هل يوجد غشاوة في عينيك بحيث لا ترى ما يجب أن تراه؟ هل تحتاج أن تكحّل عينيك ليتفتّحا؟
ذهب أحدُهم لمراجعة الطبيب يشكو من آلام في معدته. فسأله الطبيب: ماذا كان آخر ما تناولته؟ أجاب الرجل: لا شيء غير المعهود، مجرّد رغيف خبز محترق بعض الشيء. فقام الطبيب بوصف كُحل له وطلب منه أن يكحّل فيه عينيه. كما تتوقعون، اندهش المريض من هذه الوصفة وصرّح معترضاً: أنا أعاني من آلام في بطني وليس في عينَي. قال له الدكتور: وصفت لك الكحل لكي ترى الأمور بصورة أوضح وتتوقف عن تناول الجانب المحروق من رغيف الخبز! كما جرت العادة في القديم أن يقوم الأهل بتكحيل أعين أطفالهم إناثاً كانوا أم ذكوراً، ظناً منهم أن ذلك يساعد على تفتّح أعينهم، فالعين المفتوحة على وُسعها جانب هام في الجمال. وسؤالي لكم اليوم أصدقائي: هل أعينكم مفتوحة بما يكفي؟ كيف تستخدمون أعينكم؟ إلى ماذا تنظرون وعلامَ تتطلّعون؟ ما هي الأشياء التي لا تستطيعون رؤيتها؟ العين المفتوحة قد لا ترى بالضرورة كما أن العين المُغمضة قد لا تُشير إلى عدم الرؤية. ومصطلح “فتّح عينيك” قد لا يتطلب أن تكون عينيك مفتوحة!
هيلين كيلير، الأديبة العمياء والصماء تقول جهارةً: هل يوجد أسوأ من العمى؟ نعم، شخص مبصر ولا يرى. أما الكاتب الفرنسي أنطوان دي سانت إكزوباري فيقول: الرؤية الحقيقيّة للأمور تتم من خلال القلب، الأمور المهمّة لا تُرى بالعين. حقاً، قد يكون أعمى القلب أسوأ من أعمى البصر! يُحكى أن كفيفاً كان يسير في الليل ومعه مصباح. رآه أحدهم وقال له: ما فائدة المصباح وأنت كفيف؟ رد عليه الكفيف: نعم، المصباح ليس لي بل هو للمبصرين حتى لا يصطدموا بي!
تطلّعوا بقلوبكم وبكل وجدانكم، انظروا بعمق حتى تدخلوا إلى المكنونات لتعرفوا كيف تميّزون الصواب من الخطأ. افحصوا الطريق الذي تسيرون عليه حتى تتأكدوا إنكم سوف تعبرون وتصلون وجهتكم بدون ضياع. انظروا بإمعان وتركيز لكي لا تقعوا في أول حفرة ولا تتعثروا في أول مطب. ودائماً انظروا إلى الأمام لا للخلف. منظور الوراء مليء بالأخطاء والندم والحسرة والتمني، ويضع غشاوة على العينين. لكن ثبّتوا أنظاركم على الأفق أمامكم، نحو مكان بزوغ شمس جديدة معلنة عن قدوم يوم جديد وأمل عتيد. هذا هو بعد النظر الحقيقي، وهو ما يجعل أحلامكم حقيقة وخططكم دقيقة وآمالكم عميقة!
فهل تحتاج إلى وصفة ذلك الطبيب لتكحّل عينيك؟ لا أعتقد، افتح عينيك وانظر أمامك، وما عليك!
التعليقات
بحب طرقة تفكيرك، دايما بتلهمني