كيف رأينا السماء بأعيننا البريئة؟وكيف لتلك النجوم أن تنطفئ ؟

تبدو السماءُ صافيةً هذه الليلةِ، وكم أعادني اشتداد ظلمتها إلى أيامِ الدفءِ (أيام الطفولة).

تلك التي كنا نستلقي فيها على ظهورِنا، متجهينَ نحو السماءِ، نتأملُ النجومَ، بعد أن تقررَ العائلة قضاء سهرتَها على سطح المنزلِ، فتبدأُ تتبادلُ أحاديثَها المكررةِ المعتادة،

وتبدأُ أمي بإعدادِ الشايِّ على الغازِ (السفريِّ)، وأنظرُ إليها وهي تضعُ أكوابَ الشايِّ، لأتأكدَّ من اكتمالِ العددِ ،كي لا أضطرَّ إلى تركِ المكانِ وإحضارِ كوبًا إضافيًا.


وأبدأ جلستي التأمليةَ فأضعُ يدايَ تحت رأسي الصغير، وأتأملُ السماءَ كيف لها أن تكون بهذا الحجم! وكيف للنجومِ أن تنتشرَ بهذا الاتساعِ! حتى أسرحَ في خيالي وأجدها تحدثني بلمعانها، وكأنها تؤكد لي يقيني بأن هناك حياةً جميلةً تنتظرنا، و ثمةٕ أحلامٍ ستتحقق، وثمَّةَ شعور جميل سنعيشه، كم كانت نظرتنا ثاقبة وبعيدة حين رأينا وجوهنا بين تلك النجوم المضيئة! استبشارًا وفألًا بمستقبلنا الباهرِ الذي يُعدُّ لنا.

وحين كنا نعدُّ سنينَ أعمارِنا بأصابعنا الناعمةِ الصغيرةِ، ونحاول حينها أن نغلطُّ أنفسنا بزيادة إصبع لتزيدَ من عددها .

كنا نظنُّ أن الحياةَ ورديِّة كجمالِ بشرتنا، وبسيطة كبساطةِ قلوبِنا، حتى رأيناها عينَ اليقين،

فوجدنا أنفسنا ونحن في رَيعانِ شبابنا ثقيلة، محمَّلة بكبدِ العيشِ ، وجوهنا بائسة تحمل عينانٍ مرهقتين حزينتين،

قد أخذَ الحزنُ بريقَها وكأنها لم تبرقْ يومًا وأصابعنا تلك أبدلت نعومتها بخشونةِ وصعوبةِ ومرِّ اللُّقمة.

هكذا هي تافهة، قصيرة، محمَّلة بالشقاءِ والمتاعبِ زائلة، لا بدَّ لكلِّ واحدٍ مننا أن يقتربَ من شقائها من ابتلاءاتِ و هموم،

لنتعلمَ كيف نعيشُ كما نحب،

ولا نرى إلا ما نحب كأنَّها خطوةٌ انتقاليةٌ لحياةٍ أجمل، أنقى، أطول.

فحينها سنمشي على جراحِنا فنداويها، وسنعدُّ أيامنا بساعاتها لا بلياليها، وسندركُ أنَّ الحزنَ والحُبَّ والسعادةَ واليأسَ كلها مُقدراتٍ ومهيئياتٍ، لنتعلمَ قوله تعالى

{إنا كلَّ شيءٍ خلقناهُ بقدرٍ}

أي إنا كل شيء خلقناه بمقدار قدرناه وقضيناه، وسبق علمنا به،

وكتابتنا له في اللَّوحِ المحفوظِ .


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

أهلا أهلا بالقارئة المتميزة آمنة💚😘
أنرتِ بكلماتكِ اللطيفة 😍
كل الحب لكِ💚🦋

إقرأ المزيد من تدوينات آلاء الظريف

تدوينات ذات صلة