(لماذا يعاملك الناس بنكران بالرغم من طيبتك معهم؟ لماذا ينكرون فضلك و يؤذونك؟ لماذا يحصل الآخرون على ما تريده بالرغم من أنك أكثر مهارة منهم؟)


نموت كمدا إذ نبذل للآخرين ماء قلوبنا فلا نلقى منهم إلا الجفاء، و تتبعثر الحياة من حولنا إذ لا نجد مقابل طيبتنا سوى الخسائر المتتالية، فنبذل أكثر، لعل البذل هذه المرة يجعل الحياة تُبصرنا و تُبصر طيبتنا و استحقاقنا لعطاياها التي تجود بها على غيرنا.


ستمنحك الحياة ما تستحق؟


بتاتا.


لماذا إذا لا يمنحكِ زوجك المزيد من الاهتمام بالرغم من أنك تمنحينه منه الكثير؟


و لماذا لا يُحسنُ أقاربكَ معاملتك بالرغم من أنك غفرت لهم أذاهم و عاملتهم بالحسنى و تحمّلت منهم الكثير؟


و لماذا لا يجازيك مديرك بالعمل بترقية بالرغم من أنّك لا تنفكُّ تُمضي الليالي و نهايات الأسبوع في المكتب و تهبّ إليه كلّما هاتفك في عُطلتك؟


و لماذا لا تحصل على كل ذلك المال بالرغم من أنّك تمنّيته و حلمت به في خجل و ادعيتَ بقناعة بالغة أنّ ما يهمّك حقاّ هو أن تنهيَ الشهر دون ديون؟


بسيطة: لأنّك، في النقطة الأعمق من قلبك، تُؤمن أنّك لا تستحق كل الخير الذي تحلم به، فتستحي من طلبه.


لهذا تحاولين إحاطة زوجك باهتمام أشد و حبٍّ أعمق لعله يقرر يوما أن كل ذلك يمنحك الجدارة لنيل المزيد من ودّه؛


و لهذا لا تزجر أهلَكَ متى آذوك و تتوقع أن ينتبهوا يوما إلى فضلك عليهم إذا غفرت لهم و واجهتَ أذاهم بطيبتك؛


و لهذا تبذل الكثير في سبيل عملك دون أن تطلب بصراحة اعترافا أو مكافأة عسى أن تشملك ترقية يوما ما؛


و لأنّك لا تشعر أن مثلك من حقّه أن يحلم بالمزيد من المال و يطلبه، فقد اكتفيت بالصمت و الرضا بمرتّبك اللطيف؛


و لذلك أقول لك: الحياة لا تمنحك ما تستحق، بل تمنحك ما تجرؤ على طلبه.


فما لا تطلبه، لن تحصل عليه؛ و ما لا تجتهد لتفتكّه لن تُمنَحَه، و ما تكتفي به لن تحصل على أكثر منه.


و بالرغم من أننا نخبر أنفسنا بتعلّات متنوعة، نشرح من خلالها -و دون أن ننتبه - قلة حيلتنا و هوان أنفسنا علينا، فلا شيء يقبع خلفها إلا اهتزاز الاعتزاز بالنفس و الشكّ في استحقاقها لكل ما نحلم به، و النتيجة الطبيعية لذلك أن نخجل من طلب المزيد، و أن نخشى من استهزاء الحياة بطمعنا بما لا نستحقّه، فنصمت.


و تبدأ إذّاك حلقة مُفرغة من لوم الآخرين الذين لا يستطيعون منحنا القيمة التي نرنو إليها و التي-يا للمفارقة- لا نمنحها لأنفسنا قطّ.

حلقة مُفرَغة لن يُخرجَكَ منها غيرك، مهما بذلوا، و لن تَخرُج منها وحدَك حتى تطلب ما تخجل من طلبه، و تجرُأ على فرض حدودك و تحديد قيمتك و إن كان ذلك صعبا في البداية.


في كل مرة ستختار فيها نفسك، و تقرر أنك تستحق أكثر، و تستحق أفضل ستشعر بالذنب، كما لو أنّك خذلتَ كل هؤلاء الذين اخترت نفسك أمامهم، ستشعر بالخوف الشديد من تعاملهم مع اختيارك لنفسك، ماذا لو تخلّوا عنك؟ ماذا لو وصفوك بالأنانية و انفضوا من حولك؟


و الحقيقة أنك ستنبهر بالنتيجة في كل مرة تطلب فيها ما ترغب به، أو ترفض فيها ما لا ترغب به، ستكتشف أنك في أغلب الأحيان تحصل بالفعل على ما تطلبه، و تحصد الاحترام و التقدير على عكس ما توقعت؛ ذلك أنّنا نُقدّر من عرف قدر نفسه، ونُجلّ من عرف ما يريد فطلبه.



"ستقدّمُ لكَ الحياة، ما تمتلكُ الشجاعةَ لطلبه" أوبرا وينفري



لهذا أقول لك: اطلب ما تشاء، و تخلَّ عن الشهامة المفرطة التي تدّعيها فهي مجرّد شمّاعة لمنح الشرعية الأخلاقية لقلة حيلتك و هوانك على نفسك.


لا تتساهل في رفض ما لا تحبه، قل "لا" للمرة الأولى تسهل عليكَ بعدها، ارفض العشاء الذي تود أن ترتاح وحدك بدله، وارفض الخدمة التي لا وقت لديك لتقديمها..ارفض و إن كان السبب الوحيد لرفضك هو عدم رغبتك وحسب.

و اطلب كل ما ترغب به، مهما شعرت بالجزع من طلبه، لأنّك تستحق حقّا أن تتلقى كلّ ما تقدّمه للعالم بسخاء.


هل تتلقى كل شيء بدون أن تُقدّم شيئا؟


بتاتا.


إذن متى تغدق على الآخرين وِدّك و شهامتك؟


-> عندما يكون الدافع لما تفعله هو الحب و الرغبة الكاملة، لا الخوف.


لا تُقدّم شيئا عندما تشعر أنّ خوفك يُجبرك على ذلك؛ قدّم خدماتك و عواطفك عندما تشعر أنك تحبّ أن تقدمها، و تعلم يقينا أنّ جميلك لن يجعلك تشعر بالهوان بعدها إذا لم تجد له صدًى أبدا.


اختر نفسكَ دوما و لا تخذلها، ستتفاجأ عندها بالحصول على كل التقدير الذي لطالما حلمت به، و اطرق كل الأبواب التي كنت تعتقد أنّها غُلّقت من دونك، و ستعجبُ أنّها تُفتَح لك. ☘️


و هذا حديثي لك؛ نبأ يُشبه اليقين.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

@oussema Rhif أسعدني رأيك ☘️

إقرأ المزيد من تدوينات شيماء صميدة - مُهْجَة

تدوينات ذات صلة