خيال واقعي أم واقع خيالي؟ تتشابه التفاصيل وتختلف لكن القصة تتكرر والكل يظن ,وربما يوهم نفسه, أنه منيع!

أما عن بطتي القبيحة فقد قضت لياليها تحلم وتتعجل اليوم الذي تستيقظ فيه لتجد نفسها استحالت بجعة فائقة الجمال، وتقضي نهارها تسائل صفحة الماء لم لم يأت ذلك اليوم بعد؟

طال انتظارها و طالت معه معاناتها حتى أيقنت أنه لن يأتي، علمت أيضا أنه وإن كانت قصة الجميلة والوحش خيال فإن الخيال المستحيل هو قصة الوحش والوسيم، لجأت عبثا إلى التنكر، فإذا ما جاء النهار تنكرت لا فقط بجسدها بل تنكرت لقلبها هو الآخر، فأخذت تخفي كل أحاسيسها، آمالها..... أحلام بالنسبة لمثيلاتها هي شغلهن الشاغل صارت بالنسبة لها مطارد لعين يأتيها ليلا ليثير سهادها ويوقد جمر الغضى بقلبها، ولما لم يزدها التنكر سوى ألم على ألمها ولما كانت دائمة الشعور بالغربة وسط قريناتها بل كانت غريبة وسط أخواتها - ويا لمرارة ذاك الشعور - وكذا لم تكن نظرات من حولها سوى تأكيد لغربتها وشذوذها بينهم فقد غرتها حماقتها وشجعها يأسها فقررت أخيرا الانطلاق برحلة للبحث.... لم تكن تعلم يقينا عم تبحث لكنها أخبرت نفسها مرارا أنها

ستعلم حين تجده... كان ألمها يحركها، و نظرات الآخرين المتعالية تجدد عزمها كلما فتر.

تسلقت أعالي الجبال حتى وصلت ذات يوم إلى كهف أعلى قمة جبل شاهق قد تسربت إلى أذنها أحاديث عجيبة عنه، التقطت أنفاسها واتجهت إلى الداخل، هناك وكما هو الحال في كل القصص الخيالية المعادة وجدت الساحرة، لكنها لم تكن تلك الجنية الطيبة التي أعدت سندريلا للحفل وإنما كانت أشبه بتلك التي لعنت الأمير ليصبح وحشا قاسيا، نظرت الساحرة إليها ثم ضحكت: لا تخافي عزيزتي فلا يمكن أن أجعلك أقبح مما أنت عليه!

تداركت بطتي عبرة كادت تخونها ثم تقدمت: إذن أظنك تدركين مبتغاي .

  • أتظنيني كنت لأبقى على هذه الحال الرثة لو بإمكاني تحقيق مبتغاك؟ البطة القبيحة لا تستحيل بجعة جميلة إلا فقط في أحلامك أنت لذا فلتتقبلي الأمر ولتقضي ما بقي لك في خدمتي فما من مفر لك...
  • ولكن لقد أخبروني أنك الوحيدة التي لربما ....
  • لقد كذوبك فقبحك لا علاج له، ربما هم فقط أرادوا التخلص منك فأرسلوك إلي .

صمّت بطتي القبيحة أذنها وأخذت تركض دون وجهة وقد فقدت كل أمل كانت تتمسك به، وحين أرهقها الركض لجأت إلى صخرة وانخرطت بالبكاء حتى سمعت صوت مواء وضجيج يتعالى فنظرت فإذا بقطة تطارد فأرا، لا تدري لماذا لكنها قررت أن تساعده ليس أنها قادرة ولكن لا يوجد ما قد تخسره وإن التهمتها بدلا عنه، لكنها بطريقة أو بأخرى تمكنت أن تعينه على الهرب وتهرب هي الأخرى دون أن ينالهما من القطة شيء .

كان الفأر شاكرا وأبدى رغبة قوية في رد دينه ولما أخبرته عن رحلتها أخبرها أنه قد سمع كثيرا عن بحيرة سحرية تحقق الأمنيات، ولأن بطتي لم تكن فقط قبيحة وإنما على درجة من الحمق جعلتها تنقذه آنفا فقد قررت الوثوق به واتباعه رغم علمها أن الفئران عدوها الطبيعي وعللت أن لو أراد التهامها لما كانت رأسها متصلة بجسدها الآن، لذا فقد عقدت عزمها ان تتوجه إلى تلك البحيرة برفقته، أظنها كانت تشعر بالخذلان وكأن العالم قد زهد فيها وأدار لها ظهره فأرادت أن تتشبث بطرف قميصه في محاولة أخيرة فإن فشلت فما خسرت وإن ربحت فقد حازت الدنيا و ما فيها - كما خيل لها عقلها الضئيل-

انطلقت بطتي برفقة الفأر الودود - بشكل مبالغ فيه - كأنما يحاول محو جذور الشك من قلبها وهي بذور غريزية -كغريزته الافتراسية-مهما بلغت بطتي من الجهل، ولكن داء القلب التعود فبمرور الرحلة استرخت وأطفأت الأنوار على أوراق الشك حتى ذبلت، ذبلت وتعفنت ليصير انعاشها -عندما استيقظت ذات يوم من أيام رحلتهما الطويلة وجسدها مثخن بالجروح و رقبتها بين فكيه- متعسرا..... .




خاطرة

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات خاطرة

تدوينات ذات صلة