السآمة هي إنذار العقل بضوررة إدارة الجهد، عوضا عن تبديده
هل ندرك أن الشعور بالملل والسآمة قد رصدته دراسات الدماغ البشري على أنه أكبر محفِّز للإبداع!؟
هل سبق و قيل لك إن أفضل الأوقات للحصول على الأفكار الإبداعية هي عندما تكون في حالة من السأم!؟
هذا هو سر العقل في نفسه.إن عقلنا مركب على دوام الاشتغال والانشغال، ولربما بسبب من هذه الخليقة المخيفة، ظهرت النصائح الروحية التي تؤكد -اليوم- على الحاجة لسكون العقل: تبطيء حركته و إسكانه فليلا، حتى يعاد توزيع الجهد على أجهزة الجسم كافة، فيستعاد التوازن.
في دراسات الدماغ البشري، يظهِر العقل نشاطا ملحوظا عندما يغلب على النفس الشعور بالملل، بل إن عقلنا يكون على استعداد لتلقيالإبداع وتعلم المهارات -حينها- و بقياس فارق.
لا شيء أكثر مرارة على الإنسان من أن يكون في حالة خمول تام، بلا شغف ولا عمل ولا دراسة ولا تسلية ولا تحولات. هنا سوق يشعر ببؤسه وانعدام قيمته، وعدم كفاءته، واعتماديته، وضعفه ، وخوائه. وسوف يشعر من أعماق قلبه بالضجر والحزن والكآبة والضيق والاضطراب. (بليز باسكال- الخواطر/ كتاب سطوة العواطف،ص179)
يعتبر السأم والملل والضيق، وكل المترادفات التي ترسم صورة الانكفاء على الذات بالضياع وعلى الوقت بالهدر، كلها عواطف طبيعية تتضخم في حالات من الدماغ ثم تنعكس مشاعر في النفس. غير أن ما يزيد من تخوفنا من أن يباغتنا الشعور بالملل؛ تلك التأثيرات الجسدية المرافقة للملل: كانحدار الطاقة، والبلادة الذهنية، وازدحام الخاطر، والانكباب الثقيل للحالات المزاجية المتقلبة، وليس آخرها النعاس الشديد.
هيا إلى المطبخ!
ولمَ العجب! فلقد برعت ربّات البيوت في تبدبد السآمة والملل عبر الإبداع والابتكار في صنع وصفات طعام جديدة ومتنوعة! بل إننا لن نجد سيدة عاشقة للطبخ، إلا وكان أفضل أحوالها حين يستفزها الملل والرتابة لتندفع بكل وهجها نحو اختراع "أكلة جديدة"! وفي خلال ذلك تنبثق قدرات التعلم والتعليم والاحترافية.
قد لا ننظر للسأم على أنه تبطّل في الحياة، إنما هو استراحة المحارب للعقل المبدع ليوزع وقوده على أنشطة تزيد من ألقه ومرونته. فإنك كنت -ما تزال- في شك من ذلك، فاسأل أسلحة المطبخ.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات