الفتاة القارئة حتما لا تجيد الطبخ!! الفتاة المثقفة، القارئة، أو الكاتبة لا تجيد الطبخ

الفتاة القارئة حتما لا تجيد الطبخ!!


الفتاة المثقفة، القارئة، أو الكاتبة لا تجيد الطبخ!!

هذه الفكرة أصابتني بالتخمة من كثرة تكرار الشباب العربي لها، وخصوصا أنها باتت رائجة جدا في أوساط المثقفين، فحقيقة ما دفعني لكتابة هذه السطور، أنني وجدت هذا الموضوع متناقشا فيه بين طلبة الطب تحديدا, وطلبة الشريعة على مجموعات التواصل الاجتماعي خاصتهم.

أولا مغالطة كبيرة أن يظن شباب اليوم أن المرأة المثقفة أو الكاتبة أو القارئة لا تجيد فنون الطبخ أو فنون معاملة الزوج أو فنون العشرة الزوجية ومتطلباتها مع حماتها، أو أخوات زوجها وأقاربه.

لا أدري لم يربط الشباب بين العلم والفكر وسعة عقل المرأة بنقصانها في فن الطبخ والتدابير المنزلية والخياطة والكروشي وووو؟! حقا لا أدري من أين جاءهم هذا الربط الغريب؟!

لا أدري حقا لماذا المرأة الذكية والمثقفة القارئة أو الكاتبة بنظرهم متمردة بالضرورة، وشرسة، ولا تجيد شيئا سوى الثرثرة.

سيدي المرأة القارئة ليس مفروضا عليها أن تبسط لكم أطباقها وتعدد لكم طبخاتها وتصورها لكم على الفيس بوك لتقتنعوا أنها طباخة ماهرة، وتنفع لتكون أما وزوجة وربة بيت ممتازة.

المرأة فطريا وغريزيا تميل إلى الطبخ والمطبخ والتزين والتطيب والحلي والجواهر, مصداقا لقوله تعالى:( أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) الزخرف/18

فتراها وهي طفلة صغيرة تطعم دميتها، دبدوبها وعرائسها، وتزين لهم البيت وتضع له ديكورا ولمسة خاصة بها.

والمرأة القارئة أو المثقفة ليست بدعا من النساء حتى لا تتعلم الطبخ أو غيره، وثقافتها تدفعها دفعا للتميز في هذا المجال لأنها تقرأ بالضرورة عن سيكولوجية الرجل وأن الأكل باب من الأبواب لخطف قلبه ونيل مرضاته.

وقبل ذلك هي تدرك أن تعلمها الطبخ هو جزء يسير لبر والديها وإسعاد أمها وأبيها، حتى أنني صادقت فتاة على الفيس بوك وتحدثنا عن موضوع العجن والخبز، فقالت أنها تعجن يوميا لأن والديها يضعان (طقم الأسنان) والخبز الذي يشترى من السوق يؤذيهما، لذا فإنها تدرس بالجامعة وتعجن يوميا شفقة وبرا بهما، وكم أثر موقفها ذاك في أيما تأثير، وحزنت أن الفتاة الجزائرية متهمة دوما ومن بين تلك الأحكام المسبقة أنها لا تجيد الطبخ، كم أحزن حقا للتعميم الجائر، وتلك الأحكام السطحية.

وسأضيف أن المرأة القارئة والمثقفة والذكية متميزة بالضرورة وتحب التميز في عدة فنون ولعلها تتفوق على كثيرات ممن عقلهن محدود ولم يقرأن كتابا بحياتهن، ولعل المثقفة تحرص أيما حرص على تعلم فن الطبخ الصحي، لحماية زوجها وأطفالها من مخاطر الأكل السريع والمعلب، بصفة لا تدركها ولا تعيها أخريات ممن يخيل إليكم أنهن خلقن للبيت والزوج فقط.

فقد تقرأ كتب ابن النفيس، وتجيد تحضير الرفيس.

وقد تقرأ كتبا لدوستويفسكي وتجيد معها تحضير الكسكسي.

ببساطة لا متناهية قد تنهي قراءة سيرة أبو منصور الحاجب وتذهب بعدها لتعد المحاجب.

هي قادرة على إنهاء الإخوة كامارازوف، وبعدها تنتقل لإعداد البوزلوف.

بإمكانها إن كانت مهندسة أن تصمم مبنى على طريقة زها حديد، وبذات الوقت تعد أطباقا من قناة أم وليد.

بإمكانها ببساطة التهام كتب إبراهيم السكران، لتقوم من فورها لتعد البرزڨان.


أنا أؤمن أن القراءة والتثقيف للفتاة، هو أهم ألف مرة من تعلمها للجلي والطبخ وكيف تدقّ الثوم بطريقة عصرية حسب قناة فتافيت، لكن مهما وصل درجة العلم و التعلم عند الجنسين (الرجل و المرأة) تبقى الأدوار الفطرية هي أدوارهما في الحياة..

إن المرأة المثقفة تدرك مع الوقت، أن جزءا من كونها أنثى كاملة هو العناية بأهل بيتها لأنه تعبير عن حبها لهم.

***********

هذا أولا.

أما عن الطبخ والأكل وثقافة البطون، وهذه الفكرة التي تمجد هذا الأمر وتعطيه الأولوية على الدين والفكر والعقل، فهذا برأيي قصور في الفكر، وضعف في الهمة، لدى شبابنا المعاصر المتدينين منهم و العوام لأنني وجدت الفكرة رائجة بشكل فضيع.

أولوية الأولويات يا سيدي هو خلق المرأة ودينها وسعة عقلها وتعدد مداركها وكثرة مطالعاتها.

فإن ظفر المسلم بهكذا امرأة وجعل هذه الأمور من أولوياته ضمن خط حياة مستقيم يبتدئ في الحياة الدنيا بمودة وسكينة وتفاهم، فإنجاب ذرية مستقيمة، ولعل الأخطر أنه يحدد نهايتك ومآلك في الحياة الآخرة.

الزواج يا سيدي لم يجعل للأكل والإنجاب وإلا فهذا تزاوج ولم يحقق معنى كلمة زواج.

هو تزاوج كما تتزاوج الأنعام، وكل الكائنات، فأكل ونوم وشرب.

ثم هل سمعنا قط عن أحد من السلف سأل مخطوبته أو أهلها هل تجيد الطبخ والنفخ والأكلة الفلانية والوصفة العلانية؟!

هل تعلم يا سيدي أن أمنا عائشة رضي الله عنها، كانت تعجن العجين وتنام جنبه؟!

فقد ثبت في حادثة الإفك أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل خادمة السيدة عائشة عن أخلاقها فقال:

"أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟" فقالت بريرة: والذي بعثك بالحق، إن ما رأيت عليها أمرًا قط أغمضه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن (الدواجن) فتأكله.

وهل تعرف يا سيدي أن أسماء بنت أبي بكر تزوجت بالزبير واشتغلت بسياسة فرسه، وسقي الماء، والخرز والعجن، ولكنها لم تحسن الخبز،

وكانت لها جارات من الأنصار يخبزن لها، وكن نسوة صدق.

صدقا أصبحنا أمة الأكل والنوم، وما يؤيد هذا كتاب چينيس للأرقام القياسية الشاهد على منجزاتنا التي اختزلناها في حجم أطباقنا، فمن أكبر صحن كبسة إلى أكبر حبة كبة إلى..........والقائمة طويلة.

ولعل هذه المقولة تلخص الأمر وتشرحه:

))الإنسان نصفان ، نصف أعلى ونصف أسفل ، النصف الأعلى فيه العقل والقلب (العلم والإيمان) والنصف الأدنى فيه البطن والفرْج (الشهوات) ... فإن تحرّك النصف الأعلى هدأ النصف الأسفل، وإن اشتغل النصف الأدنى تعطّل النصف الأعلى !))


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


شيخنا عبد الرحمن السنوسي حفظه الله نقلًا عن شيخه

عبد الرّزاق عفيفي رحمه الله


*****************

ولعلي أذكر في الأخير أن الشباب الجزائري يحب المرأة الذكية والمثقفة، لكنه لا يقترب منها ولا يتزوجها.

إنه لا يريد مواصفات زوجة، إنه يريد مواصفات تنطبق على نعجة، فيتزوج أخونا فإذا به يجد بدل النعجة كبشا أقرنا.

فلا هو حظي بالمودة والسكينة، ولا بالأطفال النجباء الفاتحين، ولا بالأكلة الطيبة الهنيئة المريئة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(الرفيس, الكسكسي, المحاجب, البوزلوف, البرزقان) هي أكلات تقليدية جزائرية


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات أمال جزائرية

تدوينات ذات صلة