لكانت تحدثت عن الكثير والكثير... لكانت تحدثت لأول مره في حياتها...
ذهبت الفتاة إلى المقهى كعادتها في التاسعة والنصف صباحا، صعدت إلى الطابق العلوي وجلست بجانب النافذة، حتى تتمكن من رؤية السماء والسحب الخفيفة الناعمة وتستنشق القليل من نسائم الربيع....
وضعت كل أجهزتها على المنضدة ثم فتحتها وجهزتها، بعد ذلك أحضرت قهوتها الباردة ومن ثم جلست
وبدأت على الفور في سماع الأغاني حتى خُطفت كليا،
مرت الدقائق والساعات وهي تعمل، حتى سقطت عيناها على هذا الشاب طويل القامة، نحيف الجسد، بوجه لا بأس به، ربما أفضل من لا بأس، لولا نضارته الكبيرة لظهرت معالمه اليها بوضوح...،
جالسا هناك امام طاولته بيده كتابا يقرأه، لم تري هي أحدا من قبل يقرأ في هذا المقهى او أي مقهى اخر، كم هذا حفزها لأحضار كتابا في المرة المقبلة وقراءته هنا امام الجميع، لطالما كانت تخشي القراءة في الاماكن العامة خوفا من أن يفضحها ما تقرأه، لكن القراءة في النور كانت جذابة، ولم تكن تعرف انها جذابة هكذا، حتى فعلها هذا الشاب وسبقها....،
كان يقرأ كتابا علميا او ادبيا، لم تستطع التحديد، هي بالكاد تأكدت أنه ليس كتاباً جامعياً، مما أثار اعجابها أكثر وهذا نادرا، فهي لا تعجب بسهوله بأي فتي، وبكل صدق إعجابها به لم يكن كأعجاب بنت بولد، بل كان اعجاب صداقة، صداقة كانت في حاجة ماسة اليها....، سرحت سريعا وهمست في سرها، لو تصادقنا انا وهو، لتناقشنا في جميع الكتب التي سنقرأها،
لتعمقنا سويا في كل الأفكار الفلسفية، لتحدينا بعض على من سينهي أكبر عدد من الكتب والروايات في أقل وقت، لو كان صديقاً لها، لكانت تكلمت معه عن عمق وكأبة دوستوسيفكي....عن جنون نجيب وتعقيد كافكا.... وعن حب شكسبير المبالغ فيه،...
لكانت تحدثت عن الكثير والكثير... لكانت تحدثت لأول مره في حياتها...
هذا ما جذبها اليه لا أكثر، بعيدا عن النظرات الخفية التي التقطتها مره او مرتين، كانت في غاية الفضول لمعرفة كل شيء عنه، مما اثرا فضوله وشكه اتجاها،
لهذا توقفت على الفور حتى لا تخيفه فيغلق كتابه بالخطأ ويكرها على هذا للأبد....
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات