"جيلنا كان أفضل من جيل اليوم" "الوضع يزداد سوءا ولن ينصلح حال الأمة" "جيل اليوم سيء للغاية" "حتمية تدهور الأمة"
همسة إلى الجيل الذهبي:
انتشر في الآونة الأخيرة، لدى شباب مواليد الثمانينات والسبعينات، اعتقاد بأنهم أفضل من أجيال اليوم وأطلقوا على أنفسهم –بتبجح- اسم"الجيل الذهبي":
"جيلنا كان أفضل من جيل اليوم" "الوضع يزداد سوءا ولن ينصلح حال الأمة" "جيل اليوم سيء للغاية" "حتمية تدهور الأمة"
كل جيل بما لديهم فرحون, أنا لا أحب تلك الأجيال كلها ابتداء من جيل الخمسينات, لم نقدم شيئا للأمة وهذا كفيل بأن يستبدلنا الله والعياذ بالله من شر ذلك.
ما بالنا أصبحنا مثل بني إسرائيل (كلما جاءت أمة لعنت أختها)؟
في اعتقادي الشخصي أن كل زمن يذهب يفتقده الناس، لكن في رأيي ليس الزمن هو ما يتغير و إنما نفوس الناس, فنسبة الجمال واحدة في كل زمن، لكن نسبة القبح في النفوس هي المتغيرة..
وأعتقد أننا الآن في زمن خاص، حيث اجتاحت حياتنا الحداثة الكاذبة، التي خلطت علينا الكثير من الأوراق، ولم نعد نعرف من نحن، ولا ما نحن، مما يجعل الزمن لا يملك مقاييس للتفريق بين القبح والجمال أصلا.
تلك الأجيال التي تنعت نفسها بالجيل الذهبي، هم أول من بدأ هدم قصور وأكواخ الزمن الجميل..
وقاموا بوضع حجر أساس العشش التجريدية الهشة في عصرنا الحالي في كل شيء...
فتغير طعم النكهة الجميلة، وسحر الماضي الخلاب، من قيم وعلاقات اجتماعية، وصور حياتية,
بداية من المدرسة القديمة، والعلاقة النقية بين المدرس والطالب.
ذلك الجيل هو جيل الانبهار بالحضارة الغربية, جيل الماديات ..
جيل التبغ والسجائر, جيل نزع الحياء, ونزع الزي العربي الأصيل( الحايك, العمامة, الكوفية, الشماغ...).
أجيال ولدت في ظل الاشتراكية ... وعاصرت التحول الشديد كزلزال جرها إلى الرأسمالية...
أجيال لم تعاصر سوى الهزائم والنكبات العربية، وكانت سببا فيها بكثرة الذنوب...
جيل النكسة المكلوم بانكسار الكرامة العربية في أسوأ صورها...جيل أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، ومسلسلات الأبيض والأسود الماجنة...
وعندما تذهب الأخلاق .. و تنعدم القيم .. و يموت الضمير .. فمن المؤكد أنه سيؤدى بنا الحال إلى ما نحن فيه الآن!!
وعندما توجد وسائل إعلام مخزية تبث أعمالاً مؤسفة، ترسخ في أذهان النشء، بحجة الفن والتقدم، والثقافة!!
بسبب ذلك الجيل تدنت الأخلاق و انعدم الاحترام .. جيل استبدل القرآن والكتاتيب، بالمراقص والأوبيرات والسينما !!
الجيل الذي استبدل الكتاب والقراءة وجلسات السمر، بالجريدة والهاتف والراديو والتلفزيون ...
جيل حمى الاستهلاك، والانبهار بالغرب، ومنتجات الغرب!! والتخلي عن خدمة الأرض، وحرفة اليد، واستيراد كل شيء!!
جيل الفرقة بين المسلمين، و العصبية القوميَّة، والمذاهب المتعددة المستوردة، والتي أدت إلى تفشي الأنانيَّة والمنفعة الشخصية.
جيل تسبب في فجوة بين الجماهير دينية الفكرة والسُّلوك، والنخبة المُتعلّمة المتبنيَّة للعلمانيَّة فكرةً ومنهاجًا (فصل الدّين عن الدولة).
جيل الذُلٍ والاستكانة، والعَار والصدمات، و المصائب التي تنزفُ بالأمة، والصمت الأخرس للعرب والعجز الذلِيل للمسلِمين!!
الجيل الذي تاجر بكل مكتسبات تلك الحقبة،
ليحصد اليوم: أشباه شباب يتراقصون كالغواني في الطرقات!!شعر مسدل وملابس مبتذلة!!
أم عن تدني القيم والأخلاق, وتفشي المخدرات، والفن المبتذل والثقافة التافهة, فحدث ولا حرج؟!
أعتقد أننا مجتمع يقدس كل ما هو قديم، بدعوى أنه الأصلح، وذلك لأننا لا نملك الحاضر ولا المستقبل، فنتعلق بكل ما هو قديم من عادات وتقاليد ، والتي يجب أن تغربل كثيراً ، ولنعترف أن الأجيال الماضية، لها الكثير من العيوب، والنواقص ، وليس كل معتقدات الجيل الحالي سيئة، أنا كأب أو أم ،يجب أن أتعلم من ابني و أعلمه، وليس علي أن أخضعه بالقوة، لمعتقداتي وعاداتي، يجب أن أكون منطقياً في نقد نفسي، ومجتمعي، وعاداتي وتقاليدي، وأميز بين المنطقي منها وبين الحشو، ومنها الكثير ما اختلط بالدين، وهذه الطامة الكبرى، فأصبحت عادات مقدسة!!
لا تخدعوا أنفسكم بالكذب على أجيال اليوم ...
تلك بضاعتكم ردت إليكم،
جيل اليوم المنتقد هو نتاج أجيال الأمس فلنحسن تربيتهم ليقل انتقادهم.
الجيل الذي يحق له أن يغتبط ويسعد حقا، هو الجيل الذي يبني ويؤمن بالقيم ويتعايش..
هو الجيل الذي يؤمن بالوسط حيث لا إفراط و لا تفريط... هو الجيل الذي يضحي من أجل الأمة ...
هو الجيل الذي يؤمن بالواقعية والعلمية...جيل عمل وبناء جماعي....جيل ربانية وإخلاص...جيل نسبه الإسلام....
جيل دعوة وجهاد ..جيل قوَّة وعزَّة...جيل توازن واعتدال..
ذلكم هو الجيل الجدير بعمارة الأرض، وخلافتها خلافة إسلامية تقوم على توحيد الله والعدل بين النّاس..
أعتقد أن الأجيال اللاحقة هي من يحق لها أن تفخر لا نحن...
المعيار الذي يحدد الجيل الأفضل الذي يستحق عمارة الأرض، هو العمل الصالح، وعبادة الله وحده، والعيش وفق تعاليم الإسلام لا قوانين الغرب ..
ولأولئك الذين يستشهدون بحديث (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم..),
فأقول: الحديث الشريف الذي لقنوه لنا ناقصا للأسف الشديد "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم...
الاستشهاد به وحده دون غيره من أحاديث المبشرات. يمثل ويؤصل لحتمية التدهور التاريخي...
ومعنى هذا أن لا نعمل، ولا نسعى مادام أننا نازلون نحو القاع لا محالة.
وإذا كان هذا القياس صالحا والمقارنة صالحة فمعنى هذا أن الجيل الذي سبق عبد الحميد بن باديس كان أفضل من جيل النهضة الذي بناه الشيخ!!
ولمن يتأمل الحديث سيجد أن الرواة التزموا دقة لا متناهية،
وأمانة منقطعة النظير في رواية الأحاديث،
والالتزام بنقل الحديث حرفيا لا ينقص منه كلمة أو حرف حتى لا يختل المعنى.
فعن عِمْران بن حُصَيْن رضي الله عنهما يقول: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خَيْرُ أُمَّتي قَرْني، ثمَّ الذين يَلُونهم، ثمَّ الذين يَلُونهم - قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنَيْن أو ثلاثة.
فلم يقل الرواة عند نقلهم( خير الناس قرني، ثم القرن الذي يلي، ثم القرن الثالث)مثلا...
وهذا بحد ذاته إعجاز فدورة الحضارة عادة لا تقاس بالقرون، فقد تطول وقد تقصر حسب الظروف.
الفكرة أن الحديث عن الخيرية يشير لدورة حضارية معروفة منذ الأزل "نشوء فازدهار ومن ثم انهيار الحضارات"و لا تنتهي الحضارات في دوامة تدهور تنتهي إلى القاع.
وفي هذا يقول الدكتور أحمد خيري العمري:"الفكر المستند إلى هذا الحديث، يخالف نصوصا أخرى،
صحيح أننا نؤمن أن الجيل الأول الذي تشرف بصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الأفضل قطعا،
لكن الحديث هنا لا يعني نفي الخيرية عن أجيال لاحقة بعيدة زمنيا.
وقد وردت أحاديث كثيرة تثني على أجيال لم تأت بعد".قال عليه الصلاة والسلام: (أمتي كالغيث لا يعلم الخير في أوله أو آخره).والقرآن الكريم قال عن السابقين "ثلة من الأولين وقليل من الآخرين"...
لكنه لم يحصر قائمة أصحاب اليمين في الأولين" ثلة من الأولين وثلة من الآخرين"
قائمة أصحاب اليمين مفتوحة فيها أماكن فارغة كثيرة، احجز مكانك.
#شمس_الهمة
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات