في هذا العام، لا تبدأ وحدك. ابحث عن رفيق يشبه الصدّيق... وكن أنت الصدّيق لغيرك

في أول يوم من محرم، ومع بداية السنة الهجرية ١٤٤٧، نستقبل عامًا جديدًا كمن يفتح نوافذ الأمل بعد ليلٍ طويل. إنها فرصة ذهبية لإعادة ترتيب أرواحنا، والانطلاق من جديد كما انطلق نبينا محمد ﷺ قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا، حين رسم أول خطوة لبناء حضارة، كانت بدايتها... الهجرة.


الهجرة ليست مجرد حدث تاريخي، بل خريطة طريق لكل من يريد أن يتحرّر من الضعف، ويهاجر من السكون إلى الحركة، من الخوف إلى اليقين، من التردد إلى العزم.


ومن أعظم دروسها: اختيار الرفيق. لم يكن النبي ﷺ بحاجة إلى من يملأ عليه الطريق بالكلام، بل إلى من يملأ قلبه بالثقة بالله. اختار أبا بكر، الرجل الذي لا تهتز قدماه حين تهتز الأرض من تحتهم، والذي قال: "يا رسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا!"، فأجابه النبي ﷺ مطمئنًا: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟"


لكن دروس الهجرة لا تقف هنا. فهي تعلّمنا:


أن الإيمان يصنع القوة، حتى في قعر الغار، حيث الخوف يبلغ مداه، يبقى المؤمن مطمئنًا بالله.


أن التخطيط لا يناقض التوكل، فالنبي ﷺ خطط بدقّة، واختار الوقت، والمسار، ومن يزوّده بالمعلومات والزاد، ثم توكّل.


أن البدايات الصعبة لا تعني الفشل، فالهجرة كانت محفوفة بالمخاطر، لكن كانت نتيجتها فتحٌ ونصرٌ وتغييرٌ للتاريخ.


أن لكل إنسان "هجرته" الخاصة، فقد لا ننتقل من مكة إلى المدينة، لكننا ننتقل من حال إلى حال، من معصية إلى طاعة، من ضعف إلى عزيمة.



فابدأ عامك كما بدأ النبي ﷺ هجرتَه: بنيّة صادقة، وخطة واضحة، ورفيق مخلص. لا تمشِ وحدك، فإنك حين تختار الصحبة الصالحة، تختار طريقك إلى النور.


كل عام وأنت إلى الله أقرب، وبصحبة الخير أسعد، وبهمة الهجرة أنجح.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

أحببت كلماتك، وفكرة الهجرة وربطها ببداية السنة وبداية التغيير، جزاك الله خيرًا🌼

إقرأ المزيد من تدوينات المَروة علي

تدوينات ذات صلة