كثيرا ما يصاب المرء بفتور القراءة الذي يفقدنا شغفنا بعد قراءة صفحة أو أثنين حتى ومع تغير الكتاب موضوعه بأخر يظل الملل والشرود هو الحال وسيد الموقف


أتذكر جيدا ذاك الكشك الأزرق لعم حسن بائع الجرائد وكيف بدأت رحلتي مع القراءة من ذلك المكان الضيق، وامتدت الرحلة تتطور مع حرص والدي حين لفت نظره حبي للقراءة والمطالعة على ذهابي لمعرض القاهرة للكتاب بشكل دوري واصبح الكتاب جزء أساسي في حياتي، يصاحبني أينما كنت.


أصاب بفترات من الفتور في القراءة وآخرى كلها شغف ونهم كي أنتهي من الكتاب وابدأ بغيره، واستمر الحال حتى اصابني فتور طويل المدى تكدست فيه الكتب من حولي وأصبحت غير قادر على قراءة كتاب حتى آخره.


وكنت أعتقد أن ذاك الفتور يأتي حين ننتهي من كتاب ويحظى بإعحابي أو رواية عشت أحداثها وسكنت روحي مع ابطالها بين ثنايا الغلاف فيأتي الفتور كوني تحت تأثير الكتاب السابق والحيرة أن لا يكون الكتاب الجديد في نفس مستوى ما سبقه.


أصبحت لا أعيش بكامل حواسي في أحداث الرواية التي بين يدي ولا أستشعر كلمات ديوان شعر اقراءه ولذلك أخذت في البحث عن أسباب تلك الحالة المزعجة وكيف لي أن اقاومها واعود لشغفي بالقراءة مرة آخرى فالقراءة بالنسبة لي تمنحني مكاناً آخر أذهب إليه عندما نضطر للبقاء في أماكننا كما قال: ماسون كولي.


“لا أحب الكتب لأننى زاهد فى الحياة ... ولكنى أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفينى ومهما يأكل الإنسان فإنه لن يأكل بأكثر من معدة واحدة ومهما يلبس فإنه لن يلبس على غير جسد واحد ومهما ينتقل ف البلاد فإنه لن يستطيع أن يحل فى مكانين ولكنه بزاد الفكر والشعور ...والخيال يستطيع أن يجمع الحيوات فى عمر واحد ويستطيع أن يضاعف فكره وشعوره وخياله كما يتضاعف الشعور بالحب المتبادل وتتضاعف الصورة بين مراتين” عباس محمود العقاد



ما هي الأسباب حالة الفتور القراءة التي تصيب العقل؟


*ذهن غير صافي:

الذهن الصافي هو أحد الأسباب التي نحتاجها لقراءة ممتعة مستشعرين اللذة في كل سطر نقرأه وبالتالي الإجهاد النفسي والعصبي من العمل وما يصيبنا من مشاكل وأزمات الحياة من حولنا سبب أساسي في حالة فتور القراءة المزعجة التي تصيبنا والتي لا نتحملها إن كنت شخص القراءة هي غذاء روحك.


*كتاب ممل تبعه كتاب ممل آخر:

من الأسباب أيضًا أن تنتظر كتاب ما وحين تقرأه يصيبنا الإحباط ونجد الملل يتسلل إلينا فيستبدل ذاك الكتاب بأخر فنجده كسابقه ممل غير ممتع مما يجعلنا نفقد الثقة في الكتب بشكل عام معها نفقد شهيتنا للقراءة ويتسلل الإحباط إلينا نحو أي كتاب وأي محاولة قراءة بشكل عام.


*قراءة كتاب أو عمل مرهق:

من الأسباب أيضا التي تصيبنا بفتور القراءة تلك الأعمال الضخمة التي تحتاج ذهن صافي ووقت فراغ كبير كي تنتهي منه وغالبا من تكون تلك الكتب مملة في بعض أجزائها مما ينتج عنه فتور وشعور بأنك لا تريد أي شئ لقراءته بعد هذا ومن هنا تأتي الحالة.


ليكن غرضك من القراءة اكتساب قريحة مستقلة، وفكر واسع، وملكة تقوى على الابتكار، فكل كتاب يرمي إلى إحدى هذه الثلاث فاقرأه مصطفى صادق الرافعي

*التعود على القراءة كل يوم:

التعود على القراءة بشكل يومي يسبب لك ملل وفتور بالقراءة ولذلك يجب أن لا نعتاد القراءة يوميا كي لا تتحول القراءة بشكل يومي لمجرد روتين يومي بغض النظر عن هل استمتعنا بها أم لا وذلك يسبب لنا فتور القراءة بدافع الملل والروتين ورغبتنا في الدائمة في التغير.


*قراءة كتاب ممل بدعوى أهميته:

نبدأ بقراءة كتاب ونرغم نفسنا على قراءته رغم علمنا بكونه ممل ونقنع أنفسنا أنه كتاب مهم نقرأ ولا نستمتع بها على الإطلاق ونواصل ونعذب أنفسنا بهذا الشكل وهذا بالطبع يخرج عن سبب القراءة وغايتها وسبب لنا فتور القراءة.


*قراءة نوعية واحدة بشكل مستمر:

أن تقرأ روايات فقط أو كتب في مجال واحد بشكل مستمر وهذا بالطبع يسبب الملل لك ويعطيك إحساس الدوران في دائرة مفرغة مما يصيبك بالفتور ولذلك يجب أم تستكشف نوعيات آخرى من الكتب والموضوعات.

*شعورك بالعزلة بسبب القراءة:

أنت دائما تشعر بالعزلة بسبب القراءة وتشعر أنك وحيد فقط مع كل هذه الكتب التي قرأتها وأن القراءة تعزلك عن العالم الخارجي وعن التجارب الحقيقية ولمس الواقع بأناملك، حيث تقرأ روايات عاطفية كثيرة ولكن لم تجرب في حياتك علاقة واحدة على سبيل المثال، وهذا بالطبع يجعل إيمانك بالكتب يتضاءل ويصيبك فتور القراءة وهذا الإدراك لا يصيب الكثير من الناس بل هناك من يظل يعيش حياته بأكملها مع الكتب وكلما ازداد عزلة بسبب الكتب كلما شعر أن أمانه قد ينقض من دونها.

*أن تعمل في وظيفة القراءة والكتابة جزء منها:

وتلك المشكلة أعاني منها بشكل شخصي فعندما يصبح الموضوع إلزامي عليك يصيبك الملل والفتور منه وكذلك الحال مع القراءة, قراءة أثناء العمل و في وقت الفراغ قراءة أيضًا فمع مرور الوقت تريد فعل شئ آخر غير القراءة حتى وإن وصل بك الحال أن تنظر في سقف الغرفة فقط.

إذن كيف نصل لحل ونقضي فتور القراءة:

بعد عرض بعد النقاط التي راودتي وقرأت عنها كي أصل لحل لتك المشكلة وكيف يمكننا أن نقضي على فتور القراءة

*نأخذ استراحة من القراءة:

إذا أصابك فتور القراءة لا ترغم نفسك على المزيد من القراءة، خذ استراحة لوقت معين محدد وهذا الأفضل لا تأجل لوقت غير مسمى وتعود للقراءة وقتما تشعر أنه يمكنك العودة للقراءة ، في بعض الأحيان يأخذك الفتور لوقت طويل قد يصل لشهور وربما لسنين لذلك من الأفضل أن تأخذ استراحة على شكل مدة محددة وتحدد كتابا معينا أيضًا لقراءته عند العودة.

*مشاهدة الأفلام:

بدلا من القراءة غير هوايتك قليلا، قم بمشاهدة الأفلام سواء كانت أفلاما وثائقية أم روائية، قم بمشاهدة أكبر كم من الأفلام الجميلة والممتعة حتى تشعر أنك قد تشبعت منها بالكامل وفي النهاية ستجد نفسك عدت لأحضان القراءة من جديد، مشاهدة الأفلام عموما من الأمور الممتعة جدا ولا مانع إن كنت من غير محبي الأفلام أن تبدأ في المداومة على مشاهدة فيلم ولو مرة بشكل أسبوعي لأنها فن عظيم وجميل ويستحق منك أن تلتفت إليه.

*الخروج في نزهة أو القيام برحلة لأي مكان قريب:

قم برحلة لأي مكان قريب إليك، قم بلمس الواقع إن كنت قد ضقت بالعزلة التي تفرضها عليك القراءة، قم بالتنزه في أقرب مكان يمكن أن تذهب إليه أو قم بزيارة بقعة قديمة تمثل لك ذكرى سعيدة في الماضي، كل هذه الأشياء مهمة لمواجهة فتور القراءة بشكل أفضل، ولكن عليك البحث عن السبب لمعالجته بالعلاج المناسب له.

*الالتقاء بأشخاص تحبهم :

من أهم الطرق التي يمكن أن تسلكها لمواجهة العزلة التي تشعر بها من أثر مداومتك على القراءة والمطالعة الالتقاء بأشخاص تحبهم وتستريح إليهم سواء كانوا أصدقاء أو أقارب أو غير ذلك ويستحسن على نهاية الأسبوع تقوم بالتقاء أشخاص قراء مثلك لأنهم سيتحدثون معك عن الكتب وعن القراءة ويرشحون لك كتبا بعينها ويتحدثون معك عن قراءاتهم التي أنهوها وعما يقرؤونه حاليا وما هي خططهم المستقبلية للقراءة ويتبادلون الحديث حول الكتب والكُتاب مما سينشط رغبتك في القراءة وتستعيد شهيتك للقراءة مرة أخرى.

*البدء بقراءة أشياء خفيفة:

عندما تعود إلى القراءة مرة أخرى قم بقراءة أشياء خفيفة، ولا تبدأ بقراءة شيء دسم، لتكن هذه الكتب بمثابة المقبلات التي تستمتع بقراءتها قبل أن تصلك الوجبة الرئيسية، لذلك فتور القراءة يمكن أن يواجه بقراءة أشياء خفيفة كتنشيط لشهية القراءة و كفاصل بين الكتب الجادة والموضوعية.

*قراءة الموضوعات التي تجذبك فقط:

مهما حدث، إن كان هناك كتابا لا يعجبك لا ، إن لم تستشعر المتعة وأنت تقرأ فهذا الكتاب ليس لك، العمر قصير وأنت لن تستطيع قراءة كل الكتب في الدنيا لذلك اعمل على إمتاع نفسك، الكتاب الجيد هو الكتاب الذي يعجبك فقط ولا تهتم كثيرا بآراء الناس لأن كل شخص يحكم من وجهة نظره هو وحسب تجربته ونفسيته الصالحة لتلقي الكتاب.

وأخيرًا:

فتور القراءة حالة طبيعية ممكن أن تأتيك في أي لحظة لكن لا تستسلم ولكن لا شك أنه يجب أخذ فاصل من القراءة كل فترة والاستمتاع بفعل أشياء أخرى وهيا بنا يا صديقى نعود للقراءة.


Mo'az Habiba

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Mo'az Habiba

تدوينات ذات صلة