يزيد جوعا، أخبرته أن الأدباء قديما كانو بخلاء ، لكن سرعان ما أبديت إعجابي بالفكرة لأن بهذه الطريقة سيصبح الكتاب إبنا للقارئ و سيصبح الملخص مهمة من مهامه لأن دور الكاتب سيكون انتهى. وهذا ما سيجبرني على إنهاء الكتاب على غير عادتي لأستخلص الفكرة ،كان حديثا ممتعا وكنا نتبادل الثرثرة و تضارب ألافكار كان واضحا، أفكاره المسنة الحكيمة وأفكاري الحديثة العشوائية ،كان يستغل كل برهة من الزمن ليتحدث بشراهة عن الكتابة وعن ايامه الخوالي حينما كان طالبا ،كنت اقاطعه ناظرة للساعة أو صافنة في إحدى المارة ليعيدني لوعي قائلا اصغي لي جيدا،فمن الواضح أنه شخص مثقف ويعرف الكثير عن الكتب على عكسي ،مما جعلني أسجل ذلك اليوم كأول مرة أتقابل فيها مع جهلي ،جهلي عن العديد من الاشياء في مجال القراءة و الكتابة ،أخبرني أنه ليس من حقي ان انتقد كتابا الا اذا كنت قد الفت كتابا مشابها له من حيث كل شيء، انا التي كنت انتقد كل شيء بصورة دائمة،أعجبت بفكرته وعممتها على كل شيء في دنياي، كان شخصا ستيني او سبعيني لا استطيع ان أجزم، لكن روحه كانت شابة جدا أبصرتها في خفته وكيف يتنقل بين الكتب بسلاسة دون أن يدوس على إحداها ليعطيني كتابا تلو الآخر ، حدثني عن السيميائية في الأدب ثم انتقل للحديث عن الرواية الإسبانية والفرنسية، ذكر أسماءا عديدة لأدباء عظماء طلب مني تدوين أسماءهم لأبدأ في القراءة في اقرب وقت ممكن ، هذا البائع أعطاني كنزا لايفنى بجانب ابتسامته، لم يكن في فمه غير سن واحد لكنه لم يتوقف عن التبسم ولم اشعر بمرور الوقت رفقته ، شعرت أن أصحاب المكتبات وبائعي الكتب والقراء بصفة عامة هم كتاب مفتوح بحد ذاته والحديث معهم اشبه بقراءة قصة غنية في وقت قصير ، قراءة قصة بطريقة تتيح لك الفرصة في التوقف وطرح الاسئلة والحصول على جوابها في ذات الوقت.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات