إذا كنت تعتقد أنك من النخبة العالمية، فلتعلم أن هناك حقيقة واحدة محبطة: أنت لست وحدك!


في عصر الوسائط الاجتماعية والتكنولوجيا المتقدمة، أصبح لدى الجميع رأي حول كل شيء يحدث في العالم. لا يهم إن كنت تطلب آراءهم أم لا، فإنهم سيصرون على مشاركتها مع العالم بلا رحمة. ما إن تبدأ بتصفح هاتفك حتى تجد أشخاصًا يعلنون بفخر عن أفكارهم حول كل موضوع ممكن، بداية من السياسة والاقتصاد إلى الرياضة والثقافة وحتى الأحوال الجوية، لديهم معلومات عميقة ورؤى ثاقبة عن كل شيء.


لا يكفي لديهم أن يكونوا خبراء في مجال واحد، بل يدعون أنهم خبراء في كل المجالات، يتواجدون في مقاهي الإنترنت والشوارع ويتحدثون بكل ثقة عن كيفية حل جميع مشاكل العالم، إنهم يعتقدون أن رأيهم هو الحقيقة المطلقة، وأنه يجب على الجميع سماعه واتباعه.


لا تخلو صفحاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي من تدوينات طويلة ومقالات مفصلة وفيديوهات مرتبكة تشرح للعالم أنظمة الحكم والاقتصاد الأمثل، وكيفية تحقيق السعادة الروحية الحقيقية، إنهم يعتقدون أنه لا يمكن لأحد أن يعرف الحقيقة إلا من خلال رؤيتهم العميقة والمتطورة.


يجب أن نتساءل عن سبب هذه الحاجة الملحة للتعبير عن آرائنا في كل الأمور، هل نحاول إثبات ذكاءنا وثقافتنا أم أننا مجرد ضحايا لأزمة الانتباه ونحن نسعى للحصول على لمحة من الشهرة الفانية عبر تقديم آرائنا المسجلة؟ إذا كنت تعتقد أنك من النخبة العالمية، فلتعلم أن هناك حقيقة واحدة محبطة: فأنت لست وحدك! هناك ملايين الأشخاص الذين يرغبون في التعبير عن رؤاهم وآرائهم، وجميعهم يصرون على تصديق أنهم من النخبة.


دعونا نواجه الحقيقة المؤلمة: ليس لدى أي أحد منا إجابة على كل شيء. فالحياة أكثر تعقيدًا مما يمكن أن نتخيل، والأحداث ليست دائمًا قابلة للتفسير بسهولة، هل نمتلك الحقيقة المطلقة حول الحب والسعادة والنجاح والسفر والطعام؟ هل نحن خبيرون في التنبؤ بالمستقبل؟ بالطبع لا.


هل نطلب الكثير عندما نتمنى عالمًا يحتوي على أشخاص قادرين على أن يخرسوا ولو لساعة واحدة، ربما سيكون الهدوء هو أفضل هدية يمكننا تقديمها لأذنينا المتعبتين. في النهاية، يا أصدقاء، قد يتهمني البعض بالتناقض: "لكنك تتحدثين أيضًا، أليس كذلك؟"

عزيزي، أعترف بأن سؤالك أضاف لمسة من التحدي إلى جو المحادثة، لذلك يمكنك أن تبقى هنا للحظة وتستمتع بلحظة الفوز النادرة التي حققتها بإفحامي وإحراجي؟ أما أنا فلا يسعني سوى أن أطلب منك أن تُغلق فمك بمفتاح ثقيل وتلقي به في بحر عميق.

تقوى يوسف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تقوى يوسف

تدوينات ذات صلة