تقييم ومراجعة كتاب سيرة الوجع لطبيب المؤلف أمير تاج السر
يسافر بك أمير تاج السر إلى بلدته ويغوص بك في عمق قصصهم ومواقفهم في العراك والاشتباك والقبائل.طبيب يروي لنا القصص القصيرة أو النصوص القصيرة الممتعة والمؤلمة وبعض منها انتهت بالطعن، مع مرضاه في مستشفاهم الفقير «كما أسماه» وكما ترى عيناه — تجد فيها الكثير من المواقف العبر والحكم والطرفات ولا ننسى أبدًا الأسلوب السردِ الابداعي لتاج السر أسلوبه هو الذي يميزه عن غيرهِ من الكتب وفي الحقيقة بعد قراءتي لسلسلة مباريات الجوع أخذني الحنين إلى قراءة لكتاب عربي فصيح ولغة سليمة وحينما أرغب بذلك أجد كتب أمير تاج السر تفتح ذراعيها لي لتعطيني من تلك الرغبة في اللغة.
مُتقطفات من أسلوبه في النصوص :
«كان موتًا التهم الأربعيني الذي عُين مديرًا لفرع كان أخضر وجفَّ».
«حين فحصته أول مرة خُيِّل لسماعتي الطبية أنّها تفحص حائطًا».
من نص مهاجر من الشمال — صفحة ٤٨ ويقصد بذلك إنه رجلًا عجوز هالكًا - روعة اللغة مع أمير تاج السر.
«انتصب بقامة أول من قامة السبعينيين بمراحله، وحين أطلق صوته كان كأنّه يطلق واحدًا من صواريخ «صّدام» المحرمة دوليًا.»
«أتذكر رشفة الموت التي كادت تندلق في حلقه، ورشفة الحياة التي دحرَتْها.»
وصفهِ لمركز الشرطة بإنه مركز الخصومة والصلح، مركز الغرامة والجَلْد، ونهب سيوف العراك، وخناجر الفتك، ومواهب اللصوص، وسقوط الساقطات.
تاج السر ردًا في محاولته لتبسيط قواعده الكتابية «إنّ المحلية عندي جزء من التركيب الداخلي، وهي التار التي تركْتُ عليها تجربتي حتى أوشكَتْ أن تنضج، ولا أستطيع أن أجد اسمًا غريبًا، أو طقسًا، أو عادة، دون أن أوظفها… من هذا المنطلق، كتبت الرواية، والشعر، والمقالة.»
إذ شعرت بالحنين إلى اللغة العربية وإلى لهجة تندمج بلطف مع الفصحى فأنصحك بكتب أمير تاج السر.
وقعت في تناقض شديد في قرائتي لهذهِ الكتابين — سيرة الوجع طبيب سوداني حقيقي يروي الكثير من مقتطفات قريته الصغيره والفقيرة بينما ما وراء الطبيعة بطل الروايات طبيب مصري الجنسية يبحث عن الرعب والإثارة، كلهما كتبوا في القرى - كلهما يجيدون الثقافات الاخرى - كلهما في منهة الطب — الطبيب السوداني يميل إلى الواقعية والسرد الأدبي بقطرات من اللهجة السودانية الثقيلة والحقيقة. بينما الطبيب المصري يميل إلى الإثارة والمعرفه والحقائق العلمية خلف ما وراء الطبيعة «كما وصفها الكاتب».
تناقض غريب جدًا ومريب بالنسبةِ لي وكيف اجتمعت هذهِ النسختين في مدة واحدة ولم انتبه لهذا التناقض!
رغم إن نصف البشر يميلون إلى الخيال إلا إن كتاب الطبيب السوداني يجذبني بشدة لأنه حقيقي و واقعي بالعكس تمامًا عن الطبيب الخيالي البطل الروائي “الحاشر أنفه” في كل صغيره وكبيره تمر أمام عينيه، اعتذر إنه ليس بأسلوب إبداعي للكتابة ولكن هذا ما اشعر به بينما أنا اقرأ المجلد .. اشعر بغضب شديد من نفسي ومن ذائقتي ومن لم يعجبه المجلد اظن انه يفكر كما أنا أُفكر !
سطر لسيرة الوجع من نظر المؤلف:
«سيرة الوجع هي سيرة حقيقية، ولعلها لا تهمّ أحدًا.. أو لعلها تهمّ البعض..لكنّها كانت وما زالت طريقي إلى قارئ متعجل».
أما بالنسبة لسيرة الوجع فإنها على حق في هذهِ النصوص — الرحلة لا تأخذ أكثر من ثلاث ساعات وتنتهي من الكتاب سريعًا.
استحالة بث الروح في حروف ميتة.
التقييم النهائي : 9 من 10 🧡.
التعليقات