مطالبة الموظف بحقوقه، على بساطته وبداهته، ليس سهلاً على كثير..

لايقتصر الاهتمام بالموظف على تعريفه بواجباته وتكليفه بمهام تعظم الاستفادة من قدراته.. وبناء مهاراته..وتوسيع آفاقه..بل يتعداه إلى تعريفه بحقوقه دون سؤال..و توفير مستحقاته دون تأخير.


وصلني قبل أسابيع من أحد الأساتذة الفضلاء نسخة من كتاب القوانين غير المكتوبة للهندسة

The Unwritten Laws of Engineering. توقعت بداية أن يكون موضوعه عن الأساليب الهندسية خلال فترة ماقبل الحرب العالمية الثانية، حيث أن تاريخ صدوره عام ١٩٤٤، فتحمست لقراءته لمعرفتي بأنها كانت فترة ذهبية في تاريخ تطوير النظم الهندسية، إلا أنني فوجئت عند قراءته بأن الكتاب يضم سلسلة رائعة من التوصيات الشخصية حول أساليب التعامل والعمل للمبتدئين في عالم الهندسة كممارسين و تنفيذيين.


من التوصيات الملفتة الموجهة إلى التنفيذيين، ،وهي كثر لايتسع المقام لذكرها، توصيهم بالحرص على أن يحصل مرؤوسيهم على كل مايستحقون من زيادات في رواتبهم أو مكافآت أو مميزات يستحقونها سواءً كان ذلك نتيجة تميزهم أو تحملهم لمسؤوليات أكبر أو زيادة قيمتهم للمنظمة نتيجة لأي سبب آخر.بل ويوصي بأن لايكون الاهتمام بهم محصورًا في نطاق العمل فقط بل عليهم أن يأخذوا في الاعتبار ظروفهم العائلية، ويضرب مثلاً بأوقات الانتدابات و مراعاة أن تكون في بداية الأسبوع أو نهايته كي توفر لهم متنفسًا وفرصة لزيارة والديهم إن كانوا في نفس المنطقة.

هناك حاجز نفسي كبير قد يصعب على كثير تخطيه لما فيه من تصورات تضع المطالبة بالحقوق أو الاستفسار عنها في قالب التذلل أو الطمع. لذلك فقد تواجه المطالبة بالصد من مدير مقتر، أو بالترحيب والجزالة في العطاء من مدير متعاطف..

ربما أكد الكتاب على هذه التفاصيل، المالية منها تحديدًا، لعلمه بتركيز المهندسين، في الغالب، على تعظيم الكفاءة وتحقيق أعلى إنتاجية بأقل التكاليف التي يمكن توظيف الفائض منها في شراء أو إصلاح معدة مهمة، وقد لايلقي بعضهم اهتمامًا لتفاصيل ترقيات وبدلات مرؤوسيه فهي في النهاية من مهام الشؤون الإدارية والموارد البشرية، و لو حصل قصور في ذلك فمن مسؤلية الموظف المطالبة بحقوقه، التي قد لايعلمها ابتداءً أو قد لايعلم بأخر التحديثات التي تمت عليها.


في اعتقادي أن هناك حاجز نفسي واجتماعي كبير ،قد يصعب على كثير تجاوزه، يضع المطالبة بالحقوق أو الاستفسار عنها في قالب التذلل أو التجرؤ و الطمع، لذلك فقد تواجه المطالبة بالصد من مدير صارم مقتر، أو بالترحيب والجزالة في العطاء من مدير متعاطف سخي..وهنا تبرز مشكلة أكبر وهي تفاوت التعامل باختلاف الرئيس والحرج الذي يقع فيه الموظف جراء ذلك. حيث أن بعض الرؤساء، من شديد حرصه و "ورعه"، قد يفسر النظام بطريقة تحرمه من بعض مستحقاته الشخصية،وهذا شئ نبيل ويشكرون عليه، لكنه بمحض اختيارهم ولايحق لهم تعميمه على غيرهم ،بل إن عليهم أن يحرصوا على أن ينال مرؤوسيهم حقوقهم، بقطع النظر عن مراتبهم أو مستوياتهم المعيشية، وذلك بالمبادرة والمشاورة وقطع الشك باليقين، ليكفوهم السؤال..فذلك من حسن الورع.







ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات رأفت محمود زيني

تدوينات ذات صلة