يا من تقرأ سطوري هاته، دعني أسألك سؤالا لا أنتظر له جوابا، لكنه ربما قد يعني لك شيئا أو أشياء
قل لي أي من العابرين أنت؟
كلنا عابرون هنا، أليس كذلك؟ نعيش مدة، ونعانق الأرض مدة، وبعدها الى الملتقى. لكننا نعبر ونعيش هنا عمرا، وعمرنا هذا هو ما يحكم على ما بعده.
لنقل إن الحياة اختيارات، من خياراتك اليومية المؤرقة كاختيار ما سألبس هذا الصباح، لتلك الخيارات المصيرية التي تقودك لطريق اخر على خارطتك
ولنقل إن اختيار كيف سأعبر هاته الحياة يلخص كل الخيارات،
فأي من العابرين أنت؟ أمن العابرين بسلام أم العابرين بصخب؟
العابرون بسلام هم أناس شغلهم الشاغل هو الخروج من الدنيا بأقل الأضرار والخسائر. لن يركضوا وراء مال قارون، ولا يهمهم أبدا أن فلانا وفلان يعيش حياة أفضل. أناس يكتفون بسقف ومأكل وحياة سليمة. أناس يلزمون جوانب الطرقات، ويتفادون أي صراع. يعبرون الحياة بسلام، حتى وان كانت دنياهم تخلو من السلام.
وعلى الضفة الأخرى، الكثير من الصخب. يعيش أناس يملون الركود، يملون الحياة الروتينية. من صباحهم لمساءهم، من حياتهم لمماتهم يعيشون الصخب. يلتقطون الفرص واحدة تلو الأخرى، و لا تركد حياتهم برهة. يخطفون اللقمة من فاه الأسد كما نقول. وأكبر مخاوفهم أن تكون حياتهم عادية، حياة لا يعرف عنها أحد غير المقربين شيئا. لا يهم ان هم عرفوا بصورة جميلة أو سيئة، المهم أن ذكراهم ستبقى، ولن تركد حتى بعد موتهم.
فقل لي الان، هل أنت من العابرين بسلام أم من العابرين بصخب؟
لأصدقك القول لا أظن أن هذا العيش أو الاخر أفضل، هو اختيار وكفى. اختيار لا أحد قد يختاره غيرك.
وغبي من قد يقول إن حياة أي من المشاهير هي قطعا أفضل من حياة جدتي في البادية، تستيقظ قبل أن تستيقظ الدنيا، تطل على الصباح بأيدي أقساها البرد، تخبز وتطبخ، وبالليل تشتكي من الام ظهرها وركبتيها. يطل الصباح بعدها ومعه تطل لها نفس الحياة. لكنها لن تقايض أبدا تعبها هذا بحياة انجلينا جولي، و لو خيرت مرارا لاختارت هذه الحياة البسيطة في الخفاء
غبي من قد يقول هذا أو ذاك أفضل. وغبي أيضا من قد يقول انه يفهم الحياة، كرجل يدعي أنه يفهم النساء.
ما أردت أن أوصله لك، يا من يقرئني، أن هذا السؤال لك، والجواب أيضا لك. فاشرب قهوتك المرة، واستمع لأنغامك الجميلة، ثم قل لي هل أنت من العابرين بسلام أم من العابرين بصخب.
التعليقات