التكملة النهائية لكتاب العادات الذرية و مخلص رؤيتي و رأيي الشخصي



07.04.22


معن ريان



اذا صح التعبير فهذا الفصل الثاني من مقالي الذي اكتب عن كتابي الذي اقرأ, كل ما يتم قراءته و خصوصا الكتب والروايات حتى المقالات منها لابد ان تترك اثرا وانطباعا في نفس القارئ , وعليه وددت اكمال هذا المقال كجزء آخر واخير ,

عزيزي القارئ قد لا تدرك ما اتحدث عنه في حال لم تقرأ الفصل الاول منه لذا وجب التنويه ...


يكمل الكاتب في تطرقه للمواضيع العقلية والعادات البشرية الجيد منها والسيء , يطرح المشاكل والحلول لكل منها سواء كان تعزيزا او تقليصا , الافكار التي يتحدث عنها الكتاب و الكاتب اشبه ببرنامج يومي تم ترتيبه خصيصا لك بما يتوافق مع برنامجك او روتينك اليومي الممتلئ , من الامور التي تشد القراء البسطاء حالي هي التجارب التي تمت دراستها على البشر من نواح نفسية ومدى استجابة وتغير السلوك البشري نحوها وهذا تماما ما ذكره الكتاب ,لذا تجد اسلوب سرد التفاصيل متوازن الى حد ما , كلما انخفضت مؤشرات الانتباه لديك و احاطك الملل تجد نفسك منجذبا مشدود الانتباه للسطر الذي يليه , ليذكر فيه تجربة او دراسة علمية قد تمت و مدى فعاليتها؛ لذا تبقى على أهبة الاستعداد منتظرا نتيجة هذه التجربة ومدى تأثيرها في السطور القادمة , يختم الكاتب ملخصا قصيرا في نهاية كل فصل ليتطرق الى الفصل الذي يليه مفصلا كل جزء من طرق التعامل مع هذه العادات على حدة، عبقرية الافكار وطرحها في هذا الكتاب تكمن في وصف وتفسير كل استجابة يقوم بها الانسان ومدى ترابط الأفعال ببعضها وتعاقبها

وأقتبس " (العوز المدفوع بالإشارة) اذ يتسبب محفز خارجي في توق قهري الى تكرار عادة سيئة "

اي ان الاستجابة البصرية للامور او ملاحظتها تولِّد في داخلك رغبة جامحة لتكرار عادة ما , فإعتيادك على الاستيقاظ صباحا والجلوس في احدى غرف بيتك، عاجزا عن استيعاب الامور دون فنجان قهوة تبدأ به يومك لتعزيز النشاط لتأخذ حماما دافئا بعده فترتدي ثيابك فتضع عطرا وتستمر الاحداث , فكل منها مقرون بالنشاط الذي يسبقه و دواليك ,قد تجد المفاهيم المذكورة في الكتاب عميقة جدا ؛ لكن تفصيلها وشرحها في امثلة بسيطة يجعل الامر سهل الفهم , و درجة الاهمية في كل نقطة و اثارة القضايا المتعلقة عن عاداتنا اليومية والسلوك البشري ما يثير الامر جاذبية للقارئ , سترى في بعض التشبيهات والامثلة التي استعاض عنها الكاتب في مفاهيم علمية كثيرة تجسد حالك اليومي او ما شابهها لعادات كثيرة مهما تعدد اختلافها لكن الفكرة واحدة بما يتعلق في السلوك البشري و فطرته التي جُبل عليها وخبراته المكتسبة , يستمر الحديث عن السلوك البشري المتمحور حول التغييرات والاستجابات المختلفة , فلكل حدث بيئة مختلفة يتغير السلوك بناءا عليه , وكيف للعقل البشري فطريا ربط الاحداث والافعال باستجابات مختلفة , من خلال قراءتي وجدت التركيز الاكبر كان على العادات الجيدة التي تمت ،وكيف لعدة عوامل تغيير الإستجابة المعتمدة كليا على الحدث و البيئة المحيطة , كما يذكر تجارب علمية اجراها بعض العلماء وغيرهم من الناس الذين خالفوا بعض النظريات المشهورة و اثبتوا فيها رأيهم , ومن العجيب ما تم ذكره عن رجل يدعى لازلوا بلوجار واقتبس شعاره الذي كان يؤمن به " العبقري لا يولد , وانما يُعَلّم ويُدّرب" حتى نجح في اشراك زوجته بإجراء هذه التجربة على اطفاله،وهذا فعليا ما حدث ، النتيجة كانت مذهلة حين هيأ البيئة المناسبة بعد اختياره للعبة الشطرنج كأداة مناسبة لدراسة هذه التجربة , ملأ البيت صورا لمشاهير الشطرنج وعمالقتها، انجب بلوجار ثلاث أطفال من الإناث،ومع التدريب والتعليم والبيئة التي تعج بالشطرنج وأخبارها في منزله؛ قد حظي اطفاله على مراكز عالمية في هذه اللعبة في سن صغير وتغلبوا على أشهر اللاعبين فيها بل كسروا ارقاما قياسية مثبتا نظريته وإيمانه , قد وصل الامر الى ان يجد طفلته تلعب الشطرنج ليلا في الحمام , وقف محاولا تشجيعها للخلود الى النوم وتتوقف عن اللعب قائلا " صوفيا, دعي قطع الشطرنج وشأنها " غير انها ردت عليه قائلة "أبي, انها لا تدعني و شأني!" ،وغيرها الكثير من الأمثلة المطروحة وتجارب تنتهي بنتائج مذهلة، هنالك قاعدة ذهبية وضعها الكتاب ملخصها " ربط عادة تحب فعلها بعادة تريد فعلها" مشروطا بتفصيل الزمان والمكان والكيفية للقيام بها ، كمثال بسيط يستخدمه الآباء مع أطفالهم لتحفيزهم على تناول الطعام قائلين "أنهي طعامك لتحصل على قطعة حلوى" ، الفرق يكمن فيما تحب فعله وما تريد هو (المكافأة العائدة في نهايته) ، توظيف هرمون الدوبامين او هرمون السعادة هو سر قوة الإرادة لإنجاز او خلق عادة تود فعلها ، فكما هو واضح لإكتساب عادة جديدة عليك ان تجعلها جذابة بوضع ما تريد فعله متبوعا بما تحب لتحصل على مكافأتك ،ما يجعل المرء مندفعا لإنجاز امر يريده او عليه انهاؤه هو التوق للنتيجة ، وبذلك يحفز الدوبامين في داخله واثارته ليعمل بجهد اكبر ليحصل على المكافأة فيفرز الدوبامين فيشعر بالرضا ، ترى العامل ينجز عمله بسرعة اكبر ليحصل على علاوة ما وهنا يكمن الرضا، هو لا يريد العمل بجد انما يبتغي الجائزة في نهاية الفعل و عليه تستمر الأفعال وتتعاقب ، وعلى عكسها تتيح لك هذه الطريقة التخلص من عادات سيئة تود تغييرها ،فإن كنت تود التخلص من سمنتك عليك بالابتعاد عن عروض الوجبات السريعة والطعام المرذول الذي يحرك شهيتك ويجعل توقك اكبر لشرائها او ان تبتاع بضاعتك من مكان آخر تجهل فيه تماما اماكن الحلويات وغيرها ,مما لا يترك لك الا الطعام الصحي امامك ويعزز ارادتك بالامتناع معها ,فتفقد الوزن وتحصل على جسد مثالي وتنال جائزة السعادة

الجدير بالذكر انه لم يذهلني التجارب المذكورة فقط على الانسان بل على الحيوانات ايضا فتجد سلوكها يتغير بناءا على البيئة والمعطيات المحيطة , لكن ما اثار انتباهي فعليا هو ان السلوك قد يتغير للاسوء كالدراسة التي اجريت على احد حيوانات الشامبانزي كما هو مذكور حين وجد طريقة سهلة وسريعة لكسر الجوز و هو في احدى الجماعات لينضم الى جماعة اخرى تستخدم طريقة اقل فعالية في كسر الجوز لتلحظ تغير سلوكه باتباع نهج الجماعة الجديدة التي انضم اليها متجنبا استخدام طريقته الأكثر فعالبة , وهنا يرضخ لاسلوبهم الذي يتبعونه والسبب وراء هذا ان المكافأة هي تمام قبوله في جماعته الجديدة وان كان الثمن بالتخلي عن معتقداته او اساليبه المعتاد عليها او متجنبا نوعا من الشجار , وهذا بالمحصلة ينطبق ايضا على الانسان واسلوبه , تجده يستسلم بتقبل معتقدات اشخاص غرباء انضم اليهم مؤخرا وان لم يوافقهم الرأي فالكثرة تغلب الشجاعة نوعا ما غير ان الاعتراض على امر ما يخالف اعتقداتك سيخلق البيئة المتوترة والقلقة وبالتالي لا جائزة في نهاية المطاف , يسعى المرء طوال عمره نحو جائزة ما وان لم تظهر للعلن , اؤمن بشدة ان الجوائز النفسية وقعها على النفس اكبر من المادية في بعض الاحيان , فبعض الجوائز المادية وان عظمت قد لا يتم تقديمها بالشكل المطلوب فلا تجد رونقها في نفس المرء وان بهظت, فالهدية عند اهدائها فجمالية تقديمها هو ما يضفي لها قيمة اكثر ,فتجد الدوبامين وغيره من الهرمونات تفرز بشكل مضاعف اكبر عن المعتاد , فمنهم من يبكي فرحا ومنهم من يقف مبروق العينين مصدوما لما يرى

, ينتقل الحديث بشكل اعمق عن العادات وكيفية تنظيمها عند طريق بعض القواعد و الشروط التي يجب توافرها , كأن تجعلها جذابة ,مشبعة, سهلة, و واضحة والعكس بالعكس اذ ما اردت التخلص منها , كما يناقش العديد من المشاعر المتعلقة بهذه العادات طارحا امثلة كثيرة من احداث واقعية و حقيقية في عصرنا الحالي والماضي ,بدءا ذي بدء , بالمعضلة التي يواجهها المرء ختاما بالحل والعادة المكتسبة في نهاية المطاف مكتسبا شيئا ايجابيا , ويفسر كيف يتغير سلوك المرء حين يكتبها وتحول العقل بشكل آلي في اتقانها فتجده يتقن فعل ما باحترافية عالية دون تفكير بينما يواجه عائقا ما عند حدوث امر خارجا عن نشاطه المعتاد , لذا ترى الاطباء في بداية مسيرتهم كما ذكر يتدربون على حدث شق مرارا وتكرارا حتى تصبح عادة ومهارة يتقنها وان اغمض عينيه; مما يتيح له الانتباه والملاحظة للنشاطات الاخرى التي تحدث ومراقبة احداث اخرى قد تطرأ ,وكما ذكر ايضا "الجانب الايجابي للعادات هو اننا نستطيع فعل الاشياء دون تفكير والجانب السلبي هو اننا نتوقف عن الانتباه الى الاخطاء البسيطة " لذا الحظي بعادة جديدة لا يعني عدم اعارتها الاهتمام و ان اتقنتها وتبقى الملاحظة هي الرقيب الاجدر في عاداتنا الجديدة , ما أثار انتباهي ايضا في خضم مجموعة الاحداث والامثلة المطروحة هي القاعدة التي يتبعها الشخص ويتغير سلوكه بناءا عليه هي "نقطة الرغبة المثالية تتحقق حين نكون احتمالات النجاح والفشل متساوية , انت بحاجة الى قدر كاف من المكاسب او قدر كاف من الافتقار " كانت هذه الكلمات كفيلة ان تجعل ذهني شاردا للحظات حتى ادركت ماذا تعني بالشكل الصحيح في رأيي ; اي ان بعض السلوكيات التي نفعلها بإقدامنا على امر ما يعتمد كليا على نسبة النجاح والفشل ,فإذا كانت النتائج توحي بالايجابية سيخلق لنا نوعا من التوق والتحفيز للاستمرار والعكس صحيح , لكن لابد من وجود نتيجة ما ليأخد السلوك مجراه وهنا الفيصل الذي يميز الاشخاص الناجحين , يجعلون من الامر جذابا و يبنون تحديا ليخلقوا التوق والشغف حتى يتقدموا قدما اكثر في مسيرتهم نحو النجاح ,هذا لا يعني عدم شعورهم بالملل والضجر من فترة الى اخرى لكنهم يعيدون برمجة نظامهم الخاص ليجددوا العادة بشكل جذاب ونتائجه مشبعة و يستمر المسير , ولا انسى ذكر ما قاله الكاتب "ان الخلل ليس فيك بل في النظام الذي تتبعه " لذا يتوجب ايجاد نظام فعال يتناسب مع اسلوب حياتنا مع الاتزام والعزم بالتغيير توقا و رغبة في احداث ذلك , قد يحدث الانقطاع في اكتساب عادة جديدة لحدث عرضي من سفر او مرض وغيرها لكن يجب العزم على عدم تكراره , فإن حدث مرة لا يجب تكراره مرتين متتاليتين فهذا ينقص من جذابية العادة و يخفض التوق والرغبة فيها , واذكر ايضا جملة عميقة قد ذكرها الكاتب "ففي احيان كثيرة نقع في دائرة,كل شي او لا شيْ عند التعامل مع عادتنا " تجدنا بلا قابلية للوسطية في الافعال او الاقبال على عادة جديدة اما نشاط كامل متتابع او انقطاع دائم ,ويطول الحديث عن السلوك والعادات وشرحها بحذافيرها وكيف " السلوك الذي يكافأ فوريا يتم تكرار والسلوك الذي يعاقب فوريا يتم تجنبه ". ستجد في خاتمة الكتاب حكما و نصائح جوهرية كملخص من القواعد المذكورة بطريقة سلسة تعيد احياء ذاكرتك , لتجدد معلوماتك في مخلص قصير علها تكون سببا في تغيير عاداتك , ولا ينسى جيمس كلير صاحب هذا الكتاب "العادات الذرية " بتوجيه الشكر للكُتّاب والعلماء الذين تركوا اثرا في نفسه و كانوا سببا لوجود هذا العمل و نجاحه.

كانت تجربة قراءة هذا الكتاب شهية للعقل فاتحة ابوابا كثيرة للتفكر فيها , رغم تزاحم المعلومات وكثافتها الا ان سلاستها مضروبة بأمثلة عديدة تجعل القراءة ممتعة وسهلة الفهم .

ختاما كانت هذه التجربة الاولى لي في كتابة مقال عن كتاب أقرأه، شاكرا كل من اتم القراءة الى نهايتها

آملا ان يلقى اعجابكم.


معن ريان

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات معن ريان

تدوينات ذات صلة