إن عَرّفْنا أَنْفُسَنَا حَسبَ ديكارت فَنَحْنُ كَائِنَاتٌ تُفَكِّر. لِذَا قَدْ نَقُولُ أنَّ التَّفْكِير أو الْفِكْر هو عَمَلُنَا الْأَسَاسِيُّ،

وَ رُبَّمَا لِهَذَا نَحْشُرُ انْفُسَنَا وَ فِكْرنا الضَّيِّقَ فِي مَا يعنينَا وَمَا لَا يَعْنِينَا


كُلُّ فِكْرَةٍ، حَتَّى وَ انْ بَدَتْ لَنَا صَائِبَة وَ لَا تَشُوبُهَا شَائِبَة. تَظَلُّ قَابِلَةً لِلتَّأْوِيلِ وَالتَّحْرِيفِ حَتَّى


مُمَكِنْ أنْ نَقُولُ بِبَسَاطَة أَنَّ الْفِكْرَةَ مَادَّة خَام، يَلْتَقِطُهَا انْسَانٌ عَاقِل، وَ يَفْهَمُهَا بِقَدْرِ مَا أُوتِيَ مِنْ فَهْم . هِيَ نَفْسُ الْفِكْرَةِ تُسْقِطُهَا عَلَى شَخْصَيْنِ مُخْتَلِفَيْن، اخْتِلَاف الْمُجْتَمَعِ او الدِّينِ او غَيْرِهِ لَا يُهمّ، الْمُهِمُّ أَنَّ نَفْسَ الْفِكْرَةِ الْخَامِ قَدْ تَأْخُذُ مَعْنَيَيْنِ لَا يَلْتَقِيَانِ


هَذَا لَا يَعْنِي ابدًا انْ تَأْوِيلَاتِنَا للأَفْكَارَ تُصْبِحُ أَصَحَّ كُلَّمَا تَقَدَّمْنَا بِالْعُمْرِ أَوْ بالْفِكْر. رُبَّمَا الْعَكْسُ هُوَ مَا يَحْصُل. رُبَّمَا تَتَعَقَّدُ تَأوِيلَاتُنا اكْثَرُ وَ نحمِل فِكْرَةً بَسِيطَةً أَكْثَرَ مِمَّا تَحْمِل


لَكِنَّنَا إِنْ كُنَّا قَدْ نَتَّفِقُ عَلَى شَيْء فَهُوَ أَنَّنَا لَنْ نَتَّفِقَ أَبَدًا عَلَى فِكْرَةٍ مَا، ذَاكَ أن لِكُلٍّ تَأْوِيلهُ الْخَاصِّ لَهَا، اوْ بِالاحْرَى رُؤْيَتهُ الْخَاصَّة. لَكِنَّ كل فِكْرَة وَ كُلّ رُؤْيَة تَظَلُّ رَأْيًا يحْتَرم


وَ إن كَانَ يَجْدُرُ بِنَا أَنْ نَتَّفِقَ عَلَى شَيْء فَهُوَ أَنَّكَ إن تَحْتَرِم رَأْيًا أَوْ تُدَافِع عَنْه لَا يَعْنِي أَبَدًا انهُ مَبْدَأ تَعِيشُ عَلَيْهِ أو أَنَّهُ يَخْدِمُ مَصَالِحَكَ أو احْتِيَاجَاتِكَ الْخَاصَّة


قَدْ تُدَافِعُ عَنْ رَأْيٍ لَا نَاقَةَ لَكَ فِيهِ وَلَا جَمَل، لِمُجَرَّدِ انّكَ تُؤْمِنُ بِأَنَّهُ الصَّوَابُ. فَالْفِكْرُ بِاخْتِصَارٍ لَيْسَ بِالضَّرُورَةِ مُرْتَبِطًا بِصَاحِبِهِ


كَأَنْ تَرَى كَاتِبًا يَكْتُبُ عَن اشْيَاءَ لَمْ يَعِشْهَا وَ لَا تَعْنِيهِ ابدًا لَكِنَّهُ يَكْتُبُ فَقَطْ لِأَنَّ لَهُ رَأْيًا بِالْمَوْضُوعِ




لَكِن إن آمَنَت فِي مُجْتَمَعٍ عَرَبِيٍّ شَرْقِيٍّ أَنَّ لِكُلِّ امْرَأَةٍ الْحَقَّ فِي كُلِّ اخْتِيَارَاتِهَا الْيَوْمِيَّةِ الْعَادِيَّةِ، أَنَّ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ مِنْ دُولَابِهَا كُلَّ يَوْمٍ مَا تُحِبّ، اصْفَر وَ احْمَر وَ اسْوَد انْ شَاءَتْ، انْ تَجُوبُ الْعَالَمَ دُونَ انْ تُصْبِحُ حَدِيثَ الْجِيرَانِ،انْ تدخِنُ السَّجَائِرَ وَ تُحَاسَب عَنْهَا مُحَاسَبَة الرِّجَالِ، اللَّهُ يَهْدِيهَا وَ لَيْسَ فِي ايِّ زَمَانٍ صِرْنَا لِنَرَى النِّسَاءَ تدخِنَ. أَنْ تَرْفُضَ الْعَرِيسَ الَّذِي لَا يَعِيبُهُ شَيْءٌ، وَهِيَ مَنْ يَعِيبُهَا كُلّ شَيْءٍ


انْ امْنت بِهَاتِهِ الْأَفْكَار الْبَسِيطَة سَتُصْبِحُ فَاسِقًا مُرْتَدًّا عَن الدّينِ وَ دَاعِيًا لِلِانْحِرَافِ. ذَاكَ أَنَّنَا لَخَّصْنَا كُلَّ الدِّينِ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ فِتْنَة. وَ عُدْنَا بِالدِّينِ لِأَيَّامِ الْجَاهِلِيَّة، كَانَت الْبِنْتُ تُوأَدُ مَا انْ تُولَد وَ اصْبَحَتْ تُوأَدُ مَدَى الْحَيَاةِ وَأَيًّا مَنْ كَانَ يَدْعُو لِحَيَاتِها فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الدِّين


اوْ حَتَّى فِكْرَة أن احْتِرَامَ دِينِ شَخْصٍ آخَر وَشَعَائِره لَا تُنْقص مَنْ تدينِكَ شَيْئًا ، وَ إنْ تَسْتَمْتِع بِاحْتِفَالَات وَ أَجْوَاءِ دِينٍ آخَر لَا يَعْنِي ابدًا انَّكَ تَخْرُجُ عَنْ دِينِك، فَالثَّابِتُ عَلَى الْحَقِّ لَا يُزَعْزِعُ ثَبَاتَهُ شَيْءٌ وَ هُوَ عَلَى دِينِهِ حَتَّى وَ ان رَدَّدَ تَرَانِيمَ دِينٍ آخَر



انْ أَقُولُ انْ لِأَيِّ شَخْصٍ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا او كَذَا، لَا يَعْنِي ابدًا انِّي أَسْتَحِلُّهُ لِنَفْسِي، فَقَطْ أُؤْمِنُ بِحُرِّيَّةِ الفِكْرِ الْكَامِلَةِ وَ حُرِّيَّةِ الفِعْلِ فِي حُدُودٍ لَا تَمَسُّ الآخَر. وَ هُوَ مَا يَجْدُرُ انْ نَتَّفِقَ عَلَيْهِ، فَلَنْ نَتبِعَ يَوْمًا دينًا وَاحِدًا، وَ لَنْ تَجْمَعَنَا ابدًا رَايَة وَاحِدَة، وَ لا لَوْن او تَارِيخٌ وَاحِد، فَعَلَى الْأَقَلِّ قَدْ يَجْمَعُنَا حَقُّ احْتِرَامِ الْفِكْرِ



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مدونة فاطمة

تدوينات ذات صلة