"لا علاقةَ للزمنِ بالنضجِ فنحنُ نكبرُ من خلال التجارِب"


هذا ما عرَّجَ عليهِ المؤلفُ الشهيرُ (جورج برنارد شو) في موضوع التجارِب، وأصدقُ بُرهان لهذهِ الحقيقة هو ذلك الرجلِ اليابانِيّ الذي ولِدَ في عائلةٍ شديدة الفقر، لدرجةِ أنهُ عانى من تدهورٍ صحِيّ بسبب قلةِ الطعام، وكان عملُ والدِهِ تصليحُ الدرّاجات لمن تعطلت به دراجتهُ في الطريق.


وأمّا عن حالتهِ العلميّة فهو فاشلٌ في الدراسةِ بسبب نظرتهُ للتعليم بأنَّ التعليمَ أمرٌ لا جدوى منه، وهذا الاستخفافُ بالعلم أدى بهِ لتركِ المدرسةِ وهو في سنٍّ مُبكّر حوالي 15 عامًا، ولم يتركْ مدرستهُ فقط، بل تركَ أسرتهُ أيضًا وذهبَ إلى طوكيو - اليابان باحثًا عن عملٍ يَجني لهُ مالًا كثيرًا يساعدُ بهِ أسرتَهُ الفقيرة، ووجدَ ذلك العملَ بالفعل فعمِلَ في تصليح السيارات بمكانٍ صغير، ولكنهُ كان مصدرُ خبرتِهِ وبدايةُ مشوارِه في عالم الاختراعات حيثُ استمرَّ بالعملِ فيه قُرابةَ 6 سنوات، وأولُ اختراعاته كانتْ في عام 1928 بعد أن اقترضَ مالًا واستقلَّ بالعمل وحدَهُ في مكانهِ الخاص، واخترعَ مكابحَ للسيارات وأخذَ عليها براعةَ اختراع، وذلك الشيء شجّعهُ على الاستمرار في اختراعاتهِ حتى عام 1938، وعُدَّ عامًا فارقًا بالنسبةِ له؛ فقد كان محطةٌ للتحديات عندما اخترع حلقةَ الكباس وقدّمها إلى شركةِ (تويوتا) لكنهُ لم ينجحْ بسببِ أنَّ المصنعَ الذي شيَّدهُ لصنعِ هذا الكباس انهار بفعلِ قنبلةٍ أوقفت العمل به، ولم تقفِ الصعوباتُ هنا، بل سقطَ المَعملُ بالكامل بضربةِ زلزالٍ قويةٍ عرضتهُ لخسائرَ كبيرةٍ جدًا حتى عادَ لبداياتهِ ولم يعدْ يملك شيء.


لكنَّ بطلَنا هذا لم ييأَسْ، ولم يتوقفْ عن المحاولة؛ لأنهُ كان يؤمنُ أن كلَّ ضربةٍ تساعدهُ على الوقوفِ بشكلٍ أقوى؛ فبعدَ تلك الخسائر لم يعد يمتلك سيارة خاصّة به؛ فعمدَ لركوب الدراجةِ الهوائيةِ، وكانتْ مصدر إلهامٍ له في اختراعِ الدراجة الناريّة التي لا تحتاجُ إلى أي صنف من البترول، وأولُ انتاجاته 12 دراجةً ناريةً فقط استطاعت أن تُسجلَ له براعةَ اختراعٍ جديدةٍ عام 1948، وذلك شجعهُ على تصدير الدراجات النارية المُختَرَعَة للولايات المتحدة الأميركية حتى نجحَ في جنيِ الكثيرِ من المال االذي استغلهُ فيما بعد لِصنعِ السيارات التي كانَ شغوفًا بها لدرجةٍ كبيرة؛ فصنعَ سيارات (هوندا) المعروفة واخترعَ سياراتِ السباقِ التي صمَّمتها شركة (هوندا) وصاحبها، صاحبُ هذه المسيرة، مسيرة الإصرارِ والعزيمة التي لمْ تنسَ بعدَ أن توفيَ سنة 1991.


إنه (سويتشروا هوندا) ذلكَ الفقير والفاشل بنظرة العلم والعامل الذي وصلَ معدّلُ اختراعاتهِ 150 براعةَ اختراعٍ و470 ابتكارًا، هو الذي أوصلَ ذلك الفشل واحتفلَ بالفشلِ كإشارةٍ للنجاح؛ فالإصرارُ والثقةُ بالنفس عاملانِ مُهّمانِ جدًا، ووجودهما بجانبِ النيّة بالتغيير. ولتضعَ أولَ لبْنةٍ في طريقِ التغيير فلا بدَّ لكَ أن تحتفلَ في كلِّ تجرِبةٍ تمرّ بها، وبوجود الفشلِ كأحدِ عوامل نجاحك، وليزيدك ذلك من قدرتكَ على تحمُّلِ المُزريات والصعوبات التي تعترضُ طريقك، ولتكونَ قائدًا بذاتكَ، وتتحكمَ في كلِّ ما يصدرُ منك وما يدخُل إلى ذاتك؛ فأنتَ أقوى مما تتصور.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

غزل هديب شكرًا على كلامك الجميل واللَّبق كالعادة 💙💙💙

كالعادة متميزة بالانتقاء 💛
شجعتيني على إنجاز الكثير المُؤجل 🌟
باركَ الله بكِ وقلمك المِعطاء.

Aamena Homs أهلا بالقارئة المتميزة💙

إقرأ المزيد من تدوينات آلاء الظريف

تدوينات ذات صلة