((تتكلم هذه التدوينة عن التأخير في المشاريع وأسبابها وعواقبها))
هل كنت يومًا تقود سيارتك ورأيت مشروعًا ضخمًا متوقفًا عن العمل؟ أو لافتة ضخمة تعلن انتهاء المشروع خلال سنة وتقول في نفسك قد مضت سنتان ولم ينتهي هذا المشروع بعد؟ ألم تتسائل يومًا عن الأسباب؟ ومن المسؤول وما هي عواقبه؟
في الحقيقة، إنه من غير الطبيعي ألا تحدث مثل هذه الأمور في مشاريع البناء، وهذا الأمر غير مُقتصر على دولة أو منطقة محددة بل يمكن ملاحظته في أنحاء العالم، ففي دراسة تم تمويلها من الحكومة البريطانية عام 1998 تحت اسم إعادة التفكير في البناء "Rethinking Construction"، أشارت أن مشاريع البناء لا يمكن التنبؤ بها من حيث التسليم في الوقت المحدد وفي حدود الميزانية ومعايير الجودة المتوقعة.
وهذا الأمر غير مُستغرب بالنظر إلى العوامل الخارجية الكثيرة المؤثرة في عملية البناء من عوامل جوية و تذبذب في أسعار المواد ومشاكل في العمالة وأيضًا ما لا يمكن التنبؤ به من حالة الأرض حتى بعد أخذ عينات وإجراء كل ما يلزم من اختبارات، أو حتى تقصير المالك في أداء دفعاته أو غياب التنسيق بين المقاولين في المشاريع الكبيرة وضعف عملية اتخاذ القرار من المالك، وكذلك أوامر التغيير أو اكتشاف عيب في التصاميم أو تغير القوانين الخاصة بالبناء وشروط الجودة، هذا وغيره الكثير من المشاكل التي قد يتحمل مسؤوليتها المقاول أو المالك أو كليهما، أو ربما هي ليست مسؤولية أي منهما؛ كحدوث ظرف خارج عن السيطرة كحرب أو كالحظر بسبب فيروس كوفيد- 19 الذي تسبب بتوقف الكثير من المشاريع في شتى البلدان.
لكن كيف يتم التعامل مع هذه المشاكل وتقرير الحلول المناسبة؟ الجواب في هذا يكون حسب فحوى العقد الموقع بين المالك والمقاول حيث أنه ينصح دائمًا باستخدام العقود العالمية التي تضمن التوازن بين حجم الأعمال والمخاطر، بالتالي توزيع المسؤولية المترتبة على طرفي العقد بشكل عادل.
ومن أشهر هذه العقود هو عقد الفيديك “FIDIC” وهذه الأحرف مشتقة من كلمات فرنسية وهي “Fédération Internationale des Ingénieurs-Conseils” وتعني الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين، والذي يشمل عدد من العقود نذكر منها:
الكتاب الأحمر الذي يستخدم للمشاريع التي يكون فيها التصميم من مسؤولية المالك والتنفيذ من مسؤولية المقاول.
ويستخدم الكتاب الأبيض للتعاقد بين المكتب الهندسي والمالك وأخيرًا يستخدم الكتاب الفضي للعقود التي يكون فيها التصميم والتنفيذ على المقاول ويتحمل فيها أكبر قدر من المخاطر.
وبشكل عام، عند حدوث أي ظرف يتسبب في إعاقة سير المشروع أو تأخيره فيجب تبليغ المهندس لضمان حق المقاول وحق المالك، فعند حدوث خلاف يقدم المالك أو المقاول ادّعاءه للمهندس الذي بدوره يتبع ما ورد في العقد، وحسب الكتاب الأحمر السالف ذكره يحاول المهندس للوصول إلى تسوية بين الطرفين، فإن لم يستطع فيقوم بتقرير الحُكم حسب العقد بإنصاف فإن قام أي طرف بالاعتراض على هذا القرار خلال فترة محددة يتم التوجه إلى ما يعرف ب “DAB” مجلس فض الخلافات “Dispute Adjudication Board” والذي يتكون من شخص أو ثلاثة أشخاص ويقوم بإصدار حكمه .
وأخيرًا إذا اعترض أحد الطرفين فيُحال الأمر إلى "التحكيم الدولي" وبهذا تتم تسوية الخلاف نهائيًا حسب قواعد التحكيم الصادرة عن غرفة التجارة الدولية.
وأنت ما رأيك؟ من يكون غالبًا المتسبب بتأخر المشاريع؟ وهل التكنولوجيا الحديثة ستساهم بشكل فعّال في تنفيذ المشاريع حسب الأصول أم أننا نحتاج لوقت أكثر لحل هذه المشكلة؟
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات